المنطقة المسؤولة عن العزلة في الدماغ تم اكتشافها . الانسان مثل باقي الحيوانات الاجتماعية يمتلك الحاجة الماسة للتواصل مع الآخرين.هذه الغريزة المتأصلة فينا تساعدنا على البقاء احياء؛ حيث انه لمن الاسهل للإنسان ان يجد الطعام، المأوى و كافة احتياجاته الضرورية الاخرى عند العمل ضمن المجموعة و ليس منفرداً.ان حرمان الانسان من التواصل مع الآخرين يودي بمعظم الأشخاص الى الشعور بالوحدة و الالم العاطفي.

In this image of the dorsal raphe nucleus, dopamine neurons are labeled in green, red, or both (appearing yellow).

في دراسة ظهرت في الحادي عشر من شباط في Cell, MIT حدد علماء الاعصاب المنطقة الموجودة في الدماغ و التي تعتبر المسؤولة عن إظهار مشاعر الوحدة عند الانسان.

تلك المجموعة من الخلايا تقع في قرب الجهة الخلفية للدماغ في منطقة تدعى نواة الرفاء الظهرانية dorsal raphe nucleus DRN، والتي هي ضرورية لرفع مشاعر حب مخالطة الآخرين عند الانسان و التي تحدث بعد فترة من الانعزال الاجتماعي، وجد الباحثون ذلك في دراسة على الفئران.

“حسب معرفتنا، انها المرة الاولى التي استطاع فيها احد ما إثبات ذلك بدقة، هي ان حالة الشعور بالوحدة ترتبط قوام خليوي داخل الدماغ.نحن الان نمتلك نقطة للبداية لدراسة ذلك الموضوع بشكل حقيقي،” صرح كاي تاي، الاستاذ المساعد في علوم الدماغ و الإدراك في وايتهيد للتطوير الوظيفي (Whitehead Career Development) ، عضو في معهد بيكور للتعلم والذاكرة (MIT Picower Institute for Learning and Memory) و هو ايضا احد المشاركين في هذه الدراسة.

بينما هنالك العديد من الدراسات التي اجريت لمعرفة الكيفية التي يبحث فيها الدماغ او يرد على التفاعلات الاجتماعية المجزية، فقط القليل منها بحث في كيف ان الشعور بالوحدة و الانعزال تحفز السلوك الاجتماعي.

“هنالك العديد من الدراسات في علم النفس التي تصف حاجتنا للتواصل الاجتماعي، والتي تكون قوية بشكل خاص عند الأشخاص الذين يعانون من الوحدة.لكن فهمنا للآلية العصبية التي تقع خلف تلك الحالة هزيل جداً في هذه اللحظة. إنه بالتأكيد يبدو استجابة مفيدة و تكيفية، لكن حقاً لا نعرف كيف حدث ذلك “، قال گليان ماثيوس الدكتور في معهد بيكور وهو الباحث الرئيسي في هذه الدراسة.

وحيداً فقط

في باديء الامر حدد ماثيو الخلايا العصبية للوحدة بالصدفة الى حد ما، عند دراسته لموضوع مختلف تماماً.عندما كان طالب دكتوراه في جامعة لندن الملكية (Imperial College London) ، لقد كانت دراسته تتعلق بكيفية تأثير العقار على الدماغ، بشكل خاص خلايا الدوبامين العصبية. هو في الأصل كان يخطط لدراسة كيف ان الاستعمال الخاطيء للعقار يؤثر على منطقة DRN، منطقة في الدماغ لم تدرس بشكل كافي لحد الان.

كجزء من الدراسة، كل فار تم عزله لمدة ٢٤ ساعة، ولقد لاحظة ماثيو في فئران المقارنة التي لم تعطى اي عقار، كان هنالك تقوية في الاتصالات في منطقة DRN بعد كل فترة عزل.

دراسات اخرى، في Imperial College London  وبعدها في مختبر تاي في معهد ماساشوسدس للتكنلوجيا، كشفت ان الخلايا العصبية تستجيب لحالة الانعزال.عندما تكون الحيوانات في مكان واحد فان الخلايا العصبية لـ DRN  تكون غير فعالة بشكل كبير.لكنها اثناء فترة من الانعزال، فان تلك الخلايا العصبية تصبح حساسة للاتصال الاجتماعي و عند اعادة جمع تلك الحيوانات مع بعضها البعض، وان نشاط DRN  يندفع بقوة.في نفس الوقت، الفئران تصبح اجتماعية النزعة بشكل اكبر بالمقارنة مع تلك الفئران التي لم تعزل.

عندما قام الباحثون بكبح تأثير الخلايا العصبية لـ DRN باستعمال علم البصريات الوراثي، التقنية التي تسمح لهم بالسيطرة على الدماغ باستعمال الضوء، فانهم وجدوا ان الفئران المعزولة لم تظهر نفس رد الفعل في المخالطة الاجتماعية عندما تم جمعهم مع الفئران الاخرى.

” و هذا يقترح ان تلك الخلايا العصبية مهمة فيما يتعلق برد الفعل المحفز بالعزلة في حالة حب الاختلاط بالآخرين” حسب تاي.” عندما يتم عزل الأشخاص لفترة طويلة و بعدها يتم جمعهم مع الناس الآخرين، يصبحون متحمسون جداً لان هنالك تدفق قوي من التفاعل الاجتماعي.نحن نعتقد ان تلك السمة التكيفية و التطورية هي ما نقوم بقولبته في الفئران، وان تلك الخلايا العصبية ممكن ان تلعب دوراً في زيادة الحافز لمخالطة الآخرين”.

الهيمنة الاجتماعية

الباحثون وجدوا ايضا ان الحيوانات التي لديها مرتبة عالية في التسلسل الهرمي الاجتماعي كانوا اكثر استجابة للتغيرات في نشاط الـ DRN، و هذا يفترض انهم اكثر عرضة لمشاعر الوحدة التي تتبع الانعزال.

” ان التجربة الاجتماعية لكل حيوان لا تتشابه مع الآخرين في المجموعة”، قال تاي.”اذا كنت الفار المهيمن، ربما تكون محباً لبيئتك الاجتماعية.اما اذا كنت فأراً تابعاً، و تكون متعرض للضرب كل يوم، و ربما لا تجد الكثير من المرح، فإنك ربما تشعر بأنك مبعد اجتماعياً بشكل سابق”.

هذه النتائج تمثل الحجر الأساس للدراسات المستقبلية عن الوحدة” قال الشينو سيلڤا، الاستاذ في علم الاعصاب، الطب النفس و علم النفس في David Geffen School of Medicine at UCLA وهو ليس جزء من هذا البحث.

“هنالك شيء جذاب و شاعري و هو ان ادوات علم الاعصاب توفر لنا الفرصة للوصول الى اعماق الروح الانسانية، و في هذا البحث فإننا نستكشف حتى معظم العواطف الانسانية، الوحدة، تكون مشتركة بشكل يمكن تمييزه مع احد أقربائنا البعيدين من الثدييات وهو الفار،” صرح بذلك سيلڤا.

الباحثون الان يدرسون اذا ما كانت تلك الخلايا العصبية في الواقع تكشف الوحدة او انها مسؤولة عن قيادة الاستجابة للوحدة، او انها تكون جزء من شبكة عصبية داخل الدماغ التي تستجيب للعزل الاجتماعي.وفي حقل اخر ممكن ان يتم استكشاف اذا ما كانت الاختلافات في تلك الخلايا العصبية ممكن ان توضح لماذا بعض الناس يفضّل التواصل الاجتماعي مقارنة بآخرين، او اذا ما كانت تلك الاختلافات فطرية او تشكلت بسبب التجارب الحياتية.

” من المحتمل ان هنالك بعض الجزء والذي من الجيد ان يتم تحديده بواسطة الميزات الفطرية للدماغ، لكن انا اعتقد انه من المحتمل ان يكون مساوي اذ لم يكن اكبر، المساهمة تكون من البيئة والتي فيها تطور الأفراد” قال تاي.” انه فعلاً سوْال  مفتوح.نحن نستطيع فقط ان نضع الفرضيات حوله حتى الان”.

مارك انگلس، محاضر في Imperial College London, وهو ايضا احد المشاركين في تلك الدراسة.الطلاب الخريجون  في MIT ادورد ني و كاتلين ڤاندر وييل مساهمون في تلك الدراسة.

 

مصدر:

http://news.mit.edu/2016/neurons-loneliness-brain-0211