قامت مجموعة من الباحثون بفك جينوم الزرافة واقرب قريباتها، الأكاب  “okapi”. وتم نشره في يوم 17 من شهر مايو في مجلة نيتشر “Nature”، للكشف عن كيفية تطور العنق الطويل والسيقان عند الزرافات.
فقد قام الباحثون من الولايات المتحدة وتنزانيا بتحليل المادة الوراثية لكل من زرافتي ماساي “Masai” من محمية ماساي مارا الوطنية في كينيا، وواحدة من حديقة حيوانات ناشفيل “Nashville Zoo” في ولاية تينيسي “Tennessee”، كما قاموا بتحليل جينوم لجنين من حيوان أوكابي من مركز حفظ “White Oak” في يولي “Yulee” من فلوريدا.

ويقول ديفيد هاوسلر “David Haussler” مدير معهد الجينوم في جامعة كاليفورنيا “University of California” أن “هذا واحد من المظاهر الرائعة لقوة الجينوم، حيث يقوم بربط تطور الأنواع الحيوانية على هذا الكوكب إلى أحداث جزئية نعرفها، ويجب أن يقوم عليها هذا التنوع الاستثنائي للحياة على هذا الكوكب”.

نظرة عميقة للزرافات

يمكن للزرافات أن تصل إلى ما يقارب 6 أمتار، فقد تبلغ رقابها حوالي 2 متر. ولمنع فقدانها للوعي عندما تخفض رأسها لشرب الماء، يقوم القلب بعمل مضخة قوية للحفاظ ضغط الدم والذي يصل إلى 2.5 مرة من ضغط دم الإنسان. وللزرافات ظهر منحني وساقين طويلتين وجذع قصير للحفاظ على توازنها عند الركض، حيث تصل سرعتها إلى 60 كم في الساعة. ومع ذلك، فان اقرب الحيوانات إليها (الأكابر-يشبه حمار الوحشي) يفتقد لكل هذه التعديلات.

كما أشارت الأبحاث الجينية السابقة إلى أن الأكابر والزرافة افترقا من سلف مشترك قبل حوالي 16 مليون سنة، وهذا ما قاله الباحث المشارك في هذه الدراسة دوغلاس كافينير “Douglas Cavener”، وهو عالم أحياء في جامعة بارك في ولاية بنسلفانيا. بينما أشارت الدراسة الأخيرة أن النوعين تطورا بشكل مختلف في فترة متأخرة، حوالي 11.5 مليون سنة.

ولتحديد التغيرات الجينية المرتبطة بالصفات الوراثية الفريدة للزرافات، قام كافينير وزملاؤه بمقارنة التسلسل الجينات في جينوم الزرافة والأكاب، و40 من الثدييات الأخرى، بما في ذلك الأغنام والماعز والبشر.

 

القصة الطويلة

وجد العلماء حوالي 70 جين في جينوم الزرافة تكيفت بشكل لم يحدث في غيرها من الثدييات. ثلثي هذه الجينات هي شفرات للبروتينات المرتبطة بتنظيم جوانب مختلفة من النمو ووظائف الاعضاء، مثل الهيكل العظمي والقلب والأوعية الدموية. وعلى سبيل المثال، هنالك أربع جينات مرتبطة بنمو العامود الفقري والساقين.
ويقول كافينير “كل جينات الزرافة، توجد لدينا، وما يجعل الزرافة مختلفة هو بعض التعديلات والتغيرات الطفيفة”. ويضيف أيضا “بعض الجينات المحددة تشارك في تنظيم النمو والهيكل العظمي والقلب والأوعية الدموية. وهذا قد يغني أن الطفرات في عدد قليل من الجينات هي التي تقود التكيفات في الزرافة، مثل طول الرقبة ونظام التوربيني في قلب والأوعية الدموية بشكل متوازي”.

وتقوم هذه الدراسة في تحديد ودراسة الجينات المرتبطة بالتكيفات على الزرافة، ولكن لا تثبت دور هذه الجينات في تطور الزرافة. وقام كافينير بالاشتراك مع احد المشتركين في الدراسة وهو موريس اكابا “Morris Agaba”، عالم وراثة جزيئي في معهد نيلسون مانديلا الأفريقي للعلوم والتكنولوجيا في أورشا، باختبار إضافة طفرات على العمود الفقري والساق في الفئران باستخدام تقنيات تعديل الجينات. وقال كافينير مازحاً “سنتمكن من أطالة عنق الفأر”.

أنصار البيئة مثل ديريك لي “Derek Lee” وهو عالم بيئة في معهد “Wild Nature” من ولاية كارولينا الشمالية، يجدون انه الدراسة الجديدة تلفت انتباهنا إلى الخطر الذي تواجه الزرافات. ففي غابات السافانا، حيث تتغذى على أشجار أكاسيا، عادة ما تواجه الزرافات خطر الافتراس من قبل الأسود والضباع، وفي ال15 سنة الأخيرة تراجع أعداد الزرافات بحوالي 40% بسبب فقدانها لموطنها والصيد الغير المشروع للحصول على لحمها. وألان بقي منها 80 ألف زرافة فقط.
ويقول لي “أن انخفاض عدد الزرافات في البرية هو شيء يدعو للسخرية، فنحن سوف نخسر هذا الحيوان مع بداية فك شفرته الوراثية”.

 

المصدر: http://www.scientificamerican.com/article/genome-reveals-why-giraffes-have-long-necks/