هنالك ثلاث ملوك على الأقل قاموا بهذه التجربة منهم الملك بسماتيك في مصر وكان ذلك في القرن السابع قبل الميلاد، والإمبراطور الروماني فردريك الثاني وكان ذلك في القرن الثالث عشر، والملك جيمس الرابع ملك اسكتلندا وكان ذلك في القرن الخامس عشر الميلادي، حيث قيل أن هؤلاء الحكام الثلاثة حاولوا أن يحرموا أطفالا حديثي الولادة من إي اتصال بشري باستثناء المرضعة الصامتة ليروا ما أذا كان هؤلاء الأطفال سيتحدثون العبرية أم العربية أم اللاتينية أم اليونانية عندما يكبرون أم خلاف ذلك.
أما في حالة فردريك فقد مات جميع الأطفال، ومع إجراء تغيير وحيد في هذه العملية، قام الإمبراطور المغولي (أكبر) بالتجربة نفسها ليكتشف ما أذا كان الناس ينشئون بالفطرة هندوسيين أم مسلمين أم مسيحيين، لكن النتائج التي حصل عليها كانت أفرادا صما بكما

فهنالك فترة من مرحلة الطفولة تسمى لفترة الحرجة، حيث أن الأشخاص الذين يتجاوزون هذه المرحلة بدون تعلم الكلام سوف لن يتكلموا أبدا، والأشخاص الذين يتكلمون بلكنة معينة سوف لن يستطيعوا تغيير لكنتهم، أدناه اقتباس من كتاب (الطبع عبر التطبع – مات ريدلي) يبين لنا بعض الأمثلة لهذه الفترة من عمر الإنسان.

 

العلوم الحقيقة

“في عام 1967 نشر ايرك لينبرج –عالم السيكولوجي في هارفارد- كتابا ذكر فيه أن القدرة على تعلم اللغة هي نفسها عرضة للفترة الحرجة التي تنتهي فجأة عند سن البلوغ، والدليل على نظرية لينبرج موجود في شتى جوانب المعرفة وليس فقط في ظاهرة اللغة الكريولية (اللغة الكريولية creole: هي لغة مختلطة مشتقة من خليط من لغتين أو أكثر)، واللغات المبسطة بين الشعوب هي اللغات التي  يتم استخدامها بين المراهقين من خلفيات لغوية مختلفة ليتواصلوا مع بعضهم البعض، فهذه اللغة تفتقر إلى التوحيد اللغوي وقواعد اللغة المتقدمة، ولكن أذا ما تعلم جيل من الأطفال في الفترة الحرجة لهم هذه اللغة، فأنهم يصبحون كريوليين إي يتكلمون لغات جديدة ذات قواعد لغوية كاملة، وهنالك حالة من الحالات في نيكارجوا كانت لطفل أصم تم إرساله إلى مدارس الصم الجديدة للمرة الأولى في عام 1979، فقام هذا الطفل بابتكار لغة إشارة جديدة هي الكريولية وق كانت ذات درجة عالية من التقدم.
لكن أكثر الاختبارات مباشرة عن الفترة الحرجة أثناء تعلم اللغة هي أن يحرم الطفل من كل اللغات حتى سن 13 عاما، ثم محاولة تعليم هذا الكائن البسيط التحدث، فالتجارب المدروسة من هذا النوع شحيحة وهنالك ثلاث ملوك على الأقل قاموا بهذه التجربة منهم الملك بسماتيك في مصر وكان ذلك في القرن السابع قبل الميلاد، والإمبراطور الروماني فردريك الثاني وكان ذلك في القرن الثالث عشر، والملك جيمس الرابع ملك اسكتلندا وكان ذلك في القرن الخامس عشر الميلادي، حيث قيل أن هؤلاء الحكام الثلاثة حاولوا أن يحرموا أطفالا حديثي الولادة من إي اتصال بشري باستثناء المرضعة الصامتة ليروا ما أذا كان هؤلاء الأطفال سيتحدثون العبرية أم العربية أم اللاتينية أم اليونانية عندما يكبرون أم خلاف ذلك.
أما في حالة فردريك فقد مات جميع الأطفال، ومع إجراء تغيير وحيد في هذه العملية، قام الإمبراطور المغولي (أكبر) بالتجربة نفسها ليكتشف ما أذا كان الناس ينشئون بالفطرة هندوسيين أم مسلمين أم مسيحيين، لكن النتائج التي حصل عليها كانت أفرادا صما بكما، فالمدافعون عن علم الوراثة واجهوا ضغطا شديدا عليهم في تلك الأيام.

بحلول القرن التاسع عشر، تحولت الأنظار إلى تجارب الحرمان الطبيعي في صورة “الطفل البرى” (الطفل البرى feral boy: اصطلاح يطلق على الطفل الذي يعيش معزولا عن الاتصال بالبشر من سن مبكرة جدا وبعيد عن مفهوم الأسرة ومدلولاتها)، ويبدو أن اثنين منهما كانا حقيقيين؛ الأول كان فيكتور وهو طفل برى من أفيرون، وقد ظهر في عام 1800 في لانجودوك وقد عاش حياته بهذا الشكل البدائي معظم عمره البالغ 12 عاما، وعلى الرغم من المساعي وسنوات الجهد التي بذلها معلمه معه، فانه فشل في أن يعلمه أن يتكلم “تركت تلميذي أبكم، بكماً لا يشفى منه” أما صاحب التجربة الثانية فهو كاسبر هاوسر وكان شابا صغيرا عثر عليه في عام 1828 في مدينة نرمبرج في ألمانيا وقد مكث أمدا طويلاً في حجرة انفرادية معزولة عن إي اتصال ادمي تقريبا طيلة معظم عمره البالغ 16 عاما، وحتى بعد سنوات الرعاية التي كانت في كنف مدربه، إلا أن لغة كاسبر لا يمكن وصفها إلا بأنها ما زالت “في حالة من الاضطراب الميئوس من الشفاء منه”.
هاتان حالتان واضحتان ولكن يصعب إثباتهما، ولكن بعد أربع سنوات من نشر كتاب لينبرج، تم فجأة العثور عل حالة ثالثة بالصدفة لطف همجي، وكانت الحالة الأولى من نوعها التي يعثر عليها بعد سن البلوغ لفتاة تبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما وكانت تدعى جيني وتم العثور عليها في مدينة لوس انجلوس، وذلك بعد أن عاشت حياة من الرعب والفزع الذي لا يصدق، وكانت هذه الطفلة لام عمياء شديدة الإيذاء، ولأب موسوس ومرتاب ومصاب بالتوحد الزائد، فظلت تلك الفتاة تعيش في صمت في غرفة فردية وهي أما موضوعة على كرسي التبول أو محبوسة في سريرها الذي يشبه القفص، ولم يكن لديها القدرة على حبس بولها كما أنها مشوهة علاوة على أنها كانت قريبا بكماء تماما ولم تتجاوز مفرداتها اللغوية كلمتين هما “توقفي” و”كفى”، ولقد كانت قصة إعادة تأهيلها مأساة في طفولتها، فلقد مرت بين أيدي علماء وآباء يكفلونها، وموظفين حكوميين، وأمها (حيث إن الأب كان قد انتحر بعد اكتشافها)، وانقضى تدريجيا التفاؤل الذي عم في البداية من جانب أولئك الذين سردناهم لرعايتها ما بين دعوى قضائية والمرارة والألم، أما اليوم فهي تقضي أيامها في دار للمعاقين من الكبار وقد تعلمت الكثير فقد كان مستوى ذكائها مرتفعا جدا، كما كان تواصلها غير كلامي فوق العادة علاوة عل قدرتها على حل الالغاز الفراغية، فكان مستواها يفوق اقرأنها في مرحلتها العمرية.”

 

المصدر: كتاب الطبع عبر التطبع – مات ريدل