تسير جوجل على نهج جديد سيجعل عملية الترجمة تتم بشكل أكثر سرعة ودقة حيث يكون من السهل على ذوي اللغات المختلفة التواصل فورياً مع بعضهم البعض.

جرت العادة أن الترجمة الآلية تتم على مرحلتين، الأولى هي التعرف على الصوت وتحويله لنص مكتوب بلغة المصدر والثانية هي ترجمة هذا النص إلى اللغة المطلوبة. لكن التجربة أثبتت أن هذه الطريقة قد تؤدى الى أخطاء كثيرة فى الترجمة حتى وإن كانت أنظمة التعرُّف على الصوت والترجمة تعمل بشكل جيد على حدة. فمثلاً إذا حدث أى خطأ إملائي فى نص اللغة الأصلية سيؤدي إلى ترجمة خاطئة بالتأكيد. وايضاً إن لم يكن هناك نظام كتابة خاص باللغة المرغوب الترجمة منها سيتحتم على الترجمة خلق نظام كتابي لهذه اللغة اولاً.

تستخدم بعض الخدمات نظام الترجمة الآلية للسماح للمستخدمين التحدث مع بعضهم بلغات مختلفة. منها سكايب التى عرضت خاصية الترجمة المباشرة عام 2014 وهي الآن تدعم 9 لغات من ضمنها الماندرين، العربية بالإضافة للغات الأوروبية الأكثر شيوعاً. لكنّها تتبع الأسلوب التقليدي من التحويل لنص أولا ثم ترجمته. وخدمة ترجمة النصوص من جوجل التى تستخدم الشبكات العصبية – فرع من فروع الذكاء الاصطناعي يستخدم معالِجات تحاكي الخلايا العصبية البشرية بين اللغات الأكثر شعبية مما يتيح لها تحليل جمل بأكملها فى وقت واحد والبحث عن أفضل ترجمة ممكنة لها. كما تجمع الجمل التى تحمل نفس المعنى فى اللغات المختلفة وتقوم بتمثيلهم تمثيلاً مشتركاً وهذا يمَّكِنها من الترجمة بين لغتين لم يتم تدريبها على الترجمة بينهم من قبل.

قام باحثو (عقل جوجل) – فريق فى جوجل ذو اهتمام خاص فى مجال التعلُّم العميق – بالتوجه نحو الشبكات العصبية بهدف التخلى عن مرحلة كتابة النص باللغة الأصلية فى الترجمة.

واستخدم الفريق اللغة الأسبانية فى تجاربه حيث درَّب النظام الخاص به لمئات الساعات على مقاطع صوتية اسبانية ومقابلها بالإنجليزية. وفى كل مرة كان النظام يستخدم طبقات عدة من الشبكات العصبية لتحليل موجات المقاطع والربط بينها وبين كلمات اللغة الإنجليزية. وليفعل هذا استخدم ايضاُ إمكانية تعلم الآلة – وهي من فروع الذكاء الاصطناعي التي تهتم بتطوير خوارزميات تسمح للآلات بامتلاك خاصية التعلم – ليتعلم اياً من المقاطع الصوتية يمكن أن تطابق نصوص إنجليزية بعينها.

وبعد فترة التعلم تلك أنتج نظام جوجل ترجمة إنجليزية أفضل من الترجمة التي تتم بالطريقة التقليدية حيث تم تقييم التجربتين بإستخدام مجموع بليو وهو أشهر طريقة تستخدم لتقييم الترجمة الآلية- ويكون التقييم على حسب درجة قربها من حديث محترفي اللغة من البشر.

يقول دميتري باهداناو من جامعة مونتريال، كندا “إنه يتعلم إيجاد أنماط من التطابق بين أشكال الموجات فى مقاطع اللغة الأصلية والنصوص المكتوبة”.

يمكن أن يكون هذا النظام مفيداً بشكل خاص فى ترجمة اللغات التي يتحدث بها القليل من الناس. على سبيل المثال، يمكن أن تستخدم فرق الإغاثة الدولية نظام الترجمة السريع هذا فى التواصل مع الأشخاص الذين تحاول مساعدتهم. فعندما ضرب زلزال هايتي – إحدى بلدان البحر الكاريبي – عام 2010 لم يكن هناك برامج ترجمة متاحة للكريولية الهايتية (لغة هجينة مبنية على الفرنسية يتحدث بها من 9.6 الى 12 مليون حول العالم). يمكن ايضاً للنظام أن يستخدم فى اللغات التي يندر ما يتم توثيقها وكتابتها لأن العملية لا تتطلب نص مكتوب باللغة الأصلية لتنتج ترجمة ناجحة.

لكن حتى يتم اختبار النظام على مجموعة أكبر من البيانات سيكون من الصعب التحقق من جدوى النهج الجديد وتمييزه عن الأنظمة التقليدية.

أضاف باحثو جوجل أن نهج الترجمة من المقاطع الى نصوص قد ينجح فى إنتاج نظام يمكنه ترجمة لغات متعددة ولكن بينما تستمر الترجمة الآلية فى التحسن وتستمر خوارزمياتها فى التعقد سيكون من الصعب معرفة كيف تتوصل الشبكات العصبية إلى حلولها فكما يقول بهداناو ” من الصعب معرفة ما يحدث بالداخل”.

________________________

ترجمة: سارة سمير

المقال الأصلي:

Matt Reynolds, “Google uses neural networks to translate without transcribing“, newscientist.com, 4 April 2017