في هذا المقال نشرح عمليات تعديل الهستون، ولكن قبل البدء بشرح هذه العمليات ، يجب أن نعطي تعريف عام للهستون. 

الهستون هو أحد البروتينات الموجودة في النواة والتي تساعد في تركيب ال DNA، يتكون من  ثلاث احماض امينية هي الهستين، اللايسين والارجنين.

النيوكليوسومات والهستونات

رسم توضيحي يظهر ترتيب المواد الجنينة. تظهر النيوكليوسومات التي تشكل ال DNA  بلون ( رمادي) وملتفة حول ثمانية بروتينات من الهستون وهي H2A, H2B, H3, H4 ( الدوائر الملونة). ويظهر الطرف الحاوي على النتروجين من الهستون بلون ازرق و ومممتد بين بروتيني الهستون H3 و H4.

عملية تعديل الهستون، هي سلسلة من العمليات الأنزيمية التي تلي تخليق البروتين، وتتضمن عمليات المثيلة  ( إضافة مركب المثيل)، الاستلة ( إضافة مركب الاستيل) والفسفرة (إضافة الفسفور). تؤثر عملية تعديل الهستون بشكل  مباشر على تركيب الكروماتين وبالتالي على التعبير الجيني. تقوم بروتينات الهستون بحفظ تسلسلات الحمض النووي (DNA)، وذلك من خلال الحفاظ على نسق الارتباط بينهما، والمتضمن التفاف سلاسل الحمض النووي حول بروتينات الهستون الثمانية (كما موضح في الشكل السابق). كما تؤدي عمليات تعديل الهستون دوراً مهماً في العديد من الفعاليات الحيوية داخل الجسم، والتي تشمل تنشيط أو تثبيط عملية نسخ الحمض النووي، عمليات تدمير أو إصلاح الحمض النووي وكذلك عملية حفظ الكروموسومات. توفر دراسة ورصد عمليات  تعديل الهستون المعلومات الضرورية لفهم التنظيم الجيني للعمليات الخلوية، وكذلك في صناعة الأدوية التي تعمل بشكل خاص على الإنزيمات المساعدة في عملية تعديل الهستون.

تفاعلات الأستلة و إزالة الاستيل

يتم تفاعل الأستلة على بروتينات الهستون بمساعدة الانزيمات، وذلك بأضافة جزي الاستيل (COCH3) القادم من  مركب Acetyl Co-enzyme A. 

تلعب عملية إضافة الاستيل إلى الهستون دوراً مهماً في تنظيم العديد من الوظائف داخل الخلية، بما في ذلك عمليات نسخ الحمض النووي، تمايز الخلايا، الموت المبرمج للخلايا الكبيرة في العمر، إصلاح الحمض النووي وغيرها من العمليات المهمة. تحدث عملية الاستلة كما ذكرنا بمساعدة انزيمية من الإنزيم المسمى ( الإنزيم الناقل للاستيل- acetyltransferases) والذي يختصر ب HATs، والذي يلعب دوراً مهماً في أستلة انزيمي الهستون H3 وH4 بشكل خاص. وقد تم التعرف على أكثر من عشرين نوع من أنزيم HATs. كما وجد ان الخلل في عملية أستلة الهستون يرتبط بتكون جينات سرطانية وتطوير عدة أنواع من السرطان.

أما الإنزيم الآخر فهو الإنزيم المزيل للاستيل (HDACs) والذي يزيل مجموعة الاستيل من الحامض الأميني (اللايسين) والذي يدخل في تركيب الهستون. وقد تم اكتشاف أربع أنواع من أنزيم HDACs، والذي يؤدي دوراً مهماً في تمايز الخلايا السرطانية. وقد تم تطوير عدد من الأدوية التي تعمل على تثبيط هذا الإنزيم لمحاربة عدة أنواع من السرطان.

هستونات H4 , H3

رسم توضيحي لنوعين من بروتينات الهستون هما H3 و H4.
الرمز N يشير إلى الجزء الحاوي على النيتروجين في تركيب البروتين.
M يشير إلى الجزء الحاوي على المثيل.
P يشير إلى الجزء الحاوي على الفسفور.
A الجزء الحاوي على الاستيل.

تفاعلات إضافة المثيل و إزالة المثيل من الهستون 

يعرف تفاعل ميثلة الهستون على أنه انتقال واحد أو اثنين أو ثلاث مجموعات من المثيل من مركب (S-adenosyl-L-methionine) إلى الحامض الأميني اللايسين أو الارجنين الداخلين في تركيب الهستون بمساعدة الإنزيم الناقل للمثيل (methyltransferases-HMTs). يقوم أنزيم HATs بتنظيم عملية مثيلة الحمض النووي، فبعدما تتم عملية إضافة المثيل إلى الهستون، يتم تثبيط أو تنشيط جين مخصص في الحمض النووي. هناك عدة أنواع من أنزيم HMTs، على سبيل المثال فإن الانزيمات (SET1, SET7/9, Ash1, ALL-1, MLL, ALR, Trx ) تساعد في ميثلة الهستون H3  في الموقع H3-K4) ). كذلك تقوم أنزيمات ( ESET, G9a, SUV39-h1, SUV39-h2, SETDB1, Dim-5 ) بمثيلة H3-K9. وكذلك بالنسبة للموقع K27 في الهستون H3 والذي يتم مثيلته بواسطة انزيمات G9a و EZH2

يقوم كل من H3-K9 و H3-K27 بدور مهم في تشكيل الهيبوكروماتين ويشاركان أيضًا في التعبير الجيني للجينات الصامتة. وقد وجد أن  زيادة ميثلة H3-K27 تلعب دور في بعض الحالات المرضية مثل تطور السرطان.

وكذلك فإن مثيلة الارجنين في بروتيني الهستون H3 و H4 تتم بواسطة مجموعة أنزيمات تسمى (PRMTs ). وقد تم التعرف على تسعة أنواع من هذا الإنزيمات في جسم الإنسان ولكن فقط سبعة منها لها القدرة على مثيلة الهستون. ووجد أن هناك زيادة في التعبير الجيني للانزيم PRMTs7 لدى المرضى المصابين بسرطان الثدي. 

مخطط يوضح الانزيمات المساعدة في عمليتي المثيلة وازلة المثيل للهستون H3.

مخطط يوضح الانزيمات المساعدة في عمليتي المثيلة وازلة المثيل للهستون H3.

أما عملية إزالة المثيل فتعرف بأنها حذف جزيء مثيل من تركيب الهستون بواسطة الإنزيم المزيل للمثيل. يرتبط الإنزيم المزيل للمثيل بتطور عدة حالات مرضية بما فيها الأمراض السرطانية. 

يثبت اكتشاف عملية إزالة المثيل أن مثيلة الهستون ليست العملية المسيطرة دائما بل هي عملية تبادلية. 

كما تم التعرف على نوعين رئيسيّن من هذا الإنزيم هما (LSD1) و (jmic domein )

تثبيط  عملية ازالة المثيل قد يؤدي إلى إعادة مثيلة الهستون في بقايا محددة مهمة لتنظيم الكروماتين والتعبير الجيني.  علاوة على ذلك ، فإن اكتشاف نشاط وتثبيط هذه الإنزيمات سيكون مهمًا في توضيح آليات التنظيم الجيني لتنشيط الجينات  وقد يفيد تشخيص وعلاج السرطان

المصدر:-

Histone Modifications, What is Epigenetics, viewed at: 19 July 2019