كما نعلم أن 68% من الكون يتكون من الطاقة المظلمة، 27% مادة مظلمة، 5% مادة عادية أي التي نستطيع رؤيتها، لكن هل تساءلت لماذا نفترض وجود هذه المادة المظلمة بهذه القوة؟

وفقًا للقوانين الكونية، و بالأخص قوانين (كيبلر) عن حركة الكواكب في مداراتها حول الشمس، أو الأجسام حول الأرض و هكذا، يُلاحظ أن من بين كل الأجسام التي تدور حول الشمس، فإن الأقرب منهم لها هو الذي له السرعة الأكبر.

الرسم البياني المقابل يوضح سرعة الكواكب حول الشمس نظريًا وذلك بعد أن تم اختبارها وإثبات صحتها.

الرسم البياني المقابل يوضح سرعة الكواكب حول الشمس نظريًا وذلك بعد أن تم اختبارها وإثبات صحتها.

كوكب عطارد (الأقرب للشمس) هو أكثر الكواكب سرعة، يمكن لنا أن نتوقع حدوث شئ كهذا مع المجرة مثلما يحدث مع مجموعتنا الشمسية. معظم كتلة المجرات المرئية بما فيها الثقوب السوداء العملاقة تتواجد بالقرب من مركز المجرة. فمثلًا مجرة “هيربوول” (Herbwall) التي هي الصورة الإفتتاحية لهذا المقال توضح أن جوهر هذه المجرة لامع و مضئ و مُحاط ب”أذرع المجرة” التي تُعتبَر كتلة تتحرك في مدارات حول مركز المجرة.

إذن من المتوقع أن سرعة جسم ما بالقرب من جوهر هذه المجرة تكون أكبر من سرعة جسم ما بعيد عن هذا الجوهر أو في أذرعه  -مثل حركة النظام الشمسي الذي يقع في إحدى أذرع مجرة درب التبانة- ولكن ليس هذا ما يحدث بالفعل!

نتائج قياسات سرعات الأجسام بمجرة أندروميدا

الرسم البياني المقابل يوضح نتائج قياسات سرعات الأجسام بمجرة أندروميدا الشقيقة.

الخط البني المائل يوضح السرعات المتوقعة لهذه الأجسام، لو كانوا يسبحون في مدارات دائرية حول كتلة تركزت في جوهر المجرة. أما السرعات في الواقع فهي هذه النقط السوداء التي على الرسم البياني.المعلومات توضح أن سرعات الأجسام البعيدة عن جوهر المجرة، إذا تم توضيحها على رسم بياني فستجده يشكل قطعة مستقيمة أفقية، لن تجده خطًا مائلًا تقل سرعته كلما زادت المسافة بين الجسم و جوهر المجرة، اذن هذه الأجسام (بما فيها مجموعتنا الشمسية التي تقع على ذراع درب التبانة) تدور أسرع مما يُحسب نظريًا عن طريق الجاذبية.

هذه النتيجة المفاجئة تعنى أنه يجب وجود كتلة إضافية (غير مرئية) تتسبب في سرعة مدارات هذه الأجسام، و هذا الذى جعل العلماء يتوقعون وجود المادة المظلمة (غير المرئية)، هذه المادة التي يتوقع وجودها في هالة حول كل مجرة (بنصف قطر أكبر 10 مرات من النصف القطر المرئي (للمادة المرئية) للمجرة). ولأنها غير مضيئة ( لا تصدر إشعاعات كهرومغناطيسية) لذلك لا تستطيع رؤيتها فيجب أيضًا أن تكون باردة و متعادلة كهربيًا. لذلك نحن لا نستطيع رؤية المادة المظلمة، باستثناء رؤيتنا لها من خلال تأثيرها الجاذبي في سرعة الأجسام.

التوقع بوجود مادة مظلمة أيضًا تم عن طريق أرصاد وملاحظات سابقة على تكوينات أكثر جاذبية و هي مجموعة من المجرات. هذه المجموعة المجرية في المتوسط أكبر بكثير في سرعات الأجسام التي تدور في مداراتها في الواقع عن الحسابات، النظرية، لدرجة لا تُوضّح فقط عن طريق المادة المرئية في هذه المجموعة المجرية بمفردها بدون وجود مادة أخرى أو ربما مواد أخرى! سرعات هذه المجرات في هذه المجموعة المجرية كبيرة جدًا، مما يؤدى إلى إستنتاج أن هناك ما يعادل 50 مرة من المادة المظلمة في المجموعات المجرية مثلما في المجرات نفسها.

قد تتسائل الآن بديهيًا لماذا المادة المظلمة لا تؤثر على سرعات الكواكب في مداراتها مثلما تفعل في المجرة، هذا بالطبع لا يحدث لأن النظام الشمسى صغير جدًا لدرجة ألا يحتوى كمية كافية من المادة المظلمة لتؤثر على سرعة الكواكب في مداراتها.

أما المجرة أو المجموعة المجرية من الناحية الأخرى تحتوى على كميات ضخمة من المادة المظلمة و التي تتسبب في التصرف المفاجئ في حركة الأجسام من ناحية سرعتها.

المصدر:

Physics for scientists and engineers, Chapter 13 Section 6,P406,407