التعبير الجيني لادمغة الاشخاص المصابين بالتوحد مشابهة لادمغة الاشخاص المصابين بمرض الفصام. فالنتائج التي نشرت عمقت الصلات بين الحالتين، كما يقول المسئول عن الدراسة دان اركينك (Dan Arking) استاذ مساعد في الطب الجيني في جامعة جونز هوبكنز (Johns Hopkins University) في بالتيمور بولاية ماريلاند.

فالاشخاص الذين يعانون من الفصام و التوحد يتشاركون بعدة خصائص، منها اضطرابات اللغة وصعوبة فهم افكار الاخرين ومشاعرهم، كما انهم يمتلكون عوامل المرض الجينية نفسها. ويقول اركينك “اعتقد الآن انه اصبح باستطاعتنا النظر الى انها تداخل مشترك في التعبير الجيني”.

وتستند هذه الدراسة على الدراسة سابقة قام بها فريق اركينك، حيث صنف التعبير الجيني لانشجة مخ 32 شخص مصاب بالتوحد بعد وفاتهم، و40 شخص في مجموعة ضابطة (مجموعة للمقارنة والقياس في الدراسة). وقام الباحثون في هذه الدراسة بإستخدام تلك البيانات بالاضافة الى بيانات معهد ستانلي للبحوث الطبية (Stanley Medical Research)، والتي حللت 31 شخص مصاب بالفصام، 25 من المصابين بمرض الاضطراب الثنائي القطبية، و26 آخرين من مجموعة ضابطة.

وجد الباحثون ان 106 جين موجودة في ادمغة الاشخاص المصابين بمرض التوحد و انفصام الشخصية بحالاتها البسيطة في المجموعة الضابطة. وتساهم هذه الجينات في نمو الخلايا العصبية، وخاصة تلك التي تساهم في التقديرات طويلة الاجل والتي تقوم بنقل الاشارات العصبية المتقاطعة، او نقاط الاشتباك العصبي بين الخلية واخرى. كما ان النتائج مشابهة مع نتائج دراسات سابقة اشارت الى دور الجينات في نمو الدماغ في الحالتين.

ويقول جيرمي ويلزي (Jeremy Willsey) استاذ مساعد في الطب النفسي في جامعة كاليفورنيا (University of California) في سان فرانسيسكو، والذي لم يشارك في الدراسة “من ناحية تعتبر هذه الدراسة امر مثير لانها تخبرنا بان هنالك الكثير من التشابه. ومن ناحية اخرى، ان التشابه قد تعتبر من الامور العامة الى حداً ما”.

الارتباطات القوية بين التوحد والفصام

معظم الدراسات السابقة التي درست التعبير الجيني عند مرضى التوحد ومرضى الفصام لا تنطوي على أنسجة المخ، فقد اعتمدت على الدم او الخلايا العصبية المشتقة من الخلايا الجذعية. فيقول جون ماكليلان (Jon McClellan) استاذ الطب النفسي في جامعة واشنطون (University of Washington) في سياتل، والذي لم يشارك في الدراسة، انه “إن الأهم هو بما تبدو عليه ترنسكربيتومات الدماغ” – الترنسكربيتوم هو مجموعة جزيئات المادة الوراثية الرنا RNA في خلية واحدة.
كما ان الانماط الشائعة ظهرت في مجموعتين من البيانات المتفاوتة والتي تنطوي على تصميم الدراسات المختلفة ومناطق الدماغ.
وفي هذه الدراسة وجد ان التعبير الجيني للاشخاص المصابين بالفصام لا يتشابه مع التعبير الجيني عند الاشخاص المصابين باضطراب ثنائي القطبية. على الرغم من انه كان يعتقد بان هنالك ارتباطات وراثية قوية بين الفصام واضطراب ثنائي القطبية منها مع التوحد. وان اقيمت دراسة اكبر قد تكشف عن الارتباطات بين الحالتين.
كما ان اوجه التشابه في التعبير الجيني بين الفصام والتوحد يمكن ان يتبع الية مشتركة في الحالتين، او انها قد تعكس العمليات المشتركة التي تعوض عن التغيرات الاخرى في الدماغ. وتقول شانون اليس (Shannon Ellis) والتي قامت باجراء تحليلات كطالبة دراسات عليا في مختبر اركينك “نحن لا نستطيع ان نعرف ان هذا هو السبب او المسبب”.

الجينات الضعيفة

من خلال مقارنة النتائج مع تحليل التعبير الجيني، يمكن للباحثين جمع بعض التلميحات حول العلاقات السببية. فالجينات التي تغير التعبير عند الاشخاص الذين يعانون من مرض التوحد او الفصام ليست تلك التي ظهرت في دراسة الروابط على نطاق الجينوم في هذه الامراض. فقد صممت هذه الدراسة لكي تكشف عن المتغيرات الشائعة التي تحدث في الكثير من الاحيان عند الاشخاص المصابين بالحالة من عموم الاشخاص.

النتائج المتباينة في هذه الدراسات المختلفة تشير الى ان التغيرات التي تحدث في التعبير الجيني في ادمغة الاشخاص المصابين بمرض الوحد وانفصام الشخصية لا تسبب بهذه الحالات. ويقول اركينك “ما نراه هو نوع من التبعات اللاحقة من الأثر الرئيسي”.

الدراسة تشير الى ان الجينات الجديدة قد تلعب دور في هذه الحالات. فقد وجد الباحثون نوعين من الجينات تقع على الكرموسوم 12، يطلق عليها IQSEC3 و COPS7A تقوم بالتعبير بمستويات منخفضة بشكل غير معتاد في التوحد وانفصام الشخصية واضطراب ثنائي القطب.

ولا يعرف الباحثون الكثير عن هذين الجينين، كما انها قد لا تشارك في جميع الحالات من هذه الاضطرابات. ومع ذلك فانها تستحق المتابعة، كما يقول اركينك. IQSEC3 على وجه الخصوص قمع بشكل كبير في الحالات الثلاثة. ويقول اركينك “من الصعب ان نتصور انه ليس لاعبا مهما بطريقة ما”.

 

المصدر: http://www.scientificamerican.com/article/brain-tissue-study-deepens-autism-schizophrenia-link/