المجتمعات متعددة الثقافات اكثر انسجاماً ونجاحاً، لكن لتفعيل ذلك يجب ان نحارب ميولانا التطورية التي جعلتنا لا نثق بالمهاجرين او انها جعلتنا التطور نخاف الاجانب.
جميع الأدلة تثبت ان تدفق المهاجرين يعزز من النمو الاقتصادي. اذا كان هذا صحيح لماذا لا نسمح للناس الراغبين بالهجرة والعمل في بلدان اخرى بالمجيء، لماذا لا نرحب بهم بأذرع مفتوحة؟ يمكن ان نضع اللوم جزئياً على الحكم المسبق على الآخرين الذي تجذر في نفوسنا خلال فترة تطور البشرية.
“تصوراتنا عن مفهوم المنافسة يسيطر على كثير من افكارنا والذي يصعب علينا تجاهله”، ڤكتوريا ايسس من جامعة ويسترن اورانيو في لندن، كندا. يعتبر الانسان الأنظمة الداعمة له لعبة محصلتها صفر- اي اذا ربح شخص فيها، فان الشخص الاخر يجب ان يكون خاسراً. هذا التصور كان دقيقاً خلال مراحل التاريخ التطوري للإنسان عندما كان الانسان جامع للصيد، حيث ان ظهور صياد اخر في نفس البقعة يؤدي الى انخفاض عدد الحيوانات والنباتات التي يمكننا الحصول عليها.اذا كانوا اقرباء فانه من الممكن ان يتشاركوا ذلك الطعام – او على الأقل يمكن لجيناتنا المشتركة ان تستفاد من هذا الاختلاط. لكن اي شخص تبدو عليه علامات ثقافة مختلفة فانه من المرجح سيكون منافساً لنا. في الحقيقة ان النظام الرأسمالي الحديث لا يمكن اعتباره لعبة محصلتها صفر- اي كلما أضفنا عدد اكثر من العمال فان ذلك الاقتصاد الراسمالي ينمو. بغض النظر عن هذا المفهوم الاقتصادي، فان تطورنا صعب علينا الترحيب بالمهاجرين عند التفكير من ناحية اقتصادية.
لكن هذا ليس كل شيء، غرائزنا ايضاً تجعلنا حذرين من التواصل مع الغرباء لأننا نعتقد بان في ذلك حماية لنا من بعض الإصابات المرضية، كما فعل أسلافنا ذلك في الماضي، كما يقول مارك سكلر من جامعة برتش كولومبيا في كندا. المجاميع المنعزلة عن بعضها تمتلك تاريخ حافل بأمراض مختلفة التي تعرضت لها ثم اكتسبت المناعة لتلك الأمراض. على سبيل المثال، المرض الذي يحمله شخص بدون ان يؤذيه قد يسبب المرض والهلاك لآخر من مجموعة مختلفة (لاختلاف انظمة المناعة)، كما حدث لسكان امريكا المحليين بعد وصول الأوربيين اليهم.
ايضاً لاحظ ستيڤن نيوبرگ من جامعة ولاية اريزونا ان الجماعات طورت فيما بينها وسائل خاصة بها للنجاة. “الغرباء القادمون لهم قواعدهم وقوانينهم الخاصة التي ربما تعيق التنسيق المجتمعي السائد للقيام بفعاليات مهمة للمجتمع، او ربما بدلاً من ذلك، يقوم عدد من أعضاء المجتمع المضيف باتباع قوانين وقواعد أولئك الغرباء،” نيوبرگ. “قد تحدث الفوضى اذا قامت المجموعة المضيفة باتخاذ قرار بالإجماع يتناسب مع ثقافتها السائدة، بينما هذا الامر قد يعتبره الغرباء القادمون نوع من انواع الاستبداد”.
سكلر ونيوبرگ يعتقدان بان هذان السببان هما الأساس في تطور ثقافة الحذر من التواصل القريب مع اخرين من مجاميع مختلفة.
هذا الخوف من الغرباء مستمر، قال نيوبرگ والذي وجد ايضاً ان الناس يشعرون بالتهديد من مجاميع اخرى تمتلك قيم تختلف عن قيمها. ان المجموعات الاثنية في المدن الحديثة عادة تشكل تجمعات خاصة بها بدلاً من الاندماج بشكل عشوائي مع المجتمع- هذا الامر عادة يعزز من القوة المحلية للمجموعة لكنه يؤدي الى انعدام الثقة بشكل واسع مع الآخرين. للعيش في مجتمع متعدد الثقافات، نحتاج لان نتعلم للحصول على ماضي يطور فينا تلك الميول الراغبة بهكذا نوع من العيش المتعدد الثقافات.