انزعج من الذين يعتقدون انهم صاروا يمتلكون الصورة الكاملة والتي يرفضون تشويبها برؤى جديدة تفرض عليهم ان يعيدوا النظر في مقررات عقولهم. وفي الوقت نفسه فأنا ارفض بشكل قاطع الدراسات والبحوث او المواد التي يدعي اصحابها انها دراسات وبحوث متكئين على العلوم غير المثبتة والاساطير الشعبية في تفسير ظواهر معينة لم يتسنى تفسيرها حتى الان كما لا يمكن رفضها لانها موجودة على ارض الواقع وانكارها هو انكار للحقيقة ليس اكثر. اؤمن بقصور البشر حتى الان وبوجود الكثير من الاسرار لكنني في الوقت نفسه لا ادعي القدرة على تفسيرها.. وفق هذا المنظور قمت بإعداد هذه القراءة في كتاب Heart Code  الذي يستعين به البعض على انه دليل علمي لمجرد ان كاتبه بروفيسور وقد وصلت الى مواضع في الكتاب لم استطع ان اتمالك نفسي من الضحك اثناء قراءتها وصرت اتسائل أي بروفيسور يمكن ان يكتب هراء كهذا؟ غير انني اكملت جميع الفصول بقراءة سريعة خاطفة اتوقف خلالها بمواضع متعددة من كل فصل واحاول ان اعطي نبذة كاملة عنه وذلك لغرض واحد وهو إيصال فكرة عن الكتاب تغني الباحثين عنه قبل ان يخوضوا معركة البحث عن رابط التحميل وقبل ان يصدموا بما صدمت به.. ولعل كتابتي هذه تصل الى مريدي الكتاب عن طريق الكلمات الدالة في البحث والقارئ مخير بعد ان يطلع على هذه النبذة ان يخوض في هذا المنتج التجاري ام لا.

في البدء إهداء وتفاصيل كتاب إعتيادية لا تجعل الكتاب مختلفا عن غيره تتبعها صفحة ذات عنوانين مهمين جدا (Important note for the reader) و (Important request of the reader) في الاولى لم ينوه الكاتب الى ان كتابه عبارة عن تجارب فردية منفصلة عن نشاطه الاكاديمي والعلمي بل أشار الى انه بذل اقصى ما بوسعه لجعل المعلومة المقدمة في الكتاب دقيقة للغاية وقابلة للاعتماد وحديثة. كما اشار الكاتب لكتابه على انه Research أي بحث ونوه الى ان الباحثين من ذوي الاختصاص ما زالوا في آراء مختلفة حول محتواه وقال ان الكثير من النظريات المقدمة في الكتاب لم تدخل حيز الاعتراف بعد غير ان المجال الطبي مجال متغير بإضطراد. كما دعى المؤلف الى عدم اعتماد النظريات المذكورة كنظريات علاجية. أما الطلب الذي طلبه المؤلف من القارئ (Important request of the reader) فكان دعوة للتبرع بالاعضاء.

في الصفحة الخامسة بمقدمة الكتاب يذكر البروفيسور ان هذا الكتاب سيجيب على عدد من الاسئلة منها:

  • هل يمكن ان يكون للقلب ذكاء خاص منعزل عن الدماغ؟
  • هل يمكن للقلب ان يتفاعل بذاته مع العالم الخارجي كما يتفاعل الدماغ؟
  • هل كان تركيز الدراسات مكثفا على الدماغ مما غطى على الابحاث التي يمكن ان تكشف هذا الجانب في القلب؟
  • هل تتعلق التغييرات التي حدثت على اذواق وتفضيلات وشخصيات واحلام وتخيلات الاشخاص الذي خضعوا لعمليات زرع قلب بنوع من الذاكرة الخلوية Cellular Memory؟
  • هل من الممكن استعادة ذكرياتنا الخلوية بعد تبرعنا بقلوبنا أثر الوفاة من قبل الاشخاص الذين تبرعنا لهم؟ فيما لو كانت هناك وسيلة لفهم قانون القلب (Heart Code)؟
  • إذا كانت الخلايا تفكر وتتذكر الى حد معين فهل هناك حقيقة لوجود طاقة (L) المجردة من الزمان والمكان والتي يمكن ان تعطي نموذجا لترابط البشر مع بعضهم البعض؟
  • هل يمكن للقلب ان يستقبل ويرسل اشارات طاقية معلوماتية الى الانظمة غير البشرية (النباتات, الصخور, الاشجار او حتى المكائن)؟

واسئلة اخرى عدة على شاكلة هذه الاسئلة طرحها البروفيسور. ثم يذكر قصة المريضة التي تمكن الشرطة بواسطة احلامها من معرفة هوية قاتل الفتاة التي اعطي قلبها لها. على لسان المعالجة النفسية التي كانت المريضة تراجعها, وفي الحقيقة تمنيت ان يذكر اسم الفتاة او ان اجد فيديو لها وهي تتكلم او ان يذكر اسم القاتل او مكان الجريمة او اي تفاصيل تربط القصة بالعالم الحقيقي وذلك للتوثيق ولان الرواية تضعف عندما تكون عن مجهول.

التقى البروفيسور كما يذكر في مقدمة الكتاب أيضا بالكثير من المعالجين الطبيعيين والشامانات وكهنة الهنود الحمر والكهنة البوذيين وشامانات جزر هاواي أصحاب فكرة طاقة (L). ويصرح في صفحة 11 من المقدمة اننا بمنهجنا العلمي الحالي لن نتمكن من فهم قانون القلب وذاكرة الخلية والطاقة التي لا يمكن قياسها التي يمكن ان تحتوي على معلومات عن الروح. ويبدو جليا التوجه الروحاني للبروفيسور والذي قد يجعله بكتابه هذا بعيدا كل البعد وبصريح اعترافه عن طريقة التفكير العلمي الحالية. غير انه يشبه رفض هذه المجالات من الطب برفض علاقة الجراثيم بالامراض من المجتمع الطبي في بداية القرن التاسع عشر بشكل قاطع والاستهزاء بها ونفيها التام!

وفي نهاية التقديم يذكر البروفيسور مصادر بحثه وهي:

  1. خبراته الشخصية!
  2. دروس وخبرات السكان الاصليين!
  3. تجارب المرضى الذين خضعوا لعمليات زراعة القلب!

وكما يبدو فإن أيا من تلك التجارب لا تمثل دليلا علميا معتبرا يمكن اعتبار الكتاب بموجبه كتابا علميا. وقد استرسل الكاتب بالكثير من الكلام عن الروح والطاقة والقلب قبل ان ينهي المقدمة في صفحة 20.

الفصل الاول من الكتاب لا يحمل اي طابع علمي ببدايته ففي الصفحة الاولى من الفصل مقولة للمؤرخ البريطاني ارنولد توينبي وعنوان بأسفلها (Where are you?) ويستفتح به الكلام بهذا السؤال الذي يسأله للمرضى الذين يراجعوه مستغربا من حقيقة ان جميع المرضى حين يعبرون عن انفسهم فإنهم يشيرون بأيديهم الى قلوبهم. أو ان الناس حينما يسمعون اخبارا سارة او حزينة يضعون ايديهم على قلوبهم أيضا.

ثم يواصل البروفيسور الكلام في الفصل الاول بالتعبير بلغة بسيطة غير علمية عن دور الدماغ والقلب مع تركيز كبير على القلب ومقارنة الدورين معا. ثم ليتكأ في صفحة 29 على الطب الصيني وعلى دور طاقة الـچي (Chee) في العلاج. ثم يطرح الكاتب اختبارا خضع له اكثر من الف مريض قلب يضم 25 سؤال على شاكلة (هل انت على عجلة من أمرك؟) (هل انت مشغول دائما بحيث يخشى الناس ازعاجك؟) (هل تأكل بسرعة؟) واسماه H*E*A*R*T  إختصارا لـ (Heart Energy Amplitude Recognition Test) وتنعكس نتائج هذا الاختبار على طبيعة هدوء او صخب حياة الناس فجميع الذين شاركوا به من سكان المدن في الولايات المتحدة لم يستطيعوا ان يحرزوا رقما اقل من 21 في حين احرز البولونيزيون (سكان جزر بولونيزيا في المحيط الهادي) الذين تمتاز حياتهم بالبساطة وعدم وجود تقنيات حديثة معدل 8 فيما احرز الهاواييون (سكان هاواي) رقما اقل منهم ويربط الكاتب بين هذا الرقم وبين مقدار الطاقة في حياة هؤلاء الاشخاص.

الفصل الثاني (Unraveling the mystery of the fifth force) فيتطرق فيه الى وجود الطاقة الكهرومغناطيسية في جسم الانسان بشكل سرد بسيط غير علمي أيضا تحت عنوان القوة الخامسة وأيضا يتطرق الى علاقتها بالروح والى دورها في تكوين علاقات الترابط بين الناس ثم يلتفت الى ما يسمى الطاقة (L) ثانية وعلاقتها بالحب بين الناس. ويذكر ابتداء من صفحة 58 من الكتاب في الفصل الثاني مجموعة من الخصائص للطاقة (L) من كتاب (The meeting of science and the spirit 1990) ولا أدري كيف تم قياس هذه الخصائص التي منها ان سرعة الطاقة (L) تفوق سرعة الضوء بـ 186,000 ميل أو ان الطاقة (L) لا تتحدد بالعوائق المادية! ويستشهد على ذلك بقول ممرضة تعمل في زراعة القلب “استطيع الاحساس بدخول القلب الى صالة العمليات رغم انه محاط بوعاء معدني”!!! حتى تبلغ خصائص هذه الطاقة 20 خصيصة يستدل بها الكاتب بأدلة واهية عديمة الوزن كأحاسيس الممرضات والاطباء والشامانات! (بصراحة لم استطع ان اتمالك نفسي من الضحك حين قرأت استشهاد الكاتب بشعور الممرضة).

الفصل الثالث (Changing Portrait Of Heart) يفتتح هذا الفصل بتجربة تعرف بتجربة المئة قرد, يقول فيها الكتاب ان هناك مئة قرد تمت اضافتهم الى مستعمرة للقرود في اليابان, وان (ايما) إحدى إناث القرود الموجودة في المستعمرة ومن المئة قرد الجدد المنعزلين عن باقي القرود تعلمت مهارة جديدة واصبحت تغسل البطاطا ثم تأكلها. يقول الكاتب ان القرود القاطنين مع (إيما) تعلموا هذه المهارة في غضون ايام. غير ان باقي القرود في المستعمرة استطاعوا اكتساب هذه المهارة ايضا في الفترة ذاتها. ويعزو البروفيسور ذلك الى قانون القلب (Heart Code) وإلى وجود طاقة معينة انتقلت من هؤلاء القرود ادت الى تعلم باقي القرود هذه المهارة. وهنا لم اعد ادري وسط الخصائص والقدرات التي يسندها البروفيسور الى الطاقة (L) ما علاقة انتقال المهارة اليدوية التي هي امر عقلي صرف بالذاكرة الخلوية او القلب!؟ ثم ينتهي الفصل على غرار الفصل السابق بعشرة نقاط توضح موقع القلب من الجسم من ناحية الطاقة والنقاط على شاكلة (The heart responds directly to the environment) اي القلب يستجيب بشكل مباشر للبيئة!.

الفصل الرابع يفتتح بقصة لفتاة تستقبل قلبا جديدا وعن الانطباعات والتجارب المتعلقة بإستلام القلب لاسيما وان اسم الفصل (Receiving the most precious gift) ثم يعود الكاتب الى الطاقة تحت عنوان (The energy of a new heart) وكالعادة ليس هناك احصائيات او تجارب وبالكاد هناك بعض القصص المبعثرة وكم لا بأس به من تجارب الممرضات والاطباء واقوالهم.

في الفصل الخامس يتناول الكاتب الذاكرة الخلوية ويتناول مثالا جميلا عن الذاكرة الخلوية في صفحة 100 من الكتاب تحت عنوان (ذاكرة البرامسيوم) إذ يقول انه بإستمرار مراقبة كائن البرامسيوم الاحادي الخلية والذي يمتاز بعدم وجود دماغ لديه يلاحظ ان البرامسيوم بتكاثره يبقى محتفظا بذاكرة تؤهله للتغذي بكيفية معينة والسباحة بطريقة معينة مع انه كائن احادي الخلية ويستشهد الكاتب بذلك على وجود الذاكرة الخلوية والتي يعزوها الكاتب الى الطاقة (L).

ويقول الكاتب في صفحة 105 وفي الفصل ذاته انه لا دليل على وجود الية لخزن المعلومات في الخلايا سوى نوع من الطاقة المعلوماتية الموجودة info-Energetic والتي يعارضها معظم العلماء ويفترضون وجود اشارات كيميائية معينة لخزن الذكريات. ويضع الكاتب في نهاية الفصل الخامس النظريات الموجودة على الساحة والتي تفسر الذاكرة الخلوية منها النظريات العلمية ومنها نظريات العلوم غير المثبتة والروحانيات.

الفصل السادس يتكلم عن انواع القلوب وعن العلاقات الابوية والحب والطاقة المتبادلة اثر ذلك.

وبعد ذلك يأتي الجزء الثاني من الكتاب بعنوان معجزات الشفاء ووصلات الحب (Healing miracles and loving connections) في مطلع الفصل السابع تجربة بعنوان (Cardio Sensitive Inventory CSI)  أو احصائية تتضمن 50 سؤالا تتعلق بالحب والاكتئاب والعلاقات الاسرية وتتبنى استنتاجات مبنية على ذلك لتحديد نسبة الطاقة (L).

الفصل الثامن (Making contact with your heart) إصنع التواصل مع قلبك. ويحتوي على تلميحات دينية روحانية ونصائح متعددة للسكون الداخلي والانصات للقلب.

اما الفصل التاسع فيحمل عنوان (Lustful brain and loving heart) أي الدماغ الشبق أو الشهواني والقلب المحب. ويطرح فيه رؤية تتلخص بوجود علاقة وتبادل معين للطاقة بين قلب وقلب آخر كما يربط الكاتب بين الفعاليات التي يقوم بها الانسان اثناء ممارسة الجنس بحواسه الخمس وبين تبادل الطاقة الذي يجري خلال ذلك. ويستشهد على جزء من كلامه بإحصائية قام بها عن طريق جولات على مرض القلب الذين بلغوا حالات متقدمة قد تستدعي القيام بعملية زرع قلب ثبت فيها ان اي من هؤلاء لم يقم بأي نشاط جنسي مطلقا منذ اكثر من سنة أي منذ فترة من اصابته بالمرض القلبي. كما استشهد بدراسة اخرى معتمدة نشرت في مجلة (American Medical Association) الطبية الشهيرة اجريت على 1200 رجل و500 امرأة ثبت انهم لم يقوموا بأي نشاط جنسي منذ اصابتهم بالذبحة القلبية (Heart Attack). وقد عزى ذلك الى الاختلال بتبادل طاقة (L).

كما يتكلم في الفصل التاسع عن نقل القلب للطاقة الصوتية للنبضة وأثر الطاقة التي ينقلها القلب في شحن الجسم بطاقة معينة إثر كل نبضة يقوم بها.

الفصل العاشر بعنوان (Healing from the heart) يقدم فيه الكاتب تعريفا لمفهوم العلاج من وجهة النظر الغريبة التي يطرحها والتي تجمع بين مفاهيم الطاقة ومجالاتها وبين العلم. وينقسم الفصل بجميع انحاءه الى القلب (Heart) والعقل (Brain) في طرح ما سيتم علاجه ومم سيتم علاجه وكيف سيعالج ومتى سيعرف انه تمت معالجته وكيف ستتم معالجته. كما يطرح فيه مباحثا صغيرة في أثر الكآبة وحس الفكاهة وتوازن الطاقة في الجسم والحب

مراجع الكتاب بمعظها كتب على شاكلته منها كتب عن المعالجة النفسية وعن العلاج بالموسيقى والعلاج الطبيعي واسرار العلم والماورائيات وعن دور الصحة القلبية في العلاج من الامراض بالاضافة الى كتب في الطب الشعبي الصيني وغيره, وكتب في الروحانيات وعلوم الطاقة والمعالجة الروحية ودور الفكاهة في العلاج, حتى ان هناك كتب في الفلسفة وعلم النفس والدين مع القلة القليلة من الكتب العلمية المعتمدة في علم الاعصاب وجراحة القلب.

في النهاية, هل كان هذا الكتاب بوابة لعلم جديد؟ أم مجرد نافذة الى المجهول والعلوم غير المثبتة؟

بإمكاني أن اقول ان الكتاب اتكأ على ما يمكن ان يكون بوابة لعلم جديد لا يمتلك العالم وسائل لقياسه واثباته حتى الان من ظواهر مثيرة للاهتمام لكي يثبت جملة من النظريات الشعبية لدى السكان الاصليين يراها شخصيا مناسبة لتفسير تلك الظواهر التي يعجز العلم عن تفسيرها. لا يجدر بالكتاب ان يسمى بحثا او دراسة وهو كتاب تجاري ادى الغرض المطلوب منه إذ كان الاعلى مبيعا وفق استطلاع النيويورك تايمز. ولم تكن جولتي في الكتاب جولة في محتوى علمي بقدر كونها اشبه بمشاهدة طويلة لبرنامج اوبرا وينفري دامت خمس ساعات. وفي الختام آمل أن اشهد اليوم الذي نشهد به ثورة علمية جديدة تمكننا من ادراك الكثير من الظواهر التي نعيشها في حياتنا الشخصية والتي نقرأ عنها ولكننا لا نرى لها اي وجود او صدى في الاوساط العلمية التي مهما فعلت فلن تعدو عن كونها اوساط بشرية محددة بوسائل البشر الادراكية المحدودة.