الخوف ما هي أسبابه؟ كيف يزول الخوف؟ كيف يتعزز الشعور بالخوف؟ الدماغ هو نظام معقد، متكون من مليارات الخلايا العصبية تقوم هذه الخلايا بآلاف الأتصالات في ما بينها عند كل شعور إنساني، والخوف هو احد هذه المشاعر. اغلب الدراسات العصبية المتعلقة بالخوف تكون ممتدة الى تكيفات الخوف. لكن الآن بدأ باحثون من جامعة ميسوري (University of Missouri) باستخدام نماذج حاسوبية لدراسة المخ، مما يجعل من دراسة الاتصالات التي تجري داخل الدماغ اكثر سهولة. قام طالب دكتوراه في هندسة الكهرباء والحاسوب غوشي لي (Guoshi Li) باكتشاف ادلة جديدة حول الكيفية التي يقوم الدماغ بردة فعل اتجاه الخوف، وهذا ما قد يساعد ضحايا اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
وقال لي “النماذج الحاسوبية تجعل دراسة الدماغ أمر سهل، لانها تدمج وعلى نحو فعال انواع مختلفة من المعلومات ذات الصلة في اطار حاسوبي كما انها تقوم بتحليل الأليات العصبية المحتملة من وجهة نظر النظام. نحن نحاكي النشاطات ونختبر مجموعة من السيناريوهات دون الحاجة الى استخدام مواد بشرية، فهي وسيلة سريعة وغير مكلفة”.
وجد العلماء من خلال التجارب السابقة انه من الممكن تقليل الخوف، ولكن لا يمكن محوه بالكامل. وانحسار الخوف هو عملية استجابة لمحفزات تنتج الخوف تدريجيا، ويقل مع مرور الوقت، فمثلا في الفئران بعض الخوف من المؤثرات السمعية لا يستجيب الفار للمحفزات مع مرور الوقت. وخلصت إحدى النظريات ان انحسار الخوف هو عبارة عن حذف ذاكرة الخوف، بينما خلصت نظرية اخرى الى ان ذاكرة الخوف لا تضيع، ولكن تقوم الذاكرة بتقليل الخوف مع مرور الوقت.
وقال لي “انحسار ذاكرة الخوف عملية غير مفهومة جيدا، ونحن لدينا نموذج حسابي يمكنه التقاط استجابات الخلايا العصبية بشكل جيد في الفئران خلال الخوف السمعي، مع مزيج من الرياضيات وبيانات الفيزياء الحيوية. مساهمتنا الرئيسية هي ان نموذجنا يتوقع أن ذاكرة الخوف تمحى بشكل جزئي فقط بالانحسار، والتثبيط ضروري للانحسار التام، مما يوفق بين نظريات المحو ونظريات الانحسار. وبالاضافة الى ذلك يظهر نموذجنا الاتصالات المثبطة داخل الخلايا العصبية الهرمية، والتي تعتبر موقع تخزين مهم لإنحسار الذاكرة”.
عند ضحايا اضطراب ما بعد الصدمة تتعطل دوائر الخوف، فلا يمكن استرداد آلية انحسار ذاكرة الخوف. ذلك لان وجود انحسار ذاكرة الخوف ضروري لكي تسيطر على ذاكرة الخوف عند كل الضحايا وعودة دوائر الخوف للعمل. لي ومعاونيه يستهدفون الاتصالات المثبطة في المخ والتي يمكنها ارجاع انحسار الذاكرة للعمل. يأمل لي ان يتمكن بحثه الاسهام في صناعة عقاقير جديدة تساعد مرضى اضطرابات ما بعد الصدمة.
وقال لي “علاج مرضى اضطراب ما بعد الصدمة يعتمد على معرفة اي اتصالات الية انحسار الذاكرة قد اخطأت الهدف في الدائرة. فمع نموذجنا يمكننا معرفة ما يتعطل في اتصالات مخازن الخوف وانحسار الذاكرة، وكيف يمكن لهذه الاتصالات في اضطراب ما بعد الصدمة تخدم علم الأمراض لأنتاج عقاقير جديدة لعلاج هذا المرض”.
لي بالتعاون مع ساتيش ناير (Satish Nair) استاذ هندسة كهرباء وحاسوب تلقيا منح لاجراء المزيد من البحوث في مجال دراسة الخوف. كما ان غريغوري كوارك (Gregory Quirk) عالم الاعصاب في كلية بويرتو ريكو للبحوث الطبية قد نشر في مجلة فسيولوجيا الاعصاب والطب النفسي.
المصدر: https://www.sciencedaily.com/releases/2009/09/090930165034.htm