النياندرتال أحد أنواع جنس الهومو الذي استوطن أوروبا وأجزاء من غرب آسيا وآسيا الوسطى. أول آثار النياندرتال ظهرت في أوروبا تعود لحوالي 350,000 سنة مضت. ثم انقرض إنسان نياندرتال في أوروبا قبل حوالي 24,000 سنة مضت. وقد عاش في أوروبا وآسيا الغربية (المساحة الممتدة من أسبانيا وحتى أوزبكستان) في فترة تزامنت مع العصر الجليدي الذي شاب معظم ارجاء أوروبا وآسيا.
النيندرتال عاش في أوروبا عندما كانت تختلف اختلافا كبيرا عن أوروبا الحالية. لقد كانت أوروبا تمر بفترة العصر الجليدي وتملك من الحيوانات ما يمكن مقارنته بأفريقيا اليوم، ولكن في جو بارد. كانت سهول أوروبا مملوءة بقطعان من البيزون والاحصنة المتوحشة إضافة إلى الماموث ووحيد القرن ذو الصوف، جميعهم كانوا يعيشون جنبا إلى جنب مع الاسود والضباع والنمور.
كانت اشكالية انقراض النياندرتال تتركز حول وصول الإنسان الجديد إلى أوروبا الذي شكل تحدياً لوجود النياندرتال وبدأ العد التنازلي لقدرته على البقاء ومنافسة الإنسان الجديد. لا أحد يعرف بالضبط كيف حدث هذا، ولكن المستحاثات واللقى التي عثر عليها في أنحاء متفرقة من أوروبا تشير إلى ان الإنسان الجديد وصل إلى أوروبا من الشرق والجنوب الشرقي قبل حوالي 45 الف سنة، وعاصرا الإنسان الأقدم لفترة تقترب من 15 الف سنة، وهي الفترة التي يصبح فيها إنسان النياندرتال الأخير محشورا في منطقة شبه جزيرة ايبيريا، حيث تقع حاليا إسبانيا والبرتغال.
الجديد في الموضوع هي الدراسة الجديدة التي نشرت في Molecular Biology and Evolution التي قد تنسف هذا الفرض حيث توصل فريق دولي حديث يضم عدد من الباحثين بان اغلب تجمعات انسان النياندرتال الذي يعيش في اوربا قد توفي قبل أكثر من 50 ألف سنة مضت وهذه النتائج قد تؤدي الى تنقيح خرائط التوزيع السكاني للنيانتردال لمئات الالاف من السنين والتي رسمها علماء الاحافير والأنثروبولوجيا والتي كانت مرتكزة على ان الانسان الحديث قد ازاح انسان النياندرتال عن مواقع تواجده في أوروبا.
هذه الاكتشافات الجديدة جاءت نتيجة فحوصات الحامض النووي لأنسان النياندرتال حيث تشير النتائج الى ان معظم مجموعات انسان النياندرتال قد توفيت قبل أكثر من 50 ألف سنة مضت ولم تستعمر وسط وغرب أوروبا الا مجموعة صغيرة من النياندرتال حيث بقوا بعدها لما يقارب 10000 الاف سنة قبل دخول الانسان الحديث الى أوروبا.
الدراسة ونتائجها جاءت نتيجة مشروع دولي بقيادة باحثين سويديين واسبان. وخلصت الدراسة الى ان النياندرتال كانوا قد انقرضوا تقريبا من أوروبا لكنهم استطاعوا الصمود من خلال مجاميع صغيرة جدا وكل هذا قد حدث قبل فترة طويلة من اول لقاء او اتصال بين الانسان الحديث والنياندرتال وتشير الدراسة ايضا انه ربما كان انسان النياندرتال كان أكثر حساسية عما كان يعتقد سابقا للتغيرات المناخية الهائلة التي حدثت في العصر الجليدي الاخر
يشير الباحثين من خلال العمل على الاحماض النووية المستخلصة من انسان النياندرتال الموجود في شمال اسبانيا حيث لاحظوا ان التغيرات الجينية عندهم تكاد تكون محدودة خاصة خلال العشرة الاف سنة الاخيرة قبل اختفاء انسان النياندرتال
ويلاحظ ان أقدم الاحافير الخاصة بإنسان النياندرتال في اسيا واوربا توضح اختلاف جيني واضح بين أوروبا واسيا وخلصت الدراسة بان الاختلاف الجيني في النياندرتال كان أقدم من الناحية الجيولوجية.
هذه الدراسة مهمة جدا لرسم خارطة تاريخنا التطوري وهي خطوة مهمة في طريق فك احجية انقراض أحد اهم فروع عائلة الهومو وهو النياندرتال.