بنظرة معينة إلى مناهج الحميات المختلفة، يُمكن أن نجد أنها جميعاً ليست سوى صوراً أخرى لحمية السعرات الحرارية، احذف المكسرات، احذف الدهون، قلل الخبز، احذف الكاربوهيدرات جميعها، المحصلة واحدة عند تسجيل الغذاء اليومي والاطلاع على مقدار السعرات الحرارية اليومية سنجدها أقل!
لنأت الى حمية اتكنز وهي إحدى أشهر حميات الكيتو التي تمتاز بكونها مرتفعة الدهون شبه منعدمة الكاربوهيدرات. لا توصي هذه الحمية بحساب السعرات، لكنها تنصح بمعدل صحي من السعرات الحرارية يتراوح بين 1500-2200 بحسب الجنس. بل ولا تنصح حمية اتكنز باختيار المنتجات منخفضة السعرات الحرارية إلا إذا كانت خالية من الكربوهيدرات. لكن لو جئنا للواقع، فإن طبيعة الوجبات المليئة بالدهون والبروتينات والمعززة بالخضار في حمية اتكنز وغيرها من الحميات عالية الدهون، لوجدنا أن عدد السعرات بالمجمل سيكون قليلاً وكأنها حمية منخفضة السعرات. فضلاً عن أن هذه الحميات تستهدف الانسولين الذي يعد الارتفاع بمستوياته سبباً في زيادة الجوع.
أما عند تطبيق نظام الصيام المتقطع مع حمية الكيتو فينحسر مقدار السعرات الحرارية أكثر. لاسيما مع صعوبة تناول مقدار كبير من السعرات الحرارية في وجبة أو وجبتين في اليوم مهما ارتفعت نسبة الدهون فيها. ولو اطلعنا على نظام أي حمية من الحميات مرتفعة الدهون، لوجدنا أن هناك محددات أيضاً ووصايا بما يتناوله الشخص من الدهون (وإن كانت مرتفعة نسبياً). تلك المحددات قد تجعل من الحميات مرتفعة الدهون نمطاً آخر من حمية السعرات الحرارية.
حذف مكون كامل من الطعام كالكاربوهيدرات سيقلل من استهلاك السعرات الحرارية بشكل حتمي، فما يُتوقع للغذاء الصحي التقليدي هو أن يتضمن 45-65% من الطاقة القادمة من الكاربوهيدرات، ماذا لو حذفناها؟ مهما عوضنا عنها من مواد أخرى فلن يفي ذلك ما كانت تقدمه الكربوهيدرات مع ما يرافقها من افراز متزايد للأنسولين.
نظام آخر للحمية هو حمية الأيض السريع (Fast metabolism diet)، والمثال الذي سنأخذه هنا لهذه الحمية هو المنهج المقدم من مختصة التغذية هيلي بومروي (Haylie Pomroy). تقسم بومروي نظامها إلى ثلاثة أنماط بحسب زيادة الوزن عند الشخص. والفرق بين الأنماط الثلاثة هو بتفاصيل وجزئيات بسيطة من حميتها. إصدار بومروي من حمية الأيض السريع يعتمد على تقليل كافة مسببات التوتر الذي يعزى إليه تراكم الدهون في الجسم، فنجد في الحمية نصائح بعدم القيام بالتمارين العنيفة حتى، فضلاً عن قطع الكافيين وتحسين وضع النوم. أما فيما يتعلق بالغذاء، فتنقسم أيام الأسبوع إلى فترتين، إحداهما ليست سوى حمية مرتفعة الدهون، والثانية هي حمية معتمدة الى حد كبير على الفاكهة والخضار وكمية قليلة من النشويات الكاملة الحبوب مع مقادير معتبرة من البروتينات. تراهن بومروي على مبدأ لم نبحث مصداقيته علمياً وهو إحداث الصدمات في الجسم بالتغيير المستمر لنظام الحمية. لكن بالعودة إلى مؤشر السعرات الحرارية، فحمية الأيض السريع هنا هي أيضاً حمية منخفضة السعرات!
شرحنا آنفاً ما يحدث في الحمية مرتفعة الدهون وهذا ينطبق على جانب من حمية بومروي، أما القسم الثاني فهي تدعو لتناول كميات كبيرة جداً من الخضروات الى جانب البروتينات والنشويات الكاملة في الوجبة، والمحصلة واضحة جداً! لا مقارنة بين 4 أكواب من الخضروات في وجبة ما مع وجبة اعتيادية يتناولها الكثيرون وبالكاد تحتوي على بضعة أقراص من الطماطم والخيار. ليس هذا فحسب، فالحمية الأيضية من اصدار بومروي لها تفاصيل دقيقة جداً في الكميات واصناف الغذاء المسموحة والصورة الكبيرة لهذه الحمية هي أنها أيضاً صورة أخرى من صور حمية السعرات الحرارية.
ما تفعله الحميات النباتية لا يمثل في الأساس فلسفة ناجحة لفقدان الوزن، سوى أنها تقوم بتقليل الكميات مما يُسمح بتناوله فيها، أي أنها ليست سوى حميات للسعرات الحرارية مع قيود أخرى غير ذات صلة بالحمية لمقاطعة أنواع أخرى من الأغذية. قد لا يبدو الأمر سهلاً لكنه خيار يتخذه البعض.
حذف السكريات الذي تعتمده الكثير من أنظمة تخفيض الوزن هو بحد ذاته حذف لعدد كبير من السعرات التي لا تسهم في المحتوى الغذائي بصفتها مادة مهمة للشعور بالشبع.
كخلاصة، نحن لا نقول أن هذه الحميات خالية من الجدوى سوى من كونها تقلل من السعرات الحرارية. بل على العكس، فإن المبدأ العلمي الذي تعتمد عليه كل حمية قد يعطي نتائج أفضل وبشكل أسرع. ويراودنا هنا سؤال، ماذا لو حددنا كمية السعرات الحرارية لكن بتناول عدة قطع من الشوكولاتة في اليوم؟ هل ستكون هذه حمية فاعلة؟ سوء التغذية هو أول ما يُمكن أن نفكر به، فضلاً عن الطريقة المختلفة التي سيتعامل بها الجسم مع السكريات الكثيرة القادمة من الشوكولاتة فيما لو قارناه بالحمية المتزنة الصحية. إذاً، فللمنهجيات الكبرى في الحمية حكم ودوافع يستند كثيرٌ منها إلى العلم وهي تحاول تحقيق نتائج مختلفة بالاستناد على مبادئ مختلفة بعمل الجسم، بعضها يستهدف النزول السريع للوزن مثل الحميات مرتفعة الدهون وبعضها الآخر يستهدف غرس عادات غذائية صحيحة مثل حمية الأيض السريع، فضلاً عما تركز عليه هذه الحميات من ضمان تحقق الإشباع مما يعطي للحمية واقعية وقابلية على الاستمرار.