الذاكرة العاملة هي القدرة على المحافظة  والابقاء على التمثيلات  بحالة واعية وفعالة، مما يمكنك  من استعمالها في العمليات اللاحقة او  في ما تفكر به لاحقا. احدى الامثلة على ذلك هي عندما يخبرك احدهم عن رقم هاتفه، وعليك ابقاء رقم هاتفه بعقلك بينما تذهب الى الغرفة الاخرى لتحضر ورقة وقلم لتكتبه [إنها تشبه القيام بعملية نسخ في الحاسوب والإستعداد للصق المعلومات التي نسختها في مكان آخر].

لماذا تعد الذاكرة العاملة مهمة جدا كقدرة معرفية لدى الإنسان؟

الفروقات في قدرات  الذاكرة العاملة بين البشر، لها علاقة بقدرات معرفية اخرى مهمة، فهناك  علاقة قوية جداً مع الذكاء السائل او الذكاء العام (fluid g or general intelligence)، كما أن لها علاقة مع القدرة على التفكير المنطقي، وكثيرون يعتقدون ان الذاكرة العاملة هي نفس الشئ عندما يكون الكلام عن الذكاء السائل، على الرغم من اننا ربما لا يمكننا اعتبارها كذلك بشكل كامل.

لماذا دفتر المذكرات العقلي هذا مهم جدا للذكاء السائل؟

انواع عدة من النشاطات الروتينية الذكية التي علينا القيام بها – كالقيام بالعمليات الحسابية العقلية – لها مكانها في الذاكرة العاملة، محاولة التركيز على الطريق، بينما تواصل محادثتك مع شخص ما بالسيارة لها أيضاً مكانها بالذاكرة العاملة  أيضاً لأنك في تلك الحالة عليك ان تبقى في عقلك موضوع المحادثة وما يجري فيها بينما تركز على شيئ اخر، وفي نفس الوقت عليك تقليل او تجاهل العناصر التي تشتت انتابهك، و المحافظة على انتابهك وذلك في صميم مفهوم الذكاء السائل.

كيف تختلف –اذا ما كان الاختلاف موجوداً أساساً – الذاكرة العاملة عند البشر عن تلك الموجودة في الرئيسيات والحيوانات الاخرى؟

في تركيبها الرئيسي قد لا تختلف أبداً، أنا لا أعتقد ان لدينا دراسات كافية لتظهر ذلك، لكن هناك ادلة تشير الى ان الحيوانات الاخرى تستطيع الابقاء على تمثيلاتها، حتى بعد ان يذهب المحفز لذلك، فالحيوانات تستطيع استدعاء هذه التمثيلات باستخدام التخيل البصري، يمكنهم كذلك التلاعب بهذه الذكريات لخطط طويلة او متوسطة المدى، كل الاشياء التي نستطيع ان نفعلها باستخدام ذاكرتنا العاملة، يبدو ان الحيوانات تستطيع ان تفعلها أيضاً.

إذاً هل هناك أي شئ مميز بالذاكرة العاملة التي لدينا كبشر؟

ليس هناك دليل يمكن أخذه بعين الاعتبار عن ما يحدث حقا بالذاكرة العاملة، لكن قد يكون ما يميزنا عن الحيوانات هو اننا نعتبر مستخدمين مزمنين للذاكرة العاملة، اي اننا نستطيع استخدام مخيلتنا كل الوقت، نحن نستخدم الذاكرة العاملة في كل لحظة بيومنا، فعندما لا نكون بصدد القيام بشيئ معين، نكون مستغرقين بتخيل شيئ معين، ذلك يعني اننا دائما ما نلعب حولنا مع خطط وطرق بديلة في فعل الامور.

أهناك اي دليل على ان هناك دوائر دماغية مميزة للبشر تسمح لهم باستخدام هذه المرافق الدماغية المرتبطة بعملية التخيل؟

انا اعتقد ان الامر على الاغلب تحفيزي، ربما يكون هناك فرق دقيق في الاسلاك الرابطة للدوائر الدماغية، لكنه ليس فرقا رئيسياً. ان الامر يتعلق بالتحفيز، فعندما يحفز شخص  ليستدعي شيئ من ذاكرته العاملة، تشغل الذاكرة العاملة بدورها كمكافأة ذاتية او تعزيز ذاتي ليكون قادرا على استخدام المخيلة.

خمنت مع طالب دراسات عليا في ورقة بحثية كتبتها حديثا، ان هذه ربما تكون وظيفة اللعب الظاهري الذي يتميز به البشر، حيث أن هناك الكثير من الحيوانات الذين ينخرطون بالعاب خشنة وعنيفة، لكن اللعب التخيلي (التظاهري) يبدوا أنه مميز للبشر، حيث أن كل البشر يقومون به، ربما السبب وراء ذلك هو لوضع الدماغ بوضعية انتاج التمثيلات المقترحة بواسطة البيئة.

هناك مثل شهير حول ذلك، وهو  التظاهر بان موزة هي تلفون، حيث ان لها تقريبا نفس الشكل، ما تفعله هو انك تتخيل انه تلفون و تفرض تمثيلا عليه وتستخدمه بناء على ذلك، هذا نشاط  مستحدث ذاتيا يمكن ان يكون داخليا، ففي نهاية الامر، -كلما كبرت سنا– ليس عليك ان تجسد او تظهر ما تلعب به على انه شيئ اخر، كل ما ستفعله هو استخدام مخيلتك.

المصدر:

Gary Stix, Working Memory and the Movies Streaming In Our Heads, Scientific American, March 29, 2014