علي علوش
(شكرا للصديق قارئ متتبع)
على الرغم من اننا لا نجد لهذا الامر مساحة في النظام السببي, الا ان فكرة الارادة الحرة لا تزال تلقى رعاية واسعة في الثقافة العلمية والفلسفية, حتى عند الذين بعتقدون بان العقل مستقل تماما عن وظيفة الدماغ, غير ان حقيقة الارادة الحرة هي انها لا تتجاوب مع اي من الحقائق الموضوعية عنا، ولان الاستبطان الذاتي سرعان ما يصبح معاديا لهذه الفكرة بقدر عداء معادلات الفيزياء لها, فالآثار الواضحة للارادة تنشأ فقط عفويا (سواء كانت ناجمة عن سبب او دون سبب او تميل احتماليا, لا يحدث ذلك اي فارق) ولا يمكن تتبعها الى نقطة اصلية في تيار الوعي. اقضي لحظة او اثنين في تفكر وتدقيق ذاتي جادين، وستلاحظ انك قررت الفكرة القادمة التي ستفكر بها بقدر ما ستفكر بالفكرة القادمة التي سأكتبها انا!
كل تصرفاتنا من الممكن تتبعها وإرجاعها إلى أحداث بيولوجية لا يملك وعينا فكرة عنها. ففي ال1980ــات قام عالم فسلجة الاعصاب بنيامين ليبيت باثبات ان النشاط الذي يحث في مناطق موتور الدماغ يمكن كشفه قبل 300 ملي ثانية من شعور الانسان بانه قرر الحركة. وقد أظهرت بعض المختبرات في الاونة الاخيرة باستخدام تصوير الرنين المغناطيسي الوظيفي ان بعض القرارات “الواعية” يمكن توقعها وكشفها قبل 10 ثوان من دخولها الادراك او الانتباه والوعي (وهذه الفترة اطول بكثير من النشاط الحركي التمهيدي الذي أثبته ليبيت). ومن الواضح ان نتائج من هذا النوع يصعب التوفيق بينها وبين الشعور بان الشخص يملك مصدرا واعيا لافعاله وافكاره.
حسنة كانت أو سيئة, فلهذه الحقائق حول علم النفس البشرية دلالات سياسية, ولان الليبراليين والمحافظين يتباينون بوضوح حول هذا, فالليبراليون يفهمون بان كل شخص هو عبارة عن نقطة التقاء لقوى أتت به الى حيز الوجود دون ارادة منه ــ ونحن بهذه الحالة قد نكون محظوظين او غير محظوظين البتة, ولكن على الجهة الاخرى، فان المحافظين قد صنعوا ولعا دينيا بالفردية
مصدر المقالة
http://www.newstatesman.com/blogs/the-staggers/2011/12/free-author-neuroscientist