إن الزيادة الطبيعية في سطوع الشمس -والتي هي عملية بسيطة جدًا لاعلاقة لها بالاحتباس الحراري أو الاحترار المناخي الحالي- سوف تسبب إرتفاع درجة حرارة الأرض خلال مئات من ملايين السنوات القليلة القادمة، وهذا سوف يؤدي إلى تبخر كامل لمياه المحيطات. وُضعت هذه المعلومات من قِبل فريق من مختبر الأرصاد الجوية الدينامية (de Météorologie Dynamique) الذي هو جزء من معهد بيبر-سيمون لابلاس (Pierre-Simon Laplace IPSL)، تم منح المشروع رخصة بحث ما بعد الدكتوراه لإقليم إيل دو فرانس في فرنسا.

أن أول نموذج ثلاثي الأبعاد للمناخ والذي هو قادر على محاكاة هذه الظاهرة يتوقع أن الماء السائل سوف يختفي من الأرض في ما يقرب من بليون سنة قادمة، بتمديد التقديرات السابقة والتي كانت عدة مئات من ملايين السنين. نُشِر في مجلة نيتشر Nature في 12 ديسمبر 2013 حيث أنه لا يطور فهمنا لعملية تطور كوكبنا فقط بل إنه أيضاً يجعل من الممكن تحديد الشروط اللازمة لوجود مياه سائلة على كواكب أخرى شبيهة بالأرض.

محاكاة لإكتشاف الوقت الذي ستتبخر فيه المحيطات في الأرض

المحاكاة العددية لدرجة حرارة سطح الأرض في الاعتدال الربيعي مع سطوع الشمس على نحوٍ متزايد في المستقبل، يتم الحصول على المخططين الأوليين بمعية نموذج المناخ العالمي ويُظهِر المخطط الثاني الوضع قبل التبخر الكامل لمياه المحيطات أما المخطط الأخير (380 W/M2) هو استقراء يبين درجات الحرارة بعد التبخر الكامل لمياه المحيطات. التواريخ معبرٌ عنها ب Myr أي ملايين السنين تُشير إلى تطور الشمس، حيث أن القارات والتضاريس سوف تكون مختلفة تمامًا في المستقبل البعيد.

يَزيد سطوع الشمس ببطء شديد أثناء وجودها كما في بعض النجوم، حيث أن التقديرات تُشير إلى أنه في مصدر النظام الشمسي قبل 4.5 مليار سنة أن سطوع الشمس كان يبلغ 70% من قيمتة اليوم وهو مايعني زيادة قدرها حوالي 7% كل بليون (مليار) سنة. وبالتالي فمن المتوقع أن يصبح مناخ الأرض أكثرَ دفئًا على امتداد فترات زمنية جيولوجية (مئات من ملايين السنين) نظرًا للإشعاع الشمسي العالي بصرف النظر عن الاحترار أو الاحتباس المناخي العالي الذي يتسبب فيه الإنسان والذي يستمر لمدة عقود.

هذا بسبب أن كمية المياه في الغلاف الجوي سوف ترتفع عندما تصبح المحيطات أكثر دفئًا (يتبخر الماء بشكل أسرع)، من ناحية ثانية يُعتبر بخار الماء غازاً من الغازات الدفيئة حيث يساهم في زيادة درجة حرارة الأرض، الغازات الدفيئة هي غازات توجد في الغلاف الجوي وتتميز بقدرتها على امتصاص الاشعة التي تفقدها الأرض (الأشعة تحت الحمراء) فتقلل ضياع الحرارة من الأرض إلى الفضاء، مما يساعد على تسخين جو الأرض وبالتالي تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري والاحترار العالمي.

لذا يتوقع العلماء أن الإحتباس الحراري سوف يتضخم على سطح الأرض مما يسبب غليان المحيطات وبالتالي تبخر مياهها إلى أن تختفي من على سطح الأرض، ونتيجة أخرى هي أن ظاهرة الإحتباس الحراري سوف تدخل في حالة إنطلاق سريع وتصبح غير مستقرة مما يؤدي إلى إستحالة الحصول على درجة حرارة معتدلة حوالي 15 درجة مئوية على سطح الأرض، قد تُفسِّر هذه الظاهرة لماذا كوكب الزهرة هو الأقرب قليلًا إلى الشمس بالمقارنة مع قرب الأرض إليها، حيث تَحوَّل إلى محرقة في الماضي البعيد، كما أنه يُلقي النورعلى مناخ الكواكب الأخرى غير الشمسية.

متى يحدث هذا التغير السريع على كوكب الأرض ؟

حتى الآن من الصعب تقدير ظاهرة مدقَّقَة فقط باستخدام مخططات فيزياء فلكية مبسطة للغاية (ذات بعد واحد) والتي اعتبَرَت أن الأرض منتظمة من غير أن تأخذ بعين الإعتبار عوامل رئيسية مثل فصول السنة والغيوم، ومع ذلك فأن المخططات المناخية المستخدمة للتنبؤ بالمناخ خلال العقود القادمة ليست مناسبة لدرجات الحرارة العالية، ووفقًا لهذه المخططات ذات البعد الواحد أن الأرض سوف تبدأ بفقدان كل مياهها إلى الفضاء وتتحول إلى زهرة جديد خلال 150 مليون سنة قادمة.

صمم فريق من مختبر مختبر الأرصاد الجوية الدينامية الآن مخططًا ثلاثي الأبعاد قادرًا على التنبؤ بتغير بيئة الأرض تحت تأثير تدفق زيادة كبيرة من الطاقة الشمسية التي تسبب تبخر الماء السائل إلى الغلاف الجوي>

وفقًا لهذا المخطط المتطور فإن نقطة التحول تحدث عندما يصل تدفق الطاقة الشمسية إلى حوالي 375 W/M2 ودرجة حرارة سطح الأرض حوالي 70 درجة مئوية ( التدفق في الوقت الحالي 341 W/M2) أي سيحدث التحول بعد ما يقارب حوالي المليار سنة، بعدها سوف تبدأ المحيطات بالغليان وستزيد ظاهرة الإحتباس الحراري لحين دخولها حالة الإنطلاق السريع، وهذا يدفع للرجوع إلى التوقعات السابقة التي تشير إلى التبخر الكامل للمحيطات خلال عدة مئات من ملايين السنين.

يرجع هذا الاختلاف إلى دوران الغلاف الجوي عند انتقال الحرارة من خط الإستواء إلى خطوط العرض، الذي يجفف تلك المناطق الدافئة ويقلل من ظاهرة الاحتباس الحراري في المناطق التي هي أكثر إحتمالًا للدخول بحالة الإنطلاق السريع، حيث تسبب الزيادة في تدفق الطاقة الشمسية إلى زيادة حدة دوران الغلاف الجوي  ويؤدي ذلك إلى تجفيف المناطق شبه الاستوائية والمجاورة لخط الاستواء واستقرار المناخ لعدة مئات من ملايين السنين قبل أن يصل إلى نقطة اللاعودة.

بالإضافة إلى ذلك سوف يظهر التأثير المظلي للغيوم التي تمتاز بقدرتها على عكس الإشعاع الشمسي وهذا يساعد على تبريد مناخ الأرض في أيامنا هذه حيث يميل مناخنا إلى إنخفاض الحرارة خلال ملايين من السنين مقارنة بتأثير ظاهرة الاحتباس الحراري، ومع ذلك من الممكن أن يساهم التأثير المظلي للغيوم في ظاهرة الإحتباس الحراري وزعزعة الاستقرار.

يمكن أن تُستَخدم النتائج أيضًا لتحديد المناطق الصالحة للسكن حول الشمس حيث أنها تُظهِر كوكبًا يمكن أن يكون قريبًا بـ 0.95 وحدة فلكية من الشمس أي ( 5%أقل من المسافة بين الأرض والشمس) ،حيث أن (كل  1وحدة فلكية = 150 مليون كيلومتر) قبل أن يخسر هذا الكوكب كل مياهه السائلة، بالإضافة إلى ذلك أن هذه النتائج تبرهن أنه ليس بالضرورة أن يكون هذا الكوكب مشابهًا تمامًا لكوكب الأرض ويحتوي على محيطات مثله، حيث يخطط الباحثون الآن لتطبيق هذا المخطط على كوكب خارج المجموعة الشمسية من أجل تحديد أيٍّ من البيئات ستكون قاردة في أن تساعدهم للحفاظ على المياه السائلة.

المصدر:

CNRS. “When will Earth lose its oceans?.” ScienceDaily, 16