المجال العصبي هو مصطلح يُشير الى مجال الخلية العصبية الذي يؤدي الى تأثر خلايا عصبية مجاورة بها. مثلاً إن ظهور بقعة من الضوء على شبكية العين يسبب نشاط مفاجئ لملايين الخلايا العصبية في الدماغ في نطاق لا يتجاوز عشرات الميلي ثانية. وتكون اول مراحل المعالجة في القشرة المخية في منطقة القشرة البصرية، حيث تقوم أغلب الخلايا بتلقي آلاف المدخلات من الخلايا المجاورة لها وكذلك من الخلايا البعيدة، وتقوم بارسال مقدار مساوي من المخرجات للخلايا العصبية الآخرى.
في العقود الأخيرة تم استكشاف جزء كبير من الخصائص الفردية لهذه الاتصالات بين الخلايا، وكذلك الخصائص المحددة للإنتقالات في الخلية العصبية الواحدة. ولكن لازالت الصورة الشاملة للديناميكية الوظيفية للتفاعلات الفردية ناقصة.
مؤخرا قامت شركة بيرنشتاين الحاسوبية لعلم الأعصاب (Bernstein Group for Computational Neuroscience)، والتي يطلق عليها اختصاراً (RUB)، بوضع نموذج حاسوبي يسمح بوصف التفاعلات بين الخلايا العصبية القشرية. ونشرت نتائج هذا البحث في مجلة بلوس الحاسوبية لعلم الأحياء (journal PLoS Computational Biology).
موجات نشاط القشرة المخية والعواقب المحتملة على الإدراك البصري
وجد انه يمكن لبقعة صغيرة من الضوء ضمن المجال البصري ان تتسبب ببدء تنشيط مناطق معينة من الدماغ، ومن ثم تليها موجات من نقل النشاط الى الخلايا البعيدة (وجد ذلك بواسطة صبغة الفلورسنت من خلال تغيرات الجهد الكهربائي الذي يسري عبر أغشية الخلايا العصبية).
العملية الأولية لا تزال فرعية وحدية بحيث لا يمكن فهمها بشكل كافي. فعند ترك شريط محفز فترة من الزمن فهو يؤدي الى موجة دماغ تبدأ من بداية الشريط، بدلاً من إدراك الشريط دفعة واحدة بطوله الكامل، فيبدو لنا انه اصبح إمتداداً من بقعةٍ معينة. في علم النفس تسمى هذه الظاهرة ب”وهم خط الحركة” (line-motion illusion)، حيث تبدو لنا المؤثرات الثابتة بأنها تتحرك. فعملية نشاط المخ الذي ينتشر من الخلايا القريبة الى الخلايا البعيدة قد يكونُ مسؤولاً بشكلٍ جزئيٍ عن هذا الوهم.
المجالات العصبية
قام علماء (RUB) (Ruhr-Universität Bochum) ودكتور ديريك جانكي (Dirk Jancke) من معهد (für Neuroinformatik) بتطبيق ناجح لديناميكيات التفاعلات المعقدة التي تجري داخل الدماغ في نموذجٍ حاسوبي.
حيث تم استخدام ما يسمى المجال العصبي لتحديد تأثير كل نموذج لخلية عصبية بعيدة عن نشاط منطقة معينة: حيث يكون النشاط عالي في الخلايا القريبة بينما تكون الخلايا البعيدة أقل تفاعلاً.
هنالك طبقتين، واحدة محفزة، والأخرى مثبطة، ترتبط هذه الطبقتين بشكل متكرر عند المدخلات المحلية مما يؤدي الى أنشطة عابرة تخرج نحو الخلايا البعيدة عن طريق توزيع النشاط.
حيث لا تعد ديناميكية المجال بأكمله من المدخلات الحسية فقط، بل يتأثر وبشكل كبير بتشكيل التفاعل عبر المجال العصبي. ونتيجة لذلك يتميز هذا النموذج بنمط مجموع أنشطة التفاعلات التي تسير بعد تفعيل مسبق بعيدا عن اي مدخلات محلية.
قد تكون هذه الآلية مهمة في معالجة الدماغ للأجسام المتحركة. نظراً الى ان معاالجة المدخلات الحسية تستغرق وقتأ طويلاً بدءاً من شبكية العين، حيث يتلقى الدماغ المعلومات من العالم الخارجي دائماً بشكل متأخر. ومن أجل الموازنة مع هذا التأخير، هذه الآلية يمكن ان تكون بما يشبه “إنذار مسبق” من الخلايا العصبية التي تمثل موقع متقدم لمسار الجسم المتحرك، وبالتالي تمكن من عبور اكثر سرعة من حدود الأنطلاق القصوى لانقاذ اوقات المعالجة الهامة.
ماذا يمكننا ان نتعلم من نموذج المجال عن الدماغ؟
المجالات العصبية تسمح بإطار رياضي لفهم كيفية عمل الدماغ بعد رسم عينة من الاحداث الخارجية، ولكن تجري بين النشاطات المشتركة من معالجة المعلومات، والمؤديى الى حدود الأحداث، وهو ما نسميه الأوهام. هذا النموذج يمكننا من وصف تجريدي لنشاط الخلايا العصبية المنفردة ويوفر ايضا وصق رياضي لتفاعلات الشبكة القشرية.
المصدر: https://www.sciencedaily.com/releases/2010/09/100927083911.htm