ملحوظة: لفهم واستيعاب هذا الجزء، ننصح بمراجعة الأجزاء الثلاثة السابقة من السلسلة: الأول، الثاني، والثالث والمنشور في الأعداد السابقة للمجلة أيضاً.

إن تطور الفروع العلمية، وتشمل الفيزياء، الكيمياء، والأحياء قد بدأ بالفعل بعد طرح نيوتن لنظريته الآلية (التركيب الميكانيكي للكون). وبعد أن نشر نيوتن عمله الرائد: الأسس الرياضية للفلسفة الطبيعية عام 1686، شهد القرنين اللاحقين (الثامن والتاسع عشر) تطور فروع الفيزياء الكلاسيكية، الكيمياء، الرياضيات، والأحياء. وخلال القرن العشرين، استمرت أيضاً الإسهامات النظرية في الفيزياء، الكيمياء، والأحياء. ولا يزال العلم في تقدم.

وقد شهد القرن العشرين، نتيجة للتقدم الهائل والمستمر في العلوم الفيزيائية والحياتية، نشأة علم الكمبيوتر وعلوم الاجتماع. ويُطلق الآن على العملية التي نُحصِل بها المعرفة العلمية: المنهج العلمي. وفي قلب هذا المنهج العلمي، يتم تأسيس وبناء النظريات العملية على أساس تجريبي من المعلومات. بمعنى، وضع النظرية على حقائق تجريبية، وبناؤها والتحقق من صحتها من خلال النتائج التجريبية. وهذه الطريقة المميزة للعلم، يُمكننا أن نُطلق عليها: النظرية المُؤسَسة تجريبياً.

يُمكن تقسيم الأجزاء الأساسية للمنهج العلمي إلى خمسة عناصر:

1- الملاحظة والتجريب

2- الأجهزة والأساليب العملية

3- التحليل النظري وبناء النموذج

4- بناء النظرية والتحقق منها

5- تطوير وتكامل النموذج الأولي.

التنظير التجريب الخبرة العلمية

تحدد هذه العناصر الخمسة المنهج العملي وتميزه، ويجب أن تتواجد وتتكامل جميعها في أي نظرية علمية. وبالفعل، هذا ما حدث لأول مرة بالقرن السابع عشر بأوربا، عندما تجمعت قطع المنهج العملي معاً:

1- اقترح كوبرنيكس (مُنظِّر) نموذج نظري، والذي يُمكن اختباره تجريبياً ضد النموذج الشائع حينها (نموذج بطليموس، مركزية الأرض).

2- لم تكن القياسات الفلكية لحركة الكواكب السنوية حينها دقيقة كفاية لتحديد أي النموذجيْن هو الأصح، ويتماشى مع البيانات التجريبية. قام براهي (عالم تجريبي) ببناء أجهزة فلكية ضخمة لقياس حركة الكواكب، وللحصول على بيانات أكثر دقة.

3- قام براهي بتعيـين كبلر (رياضي) لتحليل القياسات وتحديد إن كانت تتماشى مع نموذج كوبرنيكس. وقد وجد كبلر أن الأنماط التحليلية لحركة الكواكب تشير إلى مدارات إهليلجية.

4- قام جاليليو (عالم تجريبي ونظري) بدراسة حركة الأجسام على أساس تجريبي، مستخلصاً ثلاثة قوانين للحركة الميكانيكية.

5- اخترع ديكارت (رياضي) رياضيات جديدة، التحليل الهندسي، موسعاً بذلك الهندسة الإقليدية.

6- ابتكر نيوتن (رياضي، وعالم نظري وتجريبي) علم التفاضل والتكامل لمد الهندسة التحليلية، مستخدماً ذلك في الوصف الفراغي للحركة. وقد اكتشف أيضاً الشكل الكمي لقوى الجاذبية، وقام بتطبيق جميع ما سبق لاشتقاق النموذج الكوبرنيكي للشمس، في ضوء الإطار الفيزيائي لقوانين الحركة لجاليليو.

7- بعد التركيب الميكانيكي العظيم للنظرية الآلية لنيوتن، بدأت الفروع العلمية الحديثة للفيزياء والكيمياء، واصفةً بذلك سلوك المادة في ضوء الميكانيكا النيوتونية الجديدة.

المصدر:

Betz, F. (2011).Managing Science Methodology and Organization of Research. New York, NY: Springer New York.