عالم الجسيمات دون الذرية (the sub_atomic particles):
هذا العالم الخلاب و المبهر هو من اروع ما خلقه الله الخالق العظيم و العلي القدير الذي قدر و بنى هذا الكون الخلاب .
ربما نحن نعتمد على ما تقوله الفيزياء لنا و على ما تتحصل عليه من معلومات و نتائج من تجربة هنا و بحث هناك, و من ما يتم التوصل اليه من نتائج و حلول للمعادلات الرياضية المعقدة مثل معادلة شرودنغر الموجية و معادلة تكافيء الطاقة و المادة لاينشتاين و صيغة بلانك الرياضية و حسابات فيرنير هايزنبيرغ التي تعتمد على ميكانيكية المصفوفات و مخططات فينمان و غيرها.
لكن لو تركنا كل هذه التعقيدات و قرئنا عن هذا العالم الخالب المعروف بالجسيمات دون الذرية سنجده عالم ساحر.
تخبرنا الفيزياء بان هناك 12 جسيما دون ذري مسؤولة عن عالمنا المادي , هذه الجسيمات تقسم الى قسمين جسيمات مسؤولة عن تكوين نواة الذرة و هي الكواركات الستة (up quark الكوارك العلوي و dawn quark الكوارك السفلي و strange quark الكوارك الغريب و charm quark الكوارك الجذاب و bottom quark الكوارك القعري و top quark الكوارك القمي) و الكواركات هي من تكون الهادرونات التي تؤلف نواة الذرة مثل الباريونات (البروتونات و النيوترونات) و الميزونات و التراكيب الهادرونية الاخرى , فالبروتون يتالف من كواركين علووين و كوارك سفلي , و النيوترون يتكون من كواركين سفليين و كوارك علوي ,تترابط الكواركات مع بعضها من خلال القوة النووية الشديدة التي تحمل على كم طاقة لا يمتلك كتلة و يمتلك مستوى طاقة تعرف باللغلوون , الهادرونات بعضها مشحونة بشحنة موجبة مثل البروتونات و الاخر متعادل الشحنة مثل النيوترونات , و بعضها سالب الشحنة مثل بعض انواع الميزونات , و الميزونات هي جسيمات تتالف من الكواركات و اضدادها تلعب دور اساسي في عملية التحول التبادلي التي تحكم التجاذب النووي بين البروتونات و النيوترونات, و الهادرونات هي جسيمات ثقيلة نسبيا تمتلك كتل و مستويات طاقة كبيرة .
تكون الكواركات ز الغلوونات موجودة على شكل ثلال اطياف رئيسية هي الاحمر و الاخضر و الازرق و تكون هذه الاطياف مجتمعة الطيف الابيض و تمثل مستويات الطاقة الخاصة بالكواركات و الغلوونات, الكواركات بحد ذاتها غير مشحونة بشحنة كهربائية لكنها ضمن تركيبة الباريونات مثل البروتون و بعض الميزونات التي هي مشحونة بشحنة كهربائية و ذلك ضمن حالة تعرف بال (bound state) و هي حالة تتالف من جسيمين او اكثر تسلك سوك جسيم منفرد و تمتلك طبيعة و خصائص مميزة لا تمتلكها الجسيمات الاصغر التي تكونها و تكون محددة بحاجز طاقة (potential wall) مثل البروتون و النيوترون و الذرة و نواة الذرة , الا ان الكواركات مشحونة بشحنة خاصة تعرف بالشحنة اللونية و هي الشحنة التي تمثل طبيعة و مستويات طاقة الكواركات, تخضع الكواركاتو الغلوونات التي تحمل عليها القوة النووية الشديدة الى مبدأ و حاصية الحصر (quark confinement ) و تعني انه من غير الممكن للكواركات ان توجدبشكل منفرد و انما دائما تكون موجودة على شكل مجاميع, و هذا ما تخضع له ايضا الغلوونات اكمام الطاقة التي تحمل عليها القوة النووية الشديدة.
اما اللبتونات فهي جسيمات خفيفة نسبيا لا تدخل في تركيبة نواة الذرة تمتلك كتل و مستويات طاقة خفيفة , و هي تمثل الانواع الستة الاخرى التي هي الاكترون و الميون و التاو و النيوترينوهات المرافقة لها و التي هي نيوترينو الالكترون و نيوترينو الميون و نيوترينو التاو الميون و التاو هي جسيمات تمتلك اعمار نصف قصيرة و تتحلل الى الجسيمات الاصغر و التي هي الالكترونات و النيوترينوهات , الالكترونات و الميونات و التاوونات كلها مشحونة بشحنة سالبة و هي لا تتاثر بالغلوونات التي تحمل عليها القوة النووية الشديدة لكنها تتاثر بالفوتونات التي تحمل عليها القوة الكهرومغناطيسية و التي تجعل الالكترونات تدور في مدارات و مستويات طاقة حول نواة الذرة, اما النيوترنوهات فهي جسيمات صعيرة جدا تمتلك مستوى طاقة محدود تنبعث مع الاشعة الكونية من الشمس و النجوم و المجرات النيوترينوهات غير مشحونة بشحنة كهربائية لذلك لا تتاثر بالفوتونات التي تحمل عليها القوة الكهرومغناطيسية و لا تتاثر بالغلوونات التي تحمل عليها القوة النووية الشديدة التي ترتبط بها الكواركات, توجد النيوترينوهات على ثلاث انواع هي نيوترنو الالكترون وهو النيوترينو المرافق للالكترون و نيوترينو الميون النيوترينو المرافق للميون و نيوترينو التاو و هو النيوترينو المرافق للتاو, تتاثر كل الجسيمات بالقوة النووية الضعيفة التي تحكم تفاعلات الانحلالات الجسيمية و التي تحمل على جسيمات وسطية تدعى ببوزونات W+ و W- و Z , كما ان جميع الجسيمات تتاثر بالقوة الثقالة التي تحمل على اكمام طاقة جسيمات افتراضية لا تمتلك كتلة و انما تمتلك مستوى طاقة تدعى الغرافتونات, و القوى المؤثرة على الجسيمات و التي ترتبط بها الجسيمات مع بعضها البعض يعني التي تحكم الترابط المادي و ايضا تعتبر مصدر الطاقة هي القوى الاربعة التي مر ذكرها و التي هي ( القوة النووية الشديدة التي هي اكبر القوى من حيث التاثير لكن اقصرها مدى و حدود تاثيرها لا يتعدى عشرة مرفوعة للاس سالب 14 متر و التي تمثل قطر نواة الذرة و هي القوة التي ترتبط بها الكواركات مع بعضها البعض ضمن تركيبة الجسيمات الهادرونية التي تؤلف نواة الذرة و التي تحمل على كم طاقة لا يمتلك كتلة و انما يمتلك مستوى طاقة يدعى بالغلوون gluon, و القوة النووية الضعيفة التي تحكم الانحلالات الجسيمية و التي تؤثر على كل الجسيمات دون الذرية مهما كان حجمها و مستوى طاقتها و كونها هادرونية او لبتونية و هي تحمل جسيمات وسطية تمتلك كتلة هي بوزونات W+ و W- و Z , و القوة الكهرومغناطيسية التي ترتبط بها الجسيمات المشحونة مثل الاكترونات و ارتباطها في دورانها حول نواة الذرة الموجبة الشحنة بشحنة البروتونات التي تكونها و تحمل على جسيم افتراضي لا يمتك كتلة و انما يمتلك مستوى طاقة يدعى بالفوتون photon , و القوة الثقالة التي ابعد القوى من حيث مدى التاثير لكن اضعفها من حيث التاثير و هي الجاذبية التي تخضع لتفسيرات مختلفة من عدة نظريات لكنها من وجهة نظر نظرية الكم تحمل على جسيم افتراضي لا يمتلك كتلة لكن يمتلك مستوى طاقة وهو كم طاقة يدعى غرافتون graviton و هي قوة تؤثر على كل الاجسام بمختلف حجومها من النيوترينو الى الحشد المجري).
تصنف الجسيمات بحسب عزمها الذاتي او دورانها حول نفسها الى :
1_ بوزونات وهي الجسيمات التي تخضع الى احصائية بوز _ اينشتاين و التي تكون عزمها الذاتي او دورانها حول نفسها spin يساوي صفر او عدد صحيح و تمثل كل حوامل الطاقة ( الغلوونات التي تحمل عليها القوة النووية الشديدة و بوزونات W+و W- و Z التي تحمل عليها القوة النووية الضعيفة و الفوتونات التي تحمل عليها القوة الكهرومغناطيسية و الغرافتونات التي تحمل عليها القوة الثقالة ) و بعض جسيمات المادة مثل الميزونات و الميون احد انواع اللبتونات و الجسيمات الوسطية مثل بوزونات هيغز مولدات مجال هيغز الذي تتفاعل معه جسيمات المادة حتى تكتسب كتلتها و بوزونات غولدستون مولدات انكسار التناظر التلقائي الذي يؤدي الى حدوث تغيرات طورية تؤدي الى تكون جسيمات جديدة و مستويات طاقة جديدة .
2_ الفيرمونات و هي الجسيمات التي تخضع الى احصائية فيرمي_ديراك و التي زخمها الزاوي او عزمها الذاتي لا يساوي عدد صحيح و غالبا ما يساوي 1/2 و تمثل اغلبية جسيمات المادة مثل الكواركات و الالكترونات و التاو و النيوترينوهات و الباريونات (البروتونات و النيوترونات)
تخضع جميع الجسيمات الى مبدأ التناظر الفائق و الذي يعتمد على فرضية سويات الطاقة التي طرحها بول ديراك العالم الانكليزي و الذي يفترض وجود جسيمات ضديدة لجميع الجسيمات المعروفة بالكون تمتلك نفس كتلة وطاقة تلك الجسيمات لكن بشحنة مغايرة و زخم زاوي مغاير, يعني اذا كان الجسيم فيرموني بشحنة سالبة فضديده بوزوني بشحنة موجبة مثل الالكترون الجسيم الفيرموني المشحون بشحنة سالبة يمتلك ضديد بوزوني مشحون بشحنة موجبة يدعى البيزوترون يمتلك نفس كتلة و طاقة الالكترون و هكذا لكل الجسيمات.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله
وآله وكافة المرسلين وعباده الصالحين
عندما تقدم علم الجسيمات الأساسية أشواطا وهو علم يقوم على دراسة الذرات وجزئياتها
وأقحمت المجاهر ( الالكترونية الدقيقة – microscope à effet tunnel ) في معرفة خبايا الذرة
وهذه المجاهر الالكترونية لها قدرة ضخمة في تكبير الأحجام المختلفة للذرات وما دونها ملايين المرات .
والذرة كما هو معلوم لا ترى بالعين المجردة لذا استعملت هذه المجاهر الالكترونية للاستقصاء والمعرفة .
وعندما بدأت هذه التجارب الدقيقة لاحت في الأفق أنه ليس هناك نهاية في هذه العوالم الدقيقة وما دونها ،
والشيء المثير حقا والذي نحن بصدده في هذا البحث هو تلك الوحدة في البناء والترابطات في هذه العوالم
اللا نهائية ، وحدة النسقية والكمال والجمال ، وهي منسجمة في تآلفاتها بعناصرها المختلفة وتشكل نظاما
رهيبا متفاعلا يأخذ أشكالا هندسية متباينة وعجيبة
وهذه الوحدة في هذا البناء الدقيق وهذا النظام الزاخر بعجيب الآيات لدليل قاطع على علم نافذ
ووحدة في الكمال والجمال والجلال ، وآية عظيمة من خلق الله ، وهو سبحانه الخلاق العليم الذي
أتقن كل شيء صنعا ، وتدل على أنه الواحد الأحد الذي أوجد كل شيء بعلمه وقدرته .
يقول الله في كتابه العزيز :
(لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموت ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ) ” 3 سبأ .
فبصرنا المحدود لا يجلي لنا بعض الحقائق العميقة في جزئيات الذرة المتماسكة بنواتها وما دونها من جسيمات
التي لا نهاية في صبر أغوارها وتحديد عوالمها اللا نهائية وأسرارها البديعة والمودعة باحكام ، ولجسيماتها
المرتبطة باتقان في حركة دائبة من الاهتزازات المستمرة التي لا تنقطع وهذه الجسيمات تصدر موجات صوتية
ذات ترددات مختلفة ، وتاخذ أشكالا هندسية مختلفة وباهرة باختلاف عناصرها المكونة ، وهي آيات ناطقة مسبحة
أنطقها العزيز الحكيم الذي أنطق كل شيء ، ومشكلة نظاما دقيقا في غاية الدقة والروعة وشاهدة بالتمجيد
والتعظيم والتنزيه لله .
يقول الله في محكم كتابه العزيز :
(الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة
مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء ان الله على كل شيء قدير ) الآية .
فما لا يرى بالعين المجردة يشكل عوالم ومنظومات زاخرة لا تنفذ من علم العليم الحكيم المهيمن على حركتها
وقواها وأسرارها العميقة بطاقاتها الخفية وهي متآلفة ومتجانسة بابداع محكم
ولقد بين علم الفيزياء بفروعه خصوصا الذي يدرس الجسيمات الأساسية للمادة بتعريفاته أن ما بعد الكواركات
لا يمكن أن يصنف ويفسر الا بأنه طاقة وهذه الطاقة غير منظورة وهي مصدر الحركة في الجسيمات المكونة
للذرة وهي مصدر التفاعلات ، وهذا ينقلنا الى فهم عميق أكبر عن المادة ، فهناك بحر من التراتبيات المحكمة والمقدرة
باتقان وحسبان بعلم مطلق شامل ومتكامل وأقرب تعريف يترائى هو أن العلم المطلق الالهي يجعل الحقائق تبرز كاملة
بأية وسيلة لغايات مسطرة .
فما يتم ملاحظته على نطاق الذرة بجزيئاتها والكتروناتها السابحة في مداراتها بشكل عجيب لا يخضع لأي معادلة
تفسيرية مما يذهل حقا العقول وقد يحدث خلل في الفهم أو أتوبيا في المشاهدات والملاحظات على صعيد الذرة بمكنوناتها
وسرها العجيب .
فالأصغر ثم الأصغر هو عالم قائم بذاته اذن لا حدود في هذه المعرفة المطلقة ، انه العلم المطلق للعزيز العليم الحكيم
ولإعطاء فكرة عن مدى صغر حجم الكوارك فإن 100 تريليون كوارك يساوي عرض شعرة وللعلم فان هذا الجزيء
ليس الا أحد جزيئات نواة الذرة ، وملايين ملايين الذرات لا توازي حبة واحدة من حبات الرمل فتصوروا هذا العالم
الرهيب القائم بعلم الله العليم الحكيم ، وما هو مذهل حقا أن هذه الجزئيات المتناهية الصغر لها أزواجها وتتحول
بمشيئة مهيمنة وقد علمت غاياتها المسطرة فمثلا كتلة النيوترينو الخفي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بفرضية اهتزازات
النيوترينو فإذا كان للنيوترينو كتلة صغيرة خلافاً لافتراضات النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات لأمكن للنيوترينو
بأن يتحول إلى أحد النوعين الآخرين نيوترينو ميون و نيوترينو تاو فقد قام بعض العلماء بتجربة متميزة في هذا المجال
بينت أن النيوترينوالكترون يقضي ردحاً من حياته في صورة نيوترينوميون بل حتى نيوترينوتاو مما دفع العلماء لاستجرار
مبادئ علم جديد هو الميكانيك النسبوي إلى ساحة هذه التجربة مما نتج عن ذلك وجود كتلة للنيوترينو هذه الكتلة بالغة
الضآلة لا تتجاوز واحد من عشرة ملايين جزء من كتلة البروتون ولعل ضآلة هذه الكتلة أخر اكتشافها لكن هذا لا يؤكد
امتلاك النيوترينو للكتلة لوجود تجارب أخرى تثبت أن النيوترينو لا كتلة له فما زال الموضوع مفتوحاً ولم يعطي العلم
الجواب النهائي بعد لأن إمكانية تفسير هذا السؤال تجريبياً في هذا الوقت اعتمادا على المسرعات الموجودة غاية في
الصعوبة بسبب عدم توفر التكنولوجيا المناسبة و الطاقة العالية وحتى نستطيع الإجابة عن هذا السؤال سيبقى
النيوترينو لغز من الألغاز ، والله تعالى لطيف خبير بخلقه أودع علمه مكنون جزيئات الذرة وما دونها ممسك لها
ويكفينا أن اللطيف اسم من أسماء الله وهو اسم عظيم جدا ولا نريد أن
ندخل في معاني وأنوار وأسرار هذا الاسم العظيم ولكنه اسم عالج التكوين والمكونات وعالج القضاء والقدر، فالحضرة
اللطيفة التي هي من اسم “اللطيف” هي من أعظم وأرقي وأعلى الحضرات وهي تعالج التكوين بالمكوِّن، فبلطف المكوِّن
ترى الفعل المكتوب بالقضاء والقدر ولكن باللطف يغيب الأثر المتوجب من هذا الأمر، فالنار هي نار لا بد لها أن تحرق
لذلك فالعلم الذي قامت به السموات والأرض لهو أكبر بحقائقه الموغلة ، ويبقى العلم الحديث الذي يبحث في مكنون الذرة
وما دونها بعوالمها ومسافاتها الهائلة النسبية بين جزيئاتها علما ضئيلا ،
فكل ذرة في الكون فيها
من الكثافة ومن اللطافة والحقيقة أن الأصل هو نور وهو أصل الأشياء، فهو نور ومن ثم تشكل هذا النور إلى مواد، تراه
عينك ويبصره بصرك ، فحكم المادة أصلها نور ولكن تشكلت بأشكال ووقع عليها حكم المادة المتشكلة بها وكل
هذا بإرادة الله سبحانه ومشيئته تعالى ، فأصبح الظاهر موادا كثيفة والباطن أنوارا لطيفة والأصل هو الباطن لأنه
هو الممد للظاهر ولعل هناك من الآيات الكثيرة والتي قد تفيدنا في مجال بحثنا المتواضع .
وهذه الجزيئات وما دون دونها لا يمكن أن تروها كالنترينو كما لا يمكن أيضا أن تنفوا وجودها لأنها موجود بالأصل
وهذا من كمال بديع صنع الله في خلقه المكين خالق الأشياء كلها بما سطره بعلمه وحكمته وعنايته
وقدرته المهيمنة لصيرورة ومآل
فسبحان الذي أنشأ الذرة بمواصفاتها العجيبة وخصائصها المتفردة بانسياب فائق ودقيق بين مختلف العناصر المخلوقة مما يضفي عليها ساحرية وجمال في محيطها البديع ، ولم يستطع أي عالم أن يفسر سبب القوى الموجودة في الذرة ومن ثم الموجودة في الكون وهذه القوى هي سر هذا التوازن الجلي في الكون ، وهذا ناشئ عن قدرة الله تعالى وعلمه المحيط وحكمته المطلقة التي أعطت للمادة رونقها وجمالها بنسب غير متفاوتة في جزئياتها ومقاييس تخضع لنظم محكمة ، والمتأمل يرى عجبا عجابا لا يحاكي أيا من المعارف لأن طريقة عملها خاصة وفريدة ومتألقة لا تخضع لحدود سمات العقل ومواهبه ويتطلب الفهم نوعا كبيرا من الخيال ، ونتيجة لعجز العلماء التام عن تفسير هذا السلوك المتفرد لبنائيات الذرة ومكنوناتها وتفاديا لهذه الورطة أطلقوا اسم (الحركة الكمية الميكانيكية ) ولولا لهذه الخصائص المتفردة الغير المفهومة في طبيعة المادة والمختلفة عن كل أصناف العلوم ما كان هذا البناء الذري الذي به قامت السماوات والأرض وما لاحظنا هذه الظواهر في الكون والمظاهر البديعة في الطبيعة بساحريتها وجمالها البديع وهذا الرونق في بناء الكون بمنظوماته وأجرامه وهو عبارة عن نظام مدهش موزون يأخذ بالألباب والعقول .
فتعالوا معنا أحبابنا نبلغ العالمين هذه الحقائق المسطرة بعناية ربانية ونستفيد من هذا النقاش المثمر حول أعصى علم نافذ لفهم طبيعة هذا الخلق المحكم الذي أحكم مواصفاته الخلاق العليم اللطيف الخبير بخلقه و قد لا يفيد فيه لا مفهوم أو منطوق أو نظرية ما لم ترق الى هذه الأنوار الجلية ، فالله سبحانه وتعالى خلق الذرة وما دونها وقدرها بعلمه المكين المحيط ، فهو سبحانه يعلم السر وأخفى و مشيئته وألطافه تسري في مكنون جزئيات الذرة وما دونها ومشيئته تتجلى في أنوار آياته بما خص به مكنون خلقه فخلقه السموات والأرض آية من آياته وهي أكبر ، فمشيئته بما أودع في مكنون خلقه سارية بارادته وقد لا يفيد فيها منطوق أو مفهوم وكمثال جلي على قولي فالنار لها صفة الاحراق كما نعرف من طبيعة هذا الخلق لكن قد تنتفي منها تلك الصفة بما أودع الله في مكنونات الذرة من لطائف وقد لا نجد لها أي تفسير في المصطلحات العلمية ومن هنا نعرف أن قدرة ألطافه نافذة في خلقه ، ويحضرني ذلك التساؤل المريب المتعلق بقطة شرودنغر وهو مفهوم قدمه الفيزيائي النظري النمساوي إرفن شرودنغر، ليشرح من خلاله تصوراً مختلفاً عن تفسير كوبنهاجن في ميكانيكا الكم وتطبيقاتها اليومية.
تخيل شرودنغر تجربة ذهنية تم فيها حبس قطة داخل صندوق مزود بغطاء ، وكان مع القطة عداد غايغر وكمية ضئيلة من مادة مشعة بحيث يكون احتمال تحلل ذرة واحدة خلال ساعة ممكنا. إذا تحللت الذرة فان عداد غايغر سوف يطرق مطرقة تكسر بدورها زجاجة تحتوي حامض الهدروسيانيك الذي يسيل ويقتل القطة فوراً والآن يقف المشاهد أمام الصندوق المغلق ويريد معرفة ، هل إن القطة حية أم ميتة ؟ (من وجهة نظر ميكانيكا الكم، توجد القطة بعد مرور الساعة في حالة مركبة من الحياة والموت) وعندما يفتح المشاهد الصندوق يري القطة إما ميتة أو حية وهذا ما نتوقعه في حياتنا اليومية، ولا نعرف حالة تراكب بين الحياة والموت.
وما خفي عن هذا العالم النمساوي هو قول الله عز وجل ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) الآية ، فأقول أحيانا يكون الموت محدقا بالانسان فتأتي الألطاف الالهية وتنجيه من هذا الموت المحدق وهذه الألطاف مودعات في مكنون جزئيات الذرة وما دونها تحت مشيئة مهيمنة ، فألطاف الله حاضرة وهو المثل المتقدم عن طبيعة النار الحارقة والتي بخصائصها الطبيعية المودعة كانت بمشيئة الله وألطافه بردا وسلاما على ابراهيم فكيف يمكن تفسير ذلك في نسق نظرية علوم ميكانيكا الكم والتي حيرت العلماء وأذهلتهم فهذه الجزئيات الخفية على صعيد الذرة وجزئياتها وما دونها قائمة بعلم الله وما أودع في مكنونها وما سطره بعنايته وقد علمت غاياتها المسطرة فمثلا كتلة النيوترينو الخفي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بفرضية اهتزازات
النيوترينو فإذا كان للنيوترينو كتلة صغيرة خلافاً لافتراضات النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات لأمكن للنيوترينو
بأن يتحول إلى أحد النوعين الآخرين نيوترينو ميون و نيوترينو تاو فقد قام بعض العلماء بتجربة متميزة في هذا المجال
بينت أن النيوترينوالكترون يقضي ردحاً من حياته في صورة نيوترينوميون بل حتى نيوترينوتاو مما دفع العلماء لاستجرار
مبادئ علم جديد هو الميكانيك النسبوي إلى ساحة هذه التجربة مما نتج عن ذلك وجود كتلة للنيوترينو هذه الكتلة بالغة
الضآلة لا تتجاوز واحد من عشرة ملايين جزء من كتلة البروتون ولعل ضآلة هذه الكتلة أخر اكتشافها لكن هذا لا يؤكد
امتلاك النيوترينو للكتلة لوجود تجارب أخرى تثبت أن النيوترينو لا كتلة له فما زال الموضوع مفتوحاً ولم يعطي العلم
الجواب النهائي بعد لأن إمكانية تفسير هذا السؤال تجريبياً في هذا الوقت اعتمادا على المسرعات الموجودة غاية في
الصعوبة بسبب عدم توفر التكنولوجيا المناسبة و الطاقة العالية وحتى نستطيع الإجابة عن هذا السؤال سيبقى
النيوترينو لغز من الألغاز اذا لم نستعن بأنوار الفيوضات الايمانية التي تمنحنا أنوار اليقين.
انا اريد كل ما هو موجود من علم عن هذا العلم الجميل