قد يبلغ الانحطاط ببعض الدجالين أن يتقمصوا بعض المصطلحات العلمية ليعطوا لأنفسهم قيمة معينة أمام الجمهور، لكي يكسبوا المزيد من الأتباع و/أو الزبائن، لكن أين يبلغ الإنحطاط في من يتقمصون مصطلحات للعلم الزائف لا يفهمها الجمهور نفسه لكي ينالوا مزيداً من الأتباع؟ المسمري نسبة إلى المسمرية في التنويم المغناطيسي، هذا هو عنوان مهنة لدجال يتوسط العاصمة العراقية بغداد بلافتة كبيرة ضوئية للدعاية لمركزه “العلاجي” في العاصمة التي صارت تعج بالدجالين ومراكزهم العلنية والتي تتزايد شعبيتها شيئاً فشيئاً.

زعم فرانز مسمر في القرن الثامن عشر أن التنويم المغناطيسي يحدث نتيجة قوة صادرة من المعالج أو المنوم المغناطيسي الى المريض وقد أقترن إلى حدٍ ما بالتنويم المغناطيسي حتى يُقال أحياناً “mesmerize” بمعنى نَوَمَ شخصاً. تم تفنيد ونقد مزاعم مسمر سريعاً واندثرت في حقبة مبكرة من العلاج النفسي الذي اقتصرت المزاعم عليه ولم تقترح معالجة قضايا فسلجية أو أمراض معينة كما يفعل الدجالون في بغداد مع باقة من الوسائل الأخرى المطعمة بالنكهة الدينية مثل الرقية والعلاج بالقرآن. فهل كان يتوقع مسمر الباحث عن الشهرة أن المسمرية ستعود كعنوان لمهنة طبية في مدينة كبغداد يوماً ما؟

لن نضع المزيد من المقدمات حول المسمرية هنا فهي طريقة بائدة للعلاج النفسي قدمها شخص ولد في سنة 1738 وتم تفنيد الطريقة من بعده. لكن نتسائل هل يُمكن للجمهور الذي سيرتاد الدجالين الجدد في بغداد أن يميز الكذب والاحتيال في هؤلاء؟ هل يقرأ ذلك الجمهور أي نوعٍ من الكتابات في الانترنت أم غيره؟ هل يستطيع أن يستوعب علماً أم إنه يعيش في عالم تقوده قوى السحر والجن والطاقات الايجابية؟ (للإطلاع على المزيد حول المسمرية إقرأ المقال).

ننصح عبر هذا المقال قرائنا بالإستمرار بتوجيه الناس وتسفيه الخرافات من هذا النوع والعلوم الزائفة. وقد يقول قائل لماذا ندعو لتسفيه العلوم الزائفة من مقال كهذا؟ ما علاقة العلوم الزائفة في أشخاص لم يفهموها حتى؟ في الواقع إن منبع الكثير من تلك الأكاذيب ومنها ما توصل إليه الدجالون في بغداد هو من كتابات العلم الزائف، إنها متوفرة عربياً بكثرة وموجودة في مدونات عديدة وحافلة بالمصطلحات المغرية لكل دجال. إن عالماً يتكون من غير المتعلمين والعلماء سيكون الصوت فيه للعلماء ليقودوا الآخرين لبر الأمان، أما بوجود أنصاف المتعلمين القادرين على تزويق الكلمات وطلاء المفاهيم فهو عالم خطر وحافل بأنواع لا تحصى من الدجل.

نختم المقال بدعوة لوزارة الصحة العراقية ووزارات الصحة في البلاد العربية لمحاربة هذه الأماكن كما ينبغي، ومقالنا هذا ليس الأول في نقد إنتشار دكاكين ومراكز الخرافة في بلاد العرب.