لخزن مجموعة من الأرقام في الذاكرة العاملة قد تقوم بترديد تلك الأرقام بصوتٍ عالٍ، مثلاً هذه السلسلة من الأرقام ( 15873955846343758)، لكن كم رقماً ستستطيع أن تتذكر حالا؟

يقترح بعض العلماء انك ممكن ان تتذكر سبعة أرقام منها، تأكيدا لذلك: فقد تم نشر ورقة بحثية منذ خمسينات القرن الماضي تدعي انك من الممكن ان تتذكر سبعة أرقام، أو أكثر أو أقل من ذلك برقمين. حيث ان بعض العلماء اقترحوا ان الذاكرة العاملة للبشر ممكن ان تتذكر بين أربعة و تسعة أرقام، اما البعض الاخر فقد ذكر ان قابلية التذكر تقارب الأربعة أرقام.

بالنسبة للرقم أعلاه فإنك قد تتذكره على نحو ( واحد، خمسة، ثمانية، سبعة ) في هذه الحالة فإن كل رقم يعبر عن وحدة معلومات ستخزن في الذاكرة العاملة. كذلك بإمكانك تذكر الرقم على نحو آخر: إذا جمعت كل رقمين سوية مثل ( خمسة عشر، سبعة وثمانين، تسعة وثلاثين، وخمسة وخمسين). حيث انك في كلا الحالتين قد تذكرت اربعة وحدات من المعلومات، انها فقط مرتبة بطريقة مختلفة.

الذاكرة العاملة هي بمثابة لوحة العدادات بالنسبة لسائق السيارة. إنها المكان الذي تضع فيه المعلومات بصورة مؤقتة ويقرر الدماغ ما إذا كان مهمة ام لا ليتم حفظها بصورة دائمية.

في حالة توقف هذه الذاكرة عن العمل فان تذكر الأشياء سيكون كما هو الفرق مثلا بين ان يقول لك شخص شيئا ما او ان يريك هذا الشيء.

لذلك فإنه من المهم دراسة أنواع هذه الذاكرة بصورة مفصلة اكثر.

هناك اختلافات فردية بين الأشخاص في حفظ الأشياء بالذاكرة العاملة، وهي أحد مؤشرات قياس الذكاء لدى الأشخاص، حيث كلما زادت القدرة على خزن المعلومات في هذه الذاكرة كلما كانت اشارة الى مستوى ذكاء عالي لدى هذا الشخص.

السؤال الآن : لماذا يستطيع بعض الأشخاص حفظ معلومات أكثر من غيرهم في هذه الذاكرة؟

نسيان المعلومات ودوره في تحسين الذاكرة العاملة

لحسن الحظ ان دراسة جديدة قام بها مجموعة من العلماء في جامعة سايمون فريزر (Simon Fraser) وقد أظهرت لماذا يستطيع البعض حفظ معلومات أكثر من غيرهم.

قاد فريق العمل البروفيسور جون ماكدونالد ( Jone McDonald) وطالب الدكتوراه جون كاسبر (Jone Gasper) وذلك بدراسة الذاكرة المرئية للأشخاص من خلال تسجيل موجات الدماغ ومتابعة تأثرها حين يتم لفت الانتباه لشيء ما.

السؤال هنا: لماذا ندرس تأثير موجات الدماغ مع حالات لفت الانتباه؟ السبب أن لفت الانتباه لشيء ما يساهم بسرعه تذكر ذلك الشيء.

ان تسجيل عملية التذكر بلفت الانتباه للأشياء ليس وحده المهم هنا، حيث ان تفريغ العقل من المعلومات غير المهمة (بالنسبة لهذا الموضوع) يساهم أيضا بالتذكر وهنا يكمن الاختلاف بين الناس.

في هذه الدراسة تم التوصل إلى ان الناس ذوي القابلية الأقل في الذاكرة العاملة هم أنفسهم لديهم قدرة أقل على تفريغ العقل من المعلومات غير المهمة. وحسب ما قال الدكتور جون كاسبر: فإنه ليس الاهم هو كمية المعلومات التي تستطيع تذكرها بل هو قدرتك على تفريغ عقلك من المعلومات غير المهمة.

لذا فليس من المهم حشر كمية أكبر من المعلومات للذاكرة بقدر ما هو مهم حفظ هذه المعلومات.

في المرة القادمة حين تشعر بصعوبة في تذكر رقم هاتف أو صورة ما، فقط قم بتفريغ عقلك من المعلومات غير المهمة.

 

Julia Shaw, “Ignoring Stuff Is Good for Your Memory” MIND Guest Blog scientificamerican.com, February 29, 2016