فيتامين B12 أقل لدى المصابين بالشيخوخة والتوحد والانفصام طبقاً للباحثين، ان ادمغة كبار السن والشباب المصابين بالتوحد و انفصام الشخصية تمتلك صفة مشتركة وهي انخفاض مستويات فيتامين B12.

وبحسب العلماء فإن الحقائق هنا تشير الى ان مستوى الدم من B12 لا تعكس بالضرورة مستوى الدماغ من هذا الفيتامين، وان مستويات هذا الفيتامين تنخفض مع السنين بشكل اكبر في الدماغ منه في الدم. وان هذا قد يلمح الى الإصابة بأنواع مختلفة من الأمراض العصبية مثل الخرف واضطرابات التوحد و الانفصام. هذا الانخفاض في مستوى B12 ممكن ان يعود الى انخفاض امتصاص الدماغ لهذا الفيتامين من مجرى الدم.

فيتامين B12 أقل لدى المصابين بالشيخوخة والتوحد والانفصام

النتائج، التي نشرت في كانون الثاني في مجلة بلس ون (PLOS ONE)، تدعم نظرية ناشئة تنص على ان الدماغ يستعمل فيتامين B12 بأسلوب منظم بأحكام للسيطرة على التعبير الجيني (gene expression)* و لتحفيز التطور العصبي في مراحل مهمة من حياة الانسان، ابتداء من النمو السريع الدماغ خلال فترة تطور الجنين و الطفولة المبكرة، وصولا الى تحسين الشبكة العصبية في المراهقة ثم الى منتصف العمر و اخره.

ان فيتامين B12 يدعى ايضا كوبالامين، يلعب دور مهم في تكوين الدم و الوظائف الطبيعية للجهاز العصبي. هذا الفيتامين موجود في الاغذية المشتقة من المصادر الحيوانية بشكل أساسي، مع ذلك فان بعض الاغذية النباتية تكون مدعمة بهذا الفيتامين.

في دراسة جديدة، قام علماء بقيادة البروفيسور في علم العقاقير ريتشارد ديث (Richard Deth) في جامعة جنوب شرق نوفا  (Nova Southeastern  University) في فورت لاديرديل (Fort Laderdale) في فلوريدا باختبار ادمغة اكثر من ٦٠ متوفي تراوحت أعمارهم من جنين في المراحل الاخيرة للحمل الى ٨٠ سنة. وتضمنت الدراسة ايضا ١٢ شخص مصاب بالتوحد و ٩ أشخاص مصابين بانفصام الشخصية.

تعتبر هذه الدراسة الاولى التي تقارن مستويات B12 في دماغ الانسان ضمن مراحل الحياة المختلفة. ان مستوى فيتامين B12 في ادمغة كبار السن كان اقل بعشر مرات بالمقارنة مع الموجود في ادمغة الشباب، وهذا يعكس انخفاض التدريجي الطبيعي الثابت عبر السنين.

بالنسبة لكبار السن فان هذا الانخفاض ربما لا يكون شيء سيّء لهم. حيث ان هذا الانخفاض عند كبار السن قد يوفر حماية للدماغ عبر جعل ردود الفعل الخليوية ابطئ وانتاج المواد الكيمياوية المدمرة للـ DNA والتي تدعى الجذور الحرة، قال ديث. في عمل سابق له مع زميله يتينغ زانغ (Yiting Zhang) في الجامعة الشمالية الشرقية (Northeastern University) في بوسطن (Boston)، وجدوا ان تمثيل الجسم للأشكال الحيوية لفيتامين B12 ينتج الجذور الحرة كمخلفات.

لكن الانخفاض الشديد في مستوى B12 قد يكون ضاراً حيث يقول ديث ” في مرحلة ما، الانخفاض الشديد في عملية التمثيل الغذائي… لا يتوافق مع نجاة الخلية،”. بشكل مشابه، المستوى المنخفض من B12 ممكن ان يتسبب بعواقب سلبية للناس بعمر الشباب، كون الدماغ لازال في مرحلة التطور. مجموعة ديث وجدوا ان مستوى فيتامين B12 في ادمغة الشباب الذين يعانون من التوحد و أشخاص في منتصف العمر مصابون بانفصام الشخصية كان بنسبة الثلث مقارنة مع ادمغة أشخاص بنفس الإعمار لا يعانون من تلك الاضطرابات العصبية.

الأشخاص المصابون بالتوحد والتي كانت أعمارهم اقل من ١٠ سنوات، كان لديهم نفس المستوى من B12 الموجود لدى كبار السن في عمر ٥٧ سنة. يقول ديث انه ليس من الواضح بعد ما الذي تشير اليه تلك المستويات المنخفضة، لكن من المحتمل ان الامتصاص المنخفض جدا لـ B12 أعاق قدرة الدماغ تأسيس اتصالات عصبية مهمة بين المناطق.

أولئك المصابون بالانفصام والتي تترواح أعمارهم بين ٣٦-٤٩، كان لهم نفس المستويات من B12 الموجودة لدى الأشخاص بإعمار ٧٢ سنة. وعلى الرغم من ان أدمغتهم كانت ناضجة عند هذا السن، فان المستويات المنخفضة للفيتامين ربما ظهرت عند مرحلة المراهقة والتي فيها تجذرت بذور الانفصام بالشخصية. يقول ديث لكن حتى مع أواسط العمر، فان المستوى المنخفض ربما ساهم في خسارة الوظيفة الطبيعية بشكل سابق.

طبيب الأمراض العصبية دانييل سمث (Daniel Smith) نائب الرئيس في التكنولوجيا المبتكرة في منظمة التوحد يتكلم  (Autism Speaks)، والذي لم يكن جزءا من هذا البحث قال ان هذه الدراسة مثيرة و تستحق ان تستمر للاخر. لكن هو أشار الى ان هذه الدراسة تبقى في الطور النظري في افتراضاتها التي تنص على ان النقص في مستويات B12 يؤدي الى تغيرات ترتبط بالإصابة بمرض التوحد.

عدد كبير من الدراسات التي تم إجراءها لإيجاد العلاقة بين نقص الفيتامين و الاضطرابات العصبية. لا توجد لحد الان دراسة حاسمة بخصوص هذا الموضوع، لكنها مع ذلك اشارت الى إمكانية تسبب نقص الفيتامين بالتوحد او انفصام الشخصية او يمكن علاج تلك الاضطرابات باللجوء الى المكملات الفيتامينية.

في الحقيقة، في دراسة نشرت في السنة السابقة في مجلة اكاديمية التغذية والغذاء (Academy of Nutrition and Dietetic) وجدت ان عدد قليل من الأطفال انتفع من المكملات الفيتامينية و ربما يكون هنالك خطر عليهم بسبب الجرعات الزائدة من الفيتامين.

المصدر:

http://www.livescience.com/53675-vitamin-b12-aging-autism-schizophrenia.html