“انه ليس طبيعياً، يمكنك الاختيار، انه مرض، هنالك علاج”. مثل هذه العبارات يرددها أولئك الذين يعتبرون المثلية غير مقبولة أخلاقيا أو غير مسموح بها. وقد تستخدم كحجج لترسيخ التحيز والتمييز وسوء المعاملة. وللأسف تعتبر مضرة لمثليي الجنس بدفعهم إلى عملية “الإصلاح”.

وعلى الرغم من قيام الجمعية الأمريكية للطب النفسي (American Psychiatric Association) بإصدار قرار سنة 1970 برفع المثلية الجنسية من اعتبارها (اضطراب disorder) أو (اضطرابات شخصية معتلة اجتماعيا sociopathic personality disturbance) فلا زالت فكرة أن التوجه الجنسي يمكن تغيره قائمة إلى ألان من خلال منظمات مثل الرابطة الوطنية للبحوث وعلاج المثلية (National Association of Research and Therapy of Homosexuality) وكذلك منظمة اكسودوس العالمية (Exodus International).

إن فكرة إمكانية الشفاء من المثلية الجنسية متجذرة في مدرسة التحليل النفسي لفرويد، حيث تنص خلاصة فكرته غير العلمية “بأن الناس يولدون بميل ثنائي الجنس (Bisexual) ومن الممكن أن ينتقلوا الى أي من الطرفين على جانبي متسلسلة الميول الجنسية”. رغم ذلك فهذا الرأي لا يتفق مع حجة أن المثلية هي شذوذ لا بد من علاجه. فإذا كان يمكن للمرء أن يتشكل بواسطة ميل طبيعي، إذاً لا يوجد خلل لكي نعالجه في المقام الأول. ومع ذلك فإن هذا الرأي غير العلمي يدعم الحجة التي تزعم أن التوجه الجنسي يمكن تغييره.

ووفقا لمقال نشر عام 2004 في المجلة الطبية الأمريكية، والذي شمل العلاجات المستخدمة في تحويل مثليي الجنس في الفترة بين عامي 1960 و 1970  والتي شملت علاجات تنفر مثلي الجنس من الشهوة الجنسية: مثل علاجات الصدمة أو منح المرضى عقاقير تحفز الغثيان عندما يشعر الشخص بالشبق الجنسي المثلي. بينما عرض تحليل نفسي أخر يفترض أن “اضطراب” المثلية الجنسية يتكون نتيجة استبداد الآباء والأمهات. وصاحب هذه النظرية هو الدكتور جوزيف نيكولوسي (Joseph Nicolosi) الرئيس السابق للرابطة الأمريكية للبحوث وعلاج المثليين. ويقول احد المرضى السابقين لنيكولوسي وهو غابرييل آرانا (Gabriel Arana) والذي يعمل كمحرر في صحيفة المشهد الأمريكي (American Prospect) انه يبتعد عن والديه وصديقاته الإناث. فالمشكلة مع العلاج الإصلاحي (والذي يسمى إعادة التوجيه الجنسي “sexual reorientation” أو العلاج التحويلي “conversion therapy”) والذي يستند على احد العلوم الزائفة وهو التحليل النفسي. فمنظمة الصحة العالمية (The World Health Organization) تقف ضد العلاج الإصلاحي لأنه لم يؤدِ الهدف منه بتحويل مثليي الجنس بنجاح نحو الجنس الأخر، وبدلا من ذلك فهو يقمع الميول الجنسية ويربطها بالشعور بالذنب والخجل والاكتئاب والقلق وقد تصل بهم إلى الانتحار، فلا يوجد مبرر طبي كما أنها تمثل خطر على صحة ورفاه الأشخاص المتأثرين.

المثلية الجنسية لم تعد توصف في المؤسسات المرموقة بأنها نوع من “الاضطرابات”، لكن لا تزال المؤسسات الدينية مثل منظمة اكسودوس العالمية “Exodus International” تكافح من اجل “علاج” مثليي الجنس. ويدعم هؤلاء اعتقاداتهم بالعلاجات الزائفة أو إدراج ذكر الرب كل ما كان ذلك ممكناً. حتى الرابطة الأمريكية للأبحاث وعلاج مثليي الجنس والتي تبدو أكثر علمانية لديها علاقات مع جماعات محافظة اجتماعيا. فالدكتور روبرت ل. سبيتزر (Robert L. Spitzer) احد الأطباء النفسيين المسئولين عن إسقاط وصف المثلية الجنسية بـ “الاضطراب” في الجمعية الأمريكية لعلم النفس، كان قد واجه مجموعة من المتظاهرين في عام 1999 ممن يدعون بأنهم مثليي الجنس (سابقا)، واثأر ذلك شيئا في سبيتزر: اهتمام في العلاج الإصلاحي. وعلى وجه التحديد اهتمامه في مدى فعالية “إعادة التوجيه الجنسي” للإفراد مثليي الجنس. فقام سبيتز بدراسة مليئة بنقاط الضعف، بحيث لم تؤخذ على محمل الجد، وهي دراسة تعتمد على شهادات شخصية لبعض الأشخاص الذين خضعوا للعلاج الإصلاحي. ويضاف إلى ذلك وفقا لصحيفة نيويورك تايمز (New York Times) انه “لم يتم اختبار أي علاج معين؛ فنصف الأشخاص الذين ادعوا أن العلاج نجح معهم كانوا قد شاركوا مع معالج نفسي، وفي حين عمل الباقين مع مستشارين بسطاء، أو قاموا بقراءة الكتاب المقدس بشكل مستقل” فشلت دراسة سبيتزر أمام قسوة وكفاءة المنهج العلمي. وعلى الرغم من ذلك، لا تزال مجاميع العلاج الاصلاحي تستشهد بهذه الدراسة لكي تظهر بمظهر أكثر شرعية. وكما أكد انه في الدراسة لا يدافع عن علاج الأفراد مثليي الجنس، لكنه يدافع عن أن علاج المثلية الجنسية ممكن. لكن في الواقع وبالدفاع الذي تقدمه دراسة سبيتزر في سببت ضرراً.

وبعد عشر سنوات قدم الدكتور روبيرت سبيتزر اعتذارا لمجتمع المثليين عن دراسته التي استغلتها بعض مجاميع العلاج الإصلاحي، حيث استخدمت كدليل على صحة موقفهم. فقد اعترف سبيتزر بنقاط الضعف الكامنة في دراسته، حيث اتفق مع المعترضين بان الشهادات لا تعتبر دليل كافي لدراسة علمية. فان أخبرك شخص ما أنه تغير لا يمكن اعتباره دليل علمي على انه من الممكن تغيير جميع الأشخاص، لأنه لا يمكن أن نقيس جميع الأشخاص على عدد صغير منهم. وأدى هذا الاعتراف بسبيتزر إلى التساؤل “كيف يمكن أن نعرف أن شخصا ما قد تغير فعلا؟”.

كما قدم جون بولك (John Paulk) الرئيس السابق لمنظمة اكسودوس العالمية (Exodus International) للعلاج الإصلاحي اعتذاراً، وتحدث كرجل مثلي الجنس حيث قال  أنه في الواقع لا يقوم العلاج الإصلاحي بتغيير التوجه الجنسي للأشخاص، بل يسبب لهم ضرراً كبيراً.

وكذلك اصدر ألان تشامبيرز (Alan Chambers) الرئيس السابق لنفس المنظمة اعتذاراً عند إعلان إغلاق المنظمة. وقال تشامبيرز أن الجانب العلاجي في المنظمة لم يكن له الأولوية بل كانت مركزة على الجانب السياسي، فهي كانت شيئاً مضراً بحق.

لقد واجهت حركات العلاج الإصلاحي تحديات كبيرة في الآونة الأخيرة. حيث قدم كل من سبيتزر وباولك وتشامبيرز اعتذاراتهم، وقام سبيتزر بالاعتراف بان دراسته كانت خاطئة، وتم غلق اكبر المنظمات الخاصة بالعلاج الإصلاحي. وفي ولاية كاليفورنيا تم حظر إجبار القاصرين على الخضوع لمثل هذه الأنواع من العلاجات من قبل الدولة، وحظي هذا الحظر بالتأيد بعد أن واجه معارضة في البداية. فقد زعم المعارضون أن هذا الحظر يعد انتهاك للتعديل الأول الذي ينص على حرية التعبير للمعالجين. لكن هنالك فرق بين حرية التعبير والإساءة للأشخاص مثليي الجنس، وبالأخص القاصرين. ويدعي بعض الآباء أن هذا الحظر يمثل قيدا على حريتهم في تربية أطفالهم بالطريقة التي يرغبون بها، وفقا لما يرونه مناسباً. لكن ليس من حق الآباء إجبار أطفالهم على شيء ثبت انه زائف وفيه مضار على صحتهم النفسية. وقد التحقت نيو جيرسي بكاليفورنيا وقامت بحظر العلاج الإصلاحي. وقال تيم يوستس (Tim Eustice) عضو الجمعية التشريعية واحد المناصرين لمشروع القانون في ولاية نيو جيرسي “أن العلاج هو احد الإشكال الخبيثة من إساءة معاملة الأطفال”.

يجب أن يلغى العلاج الإصلاحي في كل مكان، لما سببه من أضرار للأشخاص مثليي الجنس، وما سوف يسببه في المستقبل. كما أن المنظمات التي تروج لهذا العلاج تزعم أنها تحاول إلغاء التمييز والتحيز ضد المثليين، لكن هذا الزعم كاذب. فمن الناحية الفلسفية، تكون المثلية إما طبيعية أو غير طبيعية، فلا توجد مشكلة في هذا حتى أن كانت غير طبيعية، فهل كل شيء يحدث بصورة غير طبيعية على مستوى السلوك الإنساني يعتبر لا أخلاقي؟
فإذا كان جواب الدعاة للعلاج الإصلاحي بالإيجاب، عليهم أن يحاربوا كل شيء لم تجلبه الطبيعة لنا، من النظارات الطبية والى أجهزة الكمبيوتر التي يكتبون اعتراضاتهم بواسطتها.

المصدر: http://www.skepticink.com/gps/2013/10/31/the-bad-science-behind-reparative-therapy/