أوبرا  مقدمة البرامج الحوارية الافريقية الامريكية  المشهورة والثرية والمعروفة كمحبوبة أميركا، والتي عانت الكثير من الفقر المدقع في طفولتها. لكن هل هي فعلا كما يصورها الإعلام؟ أم أن لها وجه آخر أو بالأحرى شخصية أخرى؟ لا يوجد أحسن من Ken Frazier الذي فهم وحلل أوبرا في رسالة أرسلها إلي واقتبستها بإذن منه:

” الذي يبدو لي إنها قد قامت بالكثير من عمل الخير. علمت الكثير على مكانة المرأة الأمريكية وغرست حب القراءة في كتابها كتاب برنامج النادي و اهتمت بالعديد من المشاكل الصعبة بجدية بشكل غير موجود في معظم البرامج التلفزيونية اليومية، وبنت ومولت العديد من المدارس في جنوب أفريقيا وأيضا كانت مثال للنجاح لملايين النساء في جميع أنحاء العالم.”

الشخصية الأخرى لأوبرا هي أوبرا الذكية الجذابة، امرأة  بقلب من ذهب لكن بفهم ضعيف للعلم الحديث. في برنامجها اليومي (والذي أعلنت عنه في موسم 2010-2011  في شهر نوفمبر بشكل مفاجئ للمشاهدين بأن البرنامج سوف ينتهي بعد عرض خمسة وعشرين موسم). شجعت بشكل متكرر العديد من الرجال والنساء الذين يدعون إلى آراء ووجهات نظر طبية سخيفة وفي بعض الحالات كانت تستطيع تؤدي بحياة شخص ما. وهذه هي شخصية أوبرا الساذجة التي سوف تكون عنوان  مقالنا هذا.

يمكن انك قد لاحظت أنه في كل صورة لأوبرا سواء في غلاف صفحتها (وهي تظهر في كل اغلفة الصفحة دوماً) أو في أي مكان آخر إنها تبدو صغيرة وجميلة. لكن في غلاف الصفحة في 8/يونيو/2009 لم تكون صورتها كما هي في مجلة اخبار الاسبوع (newsweek). في حروف كبيرة بيضاء كتب على شعر رأسها كلمات ( كلام مجنون.  أنت وأوبرا والعلاجات السخيفة)      

نزلت قصة الغلاف بكتابة Weston Kosova and Pat Wingert كالقنبلة لأنه ولأول مرة ضربت ملكة التلفزيون أوبرا في مجلة ذات شعبية عالية لتشجيعها وثنائها المستمر للآراء الطبية المشبوهة وأيضا لأشكال أخرى من العلوم الزائفة. لكن قبل تغطية هذا الخبر دعونا نلقي نظرة سريعة على حياة أوبرا المدهشة.

ولدت أوبرا جيل وينفيري في كوسكيستو في ولاية ميسيسيبي في عام 1954 لمراهقين غير متزوجين وانفصلا بعد ولادتها بفترة قصيرة. تربت أوبرا على يد جدتها في حالة شديدة من الفقر حتى أن ثوبها كان مصنوع من أكياس البطاطس. اغتصبت في سن التاسعة وتحرش بها كل من عمها وابن عمها وصديق للعائلة. حملت وهي في سن الرابعة عشر وأنجبت ابنها الوحيد الذي لم يتعدى مرحلة الرضاعة.

لقد كانت أوبرا طالبة متميزة في ثانوية ناشفيل وحصلت على منحة إلى جامعة ولاية تينيسي Tennessee State University وبعد سنتين من الدراسة في الجامعة بدأت العمل في الإذاعة والتلفزيون والذي أوصلها إلى تقديم أفضل برنامج يومي في العالم.

واليوم أوبرا تعتبر أقوى امرأة أمريكية وتمتلك ثروة هائلة. وأيضا برنامجها يبث في مدينة شيكاجو ويقع بيتها في قطعة أرض كبيرة في مونتيسيتو بكاليفورنيا Montecito, California

وألان لنلقي نظرة على مصيبة اوبرا الكبيرة في تقرير مجلة  أخبار الأسبوع (newsweek) :

سوزان سومرز

سوزان سومرز

يبدأ الموضوع بالحديث عن كثرة الظهور المفتن للممثلة سوزان سومرز (Suzanne Sommers)  في برنامج أوبرا . تقوم سوزان بفرك إحدى ذراعيها بكريم الاستروجين وحقنه في مهبلها لمدة أسبوعين شهريا وأيضا تدهن ذراعها الأخرى بمادة البروجسترون. بالإضافة إلى ذلك تقوم بتناول العديد من الفيتامينات المكملة وأخيرا تستخدم ملصقات النانوتكنولوجي لتخفيف الوزن وجلب النوم. تدعي سومرز بأنها تستخدم فقط منتجات طبيعيه‌ وتنتقد شركات العقاقير الطبية التي تجني المليارات وهي مقتنعة بمنتجاتها المضرة.

تشجيع أوبرا لآراء سومرز الطبية لا حدود له. وحثت مشاهديها على شراء كتاب الممثلة (عامل نفسك). لم تكتفي بذلك فقط بل أخذت بنصيحة سومرز وتعاطت الاستروجين وكتبت في مجلتها O  المعروفة ” أحسست كما لو أن النقاب قد رفع وبعد ثلاثة أيام أصبحت السماء أكثر توهجا ولمعانا وعقلي لم يعد مشوشا وذاكرتي أصبحت حادة وكانت الابتسامة لا تفارق وجهي وكانت خطواتي مليئة بالثقة والسعادة.

الاطباء المتخصصون يخالفون سومرز ويسخرون من حاجتها إلى كل هذه العلاجات. إن الاستخدام المفرط للهرمونات كما يقولون له القدرة على زيادة خطر التعرض لأمراض وأزمات القلب وقد يسبب السرطانات.

“لقد صدمني خبر أن أوبرا تؤيد نصائح سومرز، ويجب أن أعترف بأن الخبر قد قلل احترامي لها ” قالت سينثيا بارسون  (Cynthia Parsons) المدير التنفيذي للشبكة التطوعية الوطنية لصحة المرأة.

ضيف أخر متكرر في برنامج أوبرا وهي جيني مكارثي (Jenny McCarthy) ممثلة ونجمه للعديد من الأفلام والبرامج الكبيرة. بدأت شهرتها كعارضة في مجلة بلي بوي (playboy) وعرفت بعد ذلك بخفة دمها.

جيني مكارثي

جيني مكارثي

ذكرت مكارثي في المقال بسبب جهودها الجبارة في إقناع العالم بأن مرض التوحد يحدث بسبب التلقيحات. أنجبت ولد وأصيب بمرض التوحد وتصر على أن سبب مرضه هو تلقيحه ضد مرض الحصبة وضد أمراض أخرى. في كتابها أعلى من الكلمات (Louder Than Words)، في فصل رحلة أم في الطريق إلى الشفاء ادعت بأن العلاج بالمعادن السامة كالزئبق والرصاص ساعد ابنها. يعتبر هذا العلاج الذي يقوم على أن سبب التوحد هو استخدام الزئبق في ما مضى في اللقاحات وهو علاج زائف في رأي أغلب الأطباء حول العالم.   

فكرة أن اللقاحات تسبب مرض التوحد قد تم نقضها من قبل عشرات الدراسات  ولكنها لا تزال تتغلغل في أذهان بعض الآباء المغفلين. انطلت الفكرة الأسطورة على أوبرا وشجعت سخافات جيني مكارثي في العديد من البرامج. في شهر مايو 2009م أعلنت أوبرا أن شركة إنتاجها قد وقعت عقدا مع مكارثي لإقامة برنامجها الخاص. حملة مكارثي لا تختلف عن الأساطير الشفائية المسيحية للعلم المسيحي وسوف تؤدي إلى موت العديد من الأطفال الذين سوف يصابون بالعديد من الأمراض الفتاكة نتيجة عدم التلقيح.

الدكتورة كريستين نورثروب (Christine Northrop) الطبيبة التي تعارض التطعيم أيضا ضيف في برنامج أوبرا. يبدو أن أراها الطبية قريبة ومرتبطة بخرافات العصر الجديد (new age) للصوفية، والذي يهتم بالروح والجسد. تستخدم نورثروب  أوراق التاروت (tarot cards) في تشخيص الأمراض وتقوم ببيع أوراقها التي تسميها الأوراق الحكيمة  الصحية للمرأة.

تنصح نورثروب النساء اللاتي يعانين من مشكلة الغدة الدرقية بأخذ مكملات اليود (iodine). بينما وفقا للدكتور ديفيد كوبر (David Cooper) أستاذ الغدد الصماء في جامعة جونز هوبكنز أن تناول النساء لليود يؤثر على حالة الغدة الدرقية إلى الأسوء ويطلق على فكرة اخذ اليود كمكمل غذائي بالهراء والكلام الفارغ.

أما في عام 2004  فقد اثنت أوبرا على نوع جديد من الجراحة التجميلية التي تسمى الرفع الخيطي (thread lift). تستخدم في العملية إبرة حادة تغرس في الجلد لتشده وقد عرضت أوبرا فيديو للعملية ملحق بصور لما قبل العملية وبعدها. وفقا لمجلة أخبار الأسبوع (Newsweek) صور ما قبل العملية كانت بدون ماكياج وفي إضاءة سيئة باهتة وأما صور ما بعد العملية كان وجهها مغطى بماكياج كثيف بعد ذلك قامت أوبرا باستدعاء المرأة من بين الجمهور وسط تصفيق حار بوجهها المغطى بالماكياج. وقد منع   الرفع الخيطي بسبب عدم استمرار أثره وتسببه بترك ندوب.

محمد اوز

محمد اوز

لا تزال أوبرا تقدم البدائل للجراحة التجميلية. أخر بدائلها الجنونية يدعى التحميم أو الاستحمام (thermage) والذي يستخدم موجات الراديو لشد الجلد. الالة التي تنتج الأشعة سعرها 30,000 دولار وقد ارتفعت مبيعاتها بعد ترويج أوبرا لها وسكوتها عن خطورة العلاج بهذه الالة التي قد تسبب الندوب والتي تنبه لها الشركات المصنعة للآلة.

هنالك أيضا ضيف أخر متكرر يقدم النصائح الجيدة لتخفيف الوزن والمحافظة على الصحة وهو الدكتور اوز محمد اوز (Mehmet Oz)، الجراح التركي الامريكي في جامعة كولومبيا. بالرغم من أن لدى الدكتور أوز ببرنامجه الخاص الذي يدعم العديد من الأطعمة الغذائية المكملة الغالية الثمن مثل acai berry, MonaVie, Roservatol والتي ليس له أي فائدة زائدة عن أي حمية غذائية متوازنة. وأيضا يقوم بدعم العلاجات البديلة مثل الوخز بالإبر والذي قام بمدحه في برنامج أوبرا متجاهلا أن معظم الدكاترة يعتبرونه غير مفيد بأي شكل سوى فائدته كعامل النفسي. يمكن أيضا أن نلومه لسكوته على كلام أوبرا الملى بالخزعبلات.

يمكن القول بأن الدكتور اوز استمد الهامة من الصوفي السويدي (Emanuel Swedenborg) الذي كتب عن تجربة خروجه من جسده وزيارة الكواكب الأخرى وكتابته عن ساكنيها.

أفضل كتاب للدكتور اوز هو  الشفاء من القلب  Healing From the Heart وأيضا شارك في تأليف كتاب You Being Beautiful والذي هو أخر مجلدات كتاب YOU.  

حماس أوبرا لكتب حركة العصر الجديد وصل إلى قمته عندما شجعت كتاب السر  الذي يمكن وصفه بأنه مجموعة من الكتب الساخرة المضحكة بواسطة Norman Vincent Peale ومحتواها أنه بدلاً من عمل الله للمعجزات وتسير الكون. فإن الكون نفسه هو الذي يقوم بعمل ذلك. سر هذه الكتب هو أن الكون يتكون من طاقة مهتزة والتي يمكن استغلالها  وتركيزها إلى اجوافنا أو قرارات أنفسنا ومع بعض الأفكار الإيجابية يمكنك الحصول على أي شي تريد كالسعادة والحب وبالطبع الثروة الهائلة. ما عليك إلا أن تفكر فيما تريد. تريد أن يخف وزنك إذن توقف عن التفكير بفكر مسمنه وفكر  بفكرة تخفف وزنك وإذا أردت أن تصبح غنيا كلما عليك هو أن تفكر في الغناء.

روندا بيرن وكتاب السر

روندا بيرن وكتاب السر

“لقد تحدثت عن هذا الموضوع لسنين أنا فقط لم أكن أطلق عليه السر ”  قالت اوبرا عن كتاب السر.

السر كان في البداية فيلم تم إنتاجه في أستراليا بواسطة الكاتب من حركة العصر الجديد (new age) وتحديداً من قبل روندا بيرن (Rhonda Byrne). وبعد ذلك بسنتين تم إصدار الكتاب في أمريكا بواسطة استريا (Astria) بصمة وإنجاز مؤسسة سايمون ان شوستر (Simon and Schuster). المحررون في سايمون اند شوستر يميزون الكتاب الناجح بمجرد قراءة الصفحة الأولى. تم تمريره بواسطة ماري بيكر ايدي (Mary Baker Eddy) وأكملت المسيرة مشكورة أوبرا ليتم بيع سبعة ملايين نسخة فقط في الولايات المتحدة. مجلة التايمز Time نشرت مقالاً عن أكثر 100 شخصية مؤثره في العالم وضمت روندا بيرن واعتبرت هذه الحركة سوء فهم وسوء للتقدير. وهي تعيش الآن في ولاية كاليفورنيا بالقرب أوبرا وممتلكاتها. ثروتها الهائلة مؤكد بأنها إثبات لسرها للاطلاع أكثر يمكنك قراءة المقال أكاذيب وأسرار حول الكتاب.

دعونا نسمح للدكتور David Gorski, طبيب في جامعة Wayne State بان يختم الكلام ” الخلاصة هي أنه عندما يتعلق الأمر بالطب والعلم فإن أوبرا وينفري هي قوة  في صف المرض”.     

 المصدر:

Martin Gardner, “Oprah Winfrey: Bright (but Gullible) Billionaire”, Skeptical Inquirer Volume 34.2, March / April 2010