ملاحظة: هذه الدراسة لا تختبر فعالية العلاج بالابر الصينية وليست مصممة لذلك ابداً.

كتب المقال: ستيفن نوفيلا 

دراسة أخرى تُروج للعلاج بالوخز بالابر او ما يُسمى بالابر الصينية، والموسومة بـ دراسة المقارنة بين تأثير الوخز بالابر الكهربائي مقابل الوخز بالإبر الأذني، حيث أجريت هذه الدراسة في مركز سالون-كارتينج لعلاج السرطان، ويروج هذا المركز بأن هذه الدراسة هي أضخم تجربة سريرية في هذا المجال، وهذين النوعين لعلاج الآلام أثناء التعافي من مرض السرطان.

مختصر النسخة المطولة لهذا النقد، ان هذه الدراسة لا يتم التحكم بها بواسطة العلاج الوهمي، فلهذه الدراسة ثلاثة أذرع: الأولى الوخز الكهربائي، والثانية الوخز الاذني، والثالثة العناية الاعتيادية

اما الخلل الآخر فقد تمت تعمية جامعي البيانات (المقيّمون) بواسطة الجمع التخصصي [التعمية إجراء بحثي حيث يتم العمل بدون معرفة ماهية مضمون الدراسة او محتواها]، أما المشاركون من المرضى فلم تتم تعميتهم على الإطلاق، فهم يعلمون أنهم يتلقّون الوخز بالإبر، وهم على علم بما  يُفترض ان يفعله هذا الوخز. 

ولكن ما هو الغرض من تنفيذ تجربة سريرية ضخمة يكون الناتج عنها هو الألم؟ ولا تكون معتمة بشكل كامل عن المشاركين؟ الجواب واضح وتجده عندما تقرأ الملخص الترويجي لنتائج الدراسة. 

المُخرج الأساسي لهذه الدراسة هو تسجيل مستوى الألم في الأسبوع الثاني عشر من التجربة، حيث سُجلت قيمة 1.9 لأولئك الذين طُبّق عليهم الوخز الكهربي، أما الذين طبّق عليهم الوخز الأذني فقد سُجلت قيمة 1.6 من مقياس 1-10 وهو الأدنى، وان قيمة درجتان في هذا المقياس تُعتبر ذات أهمية في الدراسات السريرية بشكل عام. لذلك فإن هذه النتائج تبدو (متواضعة) في  افضل الاحوال. وهذا جيد ضمن ما سوف نراه من التأثير السيكولوجي الوهمي (البلاسيبو)، وحيث ان إدخال أي عنصر مستحدث في التوجيه العلاجي يفترض ان يُنتج بعض المنافع، لذلك؛ فإنه كلما كانت ضراوة العلاج اعلى، سيزيد التأثير الوهمي. فالأبر تنتج تأثيراً وهمياً أكثر مما تُنتجه الحبوب، فلو أضفت الصعقات الكهربية ستكون قد زدت من هذا التأثير أكثر. 

بإختصار؛ ان نتائج هذه الدراسة تتلاءم مع التأثير الوهمي، ولا يوجد أي مُسوغ للاستنتاج بأن التداخلات الوخزية لها تأثيرات فسيولوجية. وهذه الدراسة لم تُصمم لإثبات تأثير الإبر الصينية؛ فلماذا تم اجرائها إذن؟ 

هذه الدراسة ودراسات مُشابهة لها صممت لأجل غرض واحد فقط، وهو الترويج للعلاج بالوخز، او الطب الصيني الشعبي او كل ما يوضع تحت عنوان “الطب التكاملي” هو دعاية (بروباغاندا) ولا علاقة لها بالعلم. 

تزعم حجة هذه الدراسة أنها تقوم على اظهار مدى جودة الوخز الأُذني مقابل الوخز الكهربائي، وقد فشلت هذه الدراسة في ذلك. 

حيث لم تُصمم هذه الدراسة لإظهار الفعالية الحقيقية لأي نوع من النوعين، ولسبب بسيط؛ هو ان النوع القديم (الأُذني) بنفس جودة النوع الحديث (الكهربائي)، ولكن تفشل الدراسة مجدداً في الحصول على النتيجة المرغوبة. ومن هذا المنطلق تعتبر هذه الدراسة سالبة، الا ان الدراسات السالبة لا تروج للوخز بالابر الصينية. 

بالرغم من فشل الدراسة في إظهار تفوق أحد نوعي الخز على الاخر، وان هذه الدراسة في حقيقتها لم تُصمم لإظهار جدوى الوخز وفعاليته، الا ان مركز سرطان سالون-كاترنج (MSK) استخدم هذه الدراسة للترويج للأبر الصينية تحت عنوان “نوعان من الوخز بالإبر بإمكانهما إزالة ألم المتعافين من السرطان”.

يروج مركز  (MSK) لخدمة الطب التكاملي التي يقدمها، بالادعاء بفاعلية الوخز بالإبر: “أظهرت الأبحاث بأن الوخز بالإبر يساعد في علاج الألم، والإعياء، والأرق، والاعتلال العصبي، والغثيان” 

كلا؛ لم تُظهر الابحاث [الرصينة] ذلك، بل ان خرافة الوخز بالابر الصينية بُنيت على أساس دراسات كهذه والتي تتصف بأنها (غير مُصممة لتُظهر فعالية موضوع البحث، أنها ذات مشاكل منهجية بالغة، او أنها ذات نتائج سالبة وتُسوّق على أساس أنها ذات نتائج موجبة). وعندما تصل بالنهاية الى دراسات الوخز بالإبر والتي تكون موجهة ومعمّاة على نحو جيد، ستجد ان النتائج سلبية على وجه العموم. وتستنتج التقييمات المنهجية عامةً، إن الدليل ضعيف وغير كافِ ليدل على الفعالية، او ببساطة ان اثبات فعالية الابر الصينية بحاجة إلى دراسات اكثر صرامة، بلا أي اشارة فإن موضوعة الوخز بالابر وقعت في مغالطة عبء الإثبات-[تحصل حينما يُنقل عبء إثبات نظرية ما إلى جهة خاطئة. وتحصل أحياناً اخرى حينما يكون ضعف الإثبات في جهة معينة من النظرية دليلاً على صحة الجهة الأخرى بدون وجود إثبات لصحتها]-فيما إذا تمت دراستها بظروف تعمية ملائمة قد تُظهر قيم إحصائية ثابتة وهامة، و تأثيراً سريرياً جسيماً. 

البحث فاسد كالدراسة، والتي تتكون من تداخلات مختلطة كالوخز الكهربائي، والذي هو عبارة عن تحفيز كهربي عصبي تحت الجلد، وعند تطبيق هذا التحفيز في نقاط وخز مزعومة، لا يمنع من ان يكون مجرد تحفيز لا اكثر، وان الاستدلال بهذا التحفيز ما هو إلا تعكير الماء في سبيل الزعم الخاطئ بأن للوخز بالإبر تأثير ما. 

كل ما سبق يتوافق بأن الوخز بالإبر يتوافق مع أنه ليس اكثر من ان يكون علاج وهمي موسّع (بلاسيبو)، وهذه الدراسة لا تُغير كثيراً من هذا الاستنتاج، ولكن نرى كيفية استخدام مركز (MSK) لهذه الدراسة في الترويج للإبر الصينية، وعندما سُئل مُعد هذه الدراسة عن المرجو من نتائجها؛ أجاب: “أتمنى من ان تؤدي نتائج هذه الدراسة إلى ان يغطي الضمان الصحي  تلقي المتعافين من السرطان العلاج بالوخز”. وهذه هي غاية هذه الدراسة، لكي تروج لعلامة تجارية او تكتل ما من اجل الحصول على تغطية الضمان الصحي، عليك ان تُصمم دراسة لا تقيس الكفاءة، وذات نتائج موجبة.

وبرأيي إن دراسات كهذه تكون غير أخلاقية، فالوخز بالابر او الابر الصينية ما هي الا فرضية خاطئة يجب ان يتم رفضها، وإذا كان هناك من يتمسك بهذه الخرافة ويرغب بدراستها حتى الآن، فالدراسة المناسبة والأخلاقية هي تلك التي تُصمم بصورة صحيحة للإجابة على السؤال: هل الوخز بالابر ذو فائدة علاجية ام لا؟ أما هذه الدراسة فهي ليست كذلك مطلقاً. 


المصدر: 

Steven Novella, “A Worthless Acupuncture Study in Cancer Patients“, sciencebasedmedicine.org, March 24, 2021