إن الهومو إرغاستر الأول من بين أسلافنا، الأكثر مشابهة للإنسان الحديث. يصنف أحياناً على أنه نوع ثانوي (نويع – نوع فرعي) للإنسان المنتصب (الهومو إركتوس). لذا يطلق عليه أحياناً الإنسان المنتصب الأفريقي.
هناك خلاف بين العلماء على أي من الهومو إرغاستر أو الهومو إركتوس، هو السلف المباشر للإنسان الحديث. الإنسان المنتصب (إركتوس) أحدث من الهومو إرغاستر، ويطلق عليه أحياناً – إركتوس – الإنسان المنتصب الآسيوي.
وجدت البقايا الحفرية لهذا النوع بتنزانيا، كينيا، أثيوبيا، وجن
وب أفريقيا. وقدم تم اكتشاف أكثر الهياكل المكتملة للهومو إرغاستر، بمنطقة بحيرة تركانا، بكينيا عام 1984، بواسطة عالم الحفريات الشهير ريتشارد ليكي. أطلق عليه “شاب تركانا”، وتعود هذه الحفرية 1.6 مليون عام.
أطلق على هذا النوع الإنسان “العامل” نظراً لاكتشاف أدوات متنوعة تصاحب بقاياه الأحفورية، مثل الفؤوس اليدوية والبلط الحجرية والتي تعود للحضارة الأشولية. ويعتقد أنه قد بدأ باستخدام هذه الأدوات منذ 1.6 مليون سنة مضت. والمثير للإعجاب حقاً، أنه وجدت عظام حيوانات متفحمة مع الحفريات، مما يوحي بأن الإنسان العامل قد يكون أول من استخدم النار.
الهومو إرغاستر يعتقد أنه سلف لـ، أو يتشارك سلف مشترك مع، أو نفس نوع لـ الإنسان المنتصب (إركتوس).
الجدير بالذكر، أن بعض الباحثين يقترحون أن الإنسان العامل هو السلف للهومو هايدلبرجنسيس.
الاكتشاف الحفري لهذا النوع
اُقترح الهومو إرغاستر كنوع جديد لأول مرة عام 1975، بعدما لاحظ العالمان كولين جروفز و فراتيسلاف مازاك – خلال فحصهم لفك قدم تم تصنيفه مسبقاً للهومو هابيليس – بعض الميزات الفريدة به، والتي تجعله نوع مستقل.
وهذه الميزات قد تم ملاحظتها أيضاً، بمجموعة من الحفريات المكتشفة والتي تم الاعتقاد في بادئ الأمر أنها ما هى إلا أشكال أولية للإنسان المنتصب. وقد تم إعادة تصنيفها ضمن الهومو إرغاستر.
التسمية
هومو: كلمة لاتينية معناها “بشر” أو “إنسان”. وهو نفس الجنس الذي يتم إطلاقه على الإنسان الحديث، والذي يشير إلى العلاقة القريبة بين الإنسان العامل ونوعنا.
إرغاستر: كلمة يونانية (إغريقية) معناها “عمل”، وكما أشرنا مسبقاً، فقد سُمى بهذا الاسم. نظراً، لإيجاد أدوات تعود للصناعة الأشولية مع الحفريات المكتشفة لهذا النوع.
الانتشار
تم اكتشاف حفريات تعود لهذا النوع بأفريقيا ويوراسيا (اوربا وآسيا)، المناطق الهامة تتضمن :
منطقة بحيرة تركانا، منطقة بحيرة فيكتوريا، كوبي فورا، ناريكتومي، ودمانيسي بجورجيا.
الظهور: منذ 1- 2 مليون سنة مضت.
مقارنة
يمكن تمييز الإنسان العامل عن الإنسان المنتصب بامتلاكه:
- عظام جمجمة أنحف.
- عدم امتلاكه للتَلَم (الأخدود في القشرة الدماغية، أو الشق بين تلفيفين من تلافيف الدماغ مكوناً الشكل المطوي المميز للمخ، في الإنسان وغيره من الثدييات.)
مقارنةً بالهومو هابيليس والهومو رودلفينيسيس:
- أكثر طولاً، وأكبر حجماً، وبنية جسم مستقيمة.
- أبعاد جسم قريبة من الإنسان الحديث.
- المشي الإلزامي على قدمين.
- أسنان وفكوك أصغر.
- ازدادت مدة البلوغ والنمو.
- امتلك جمجمة أكبر تبلغ حوالي ~ 900 سم3.
- الأدوات الحجرية الأشولية.
كما نجد أيضاً تشابهات بين الإنسان العامل والإنسان الماهر (هابيليس):
- عظام جمجمة نحيفة.
- غياب أو صغر القوس الحاجبية والثقب فوق المحجري.
- قبو جمجمة أكثر علواً (قبو الجمجمة هو الحيز بداخل القحف العصبي والذي يحوي المخ).
الخصائص المورفولوجية:
1- شكل وحجم الجسم:
- يعتبر الجسم طويلاً ونحيفاً، مع سيقان طويلة والتي يعتقد أنها كانت نوعاً من التكيف، لزيادة تبريد الجسم، خاصة في البيئة الحارة والجافة. غير أن، حفرية لحوض تم اكتشافها سنة 2000، تقترح أن الإناث امتلكن ورك عريض، وكن أقصر من الذكور.
- متوسط طول جسم الأنثى 160 سم، بينما متوسط طول جسم الذكر 180 سم.
- متوسط الحجم 56 – 66 كجم.
- يعتقد أن الجسم كان غير مشعر نسبياً، وقد يرجع السبب كطريقة لتحسين تبريد الجسم من خلال التعرق.
- يشبه القفص الصدري للإنسان العامل نظيره في الإنسان الحديث، أي كونه اسطواني الشكل. على النقيض من الأنواع السابقة والتي امتلكت قفص صدري مخروطي. جنباً إلى جنب، مع تغيرات بالأكتاف، الصدر، والخصر، والتي كان لها عظيم الأثر في تحسين توازن الجسم، وأدت إلى إمكانية الركض.
2- المخ:
- متوسط حجم المخ يعادل تقريباً 860 سم مكعب، وشغل حوالي 1.6 % من حجم الجسم.
3- الجمجمة:
- أصبحت الجمجمة اكثر شبهاً بالبشر، حيث طور هذا النوع جمجمة محكمة وأكثر علواً عن الأنواع السالفة.
- بروز الوجه نحو الخارج، ولكن بدرجة أقل من الأنواع المتقدمة.
- ولأول مرة، تطورت الأنف لتصبح مشابهة للإنسان، كما برزت أيضاً نحو الخارج. بينما امتلكت الأنواع المنصرمة أنوفاً مسطحة.
4- الأسنان والفكوك:
- امتلك هذا النوع فكوكاً أقصر، وأقل سمكاً عن الأنواع السابقة، مما أدى إلى وجهٍ أقصر، بل وأكثر تسطحاً.
- ترتيب الأسنان بداخل الفكوك، تمثل مرحلة وسطى بين القردة العليا والإنسان الحديث.
- يتميز سن الناب بكونه أكثر حداثه، من حيث كونه قصير وغير حاد.
- امتلك نواجذاً (أسنان انتقالية بين الأنياب والطواحن – الضروس) وضروساً أصغر وأكثر مشابهة للإنسان الحديث.
5- العمود الفقري والحوض:
- أصبح الحوض أكثر مماثلةً للإنسان، وأضيق مقارنة بالأسترالبيثكس أفارنسيس، مما أتاح التحرك على قدمين بطريقة أكثر كفاءة.
- تشير إحدى العينات أن بعض الإناث امتلكن حوضاً أعرض وأوسع، بدلاً من جسم ضيق طويل – مشابه “لطفل تركانا”.
- امتلكن جسماً عمودي المحاذاة فوق الحوض.
- فقرات عنقية من العمود الفقري، تشير إلى امتلاك هذا النوع حبلاً شوكياً أرفع وأنحف من الإنسان الحديث. وهذا قد يشير إلى أن هذا النوع امتلك قدرات كلامية محدودة، نتيجة لعدم وجود الخلايا العصبية والتي تساعد في التحكم المعقد للتنفس والتحدث في نفس الوقت.
6- الأطراف:
- على عكس الأنواع السابقة، والتي امتلكت سيقان أطول من الأذرع، فإن الإنسان العامل امتلك أطرافاً متناسبة في الطول، كالإنسان الحديث.
- فقد الإنسان العامل القدرة التكيفية لتسلق الأشجار الخاصة بالأنواع المتقدمة، وقد حل مكانها المشي السريع، والذي كان – مما لاشك فيه – أكثر كفاءةً، كما أنه جعل السفر لمسافات طويلة أكثر سهولةً.
- القدرة على الجري باستخدام القدمين كانت نتيجة لمجوعة مختلفة من الميزات الخاصة بالأطراف، بل بالإضافة – كما أسلفنا الذكر – لتغيرات في الأكتاف، والخصر، والصدر والتي ساعدت على البقاء متزناً خلال الركض المطول.
السلوك الاجتماعي
- لا يوجد أياً من الهياكل الحفرية المكتشفة للهومو إرغاستر، ما يوحي بأنه قد تم دفنها عمداً. ومع ذلك، فهناك دليل على أنهم اهتموا بالفعل بأفراد مجموعتهم من المرضى أو المصابين، ولكن لم يبدُ أنهم عُنيوا برعايتهم بعد موتهم.
- من المحتمل، أن أفراد هذا النوع عاشوا في مجموعات اجتماعية، تجمعها روابط عائلية. وتقترح مقارنة مع رئيسيات حية اليوم، أنهم تحركوا وارتحلوا ضمن هيكل اجتماعي مهيمن الذكور.
الغذاء
- كما وضحنا مسبقاً، فإن هذا النوع امتلك حوضاً وقفصاً صدرياً ضيقيْن، مما يقترح بأنهم امتلكوا أمعاءً وأحشاءً أصغر. لذا فإن امتلاكهم لأمعاءٍ أصغر ومخ أكبر، قد تطلب طعاماً مغذيا، مما يبين أنه لربما احتوى طعامهم على لحمٍ أكثر.
الحفريات الهامة المكتشفة لهذا النوع
- شاب توركانا: هيكل تم اكتشافه عام 1984، بواسطة أحد أعضاء فريق عالم الحفريات ريتشارد ليكي، بمنطقة بحيرة توركانا، كينيا. يعود عمر هذه الحفرية 1.6-1.5 مليون سنة مضت. يعتقد أنه كان يبلغ 8 – 10 سنوات حينما مات. وقد بلغ طوله عند موته 1.6 متر، تم اكتشاف حوالي 90 % من هيكله، وقد أمدنا بالعديد من المعلومات القيمة بشأن هذا النوع. امتلك جسماً طويلا، ونحيلاً، متكيفاً للمشي السريع على قدمين في سهول السافانا المنبسطة. كما امتلك أنفاً بارزةً للخارج قليلاً، ووجهاً مشابه للإنسان، وجمجمة أكثرسعةً.
- إس كاي 847 (SK 847)
- كاي إن إم – إي آر 3733 (KNM-ER 3733)
- كاي إن إم – إي آر 992 (KNM-ER 992)
- حفريات متنوعة وُجدت بدمانيسي بجمهورية جورجيا، والتي يعتقد أنها تعود للهومو إرغاستر.
- آثار أقدام إليريت بكينيا، والتي تعود لـ 1.5 مليون سنة. حيث تمثل أقدم دليل معروف على تركيب آثار أقدام مشابهه للإنسان، والتي تختلف عن آثار أقدام ليتولي للأسترالوبيثكس، والتي تعود لـ 3.6 مليون سنة مضت.
مصطلحات:
الإنسان العامل (Homo ergaster)
الإنسان المنتصب (Homo erectus)
الإنسان الحديث (Homo sapiens)
شاب تركانا (Turkana Boy)
ريتشارد ليكي (Richard Leaky)
الأدوات الأشولية (Acheulean tools)
لهومو هايدلبرجنسيس (Homo heidelbergnis)
كولين جروفز (Colin Grooves)
فراتيسلاف مازاك (Vratislav Mazák)
كوبي فورا (Koobi fora)
ناريكتومي (Nariokotome)
دمانيسي (Dmanisi)
التَلَم (sulcus)
قبو جمجمة (cranial vault)
القحف العصبي (neurocranium)
نواجذ (premolar teeth)
أحشاء (gut)
المراجع
MCCARTHY, E. M., “Homo ergaster”, Macroevolution, June 25, 2017
Hominidés, “Homo ergaster”, June 24, 2017
Dorey, F., & Blaxland, B.,”Homo ergaster”, Australian Museum, June 22, 2017
University of Texas Austin, “Homo ergaster”, efossils, June 23, 2017
Archaeologyinfo, “Homo ergaster”, June 25, 2017
Sciencedaily, “Homo ergaster”, June 25, 2017
Shan Kothari, “What is the difference between Homo ergaster and Homo erectus?”, Quora, January 10, 2014
Wikipedia, “Homo ergaster”, June 24, 2017
بالنسنة للاعتناء بالموتى او مايعرف بالدفن ،فان اكتشاف نسبة كبيرة من هيكل هذا الشاب و هو امر لاول مرة يحدث ، يوحي بممارسة عملية ترك الجثة في الهواء الطلق كما تفعل بعض الاقوام البداءية .