زعمت فيديوهات ومواد كثيرة حول الانترنت – يقدمها أشخاص غير عارفين باللغة أو الفلك أو الدين الإسلامي – أن الإسلام كان قد تنبأ بالنجوم النابضة في القرآن قبل زمن طويل. مِن هؤلاء زغلول النجار[1] وآخرين[2]. ومثل سائر مزاعم الإعجاز العلمي فإن تفنيد زعم كهذا يبدأ من التفاسير الدينية والمفهوم اللغوي ثم يمضي نحو العلم. لكن هل سنحتاج للعلم من الأساس لتفنيد إدعاء كهذا؟
يقول الشخص الظاهر في المقطع أن سورة الطارق في القرآن التي تنص على “وما أدراك ما الطارق، النجم الثاقب”، هو وصف كافي للنجوم النابضة. لكن مفسري القرآن الذين يفهمون اللغة العربية في حينها أكثر مدعي الاعجاز العلمي، يوضحون أن الطارق هنا يعني فقط ما يظهر في الليل ولا يظهر في النهار، في حين أن مروجي الإعجاز يزعمون أن الطرق هنا تعبير عن صوت الطرق والذي يربطه بمغالطة واضحة مع التردد الذي تبعثه النجوم النابضة[3]، ثم يظهر صورة مضللة لنجم ومعه صوت فرقعة، جاهلاً أو متجاهلاً بأنه لا توجد أصوات في الفضاء. يقول الطبري[4]: “أقسم ربنا بالسماء، وبالطارق الذي يطرق ليلاً من النجوم المضيئة، ويخفى نهارًا” ويتفق معه سائر المفسرين. ويقول الشاعر الجاهلي السموأل:
وَما أُخمِدَت نارٌ لَنا دونَ طارِقٍ
وَلا ذَمَّنا في النازِلينَ نَزيلُ
ويقصد بالطارق هنا زائر الليل حيث يمتدح كرم قومه أنهم لا يخمدون ناراً حين يأتيهم طارق. وقد وردت الكلمة في أشعار كثيرة بذات المعنى كما ورد “النجم الطارق” تحديداً في أشعار جاهلية، فهل فيها إعجاز؟
أما الثاقب فلا يجد له صاحب المقطع حلاً فيقول إنه يذيب كل شيء لأنه شديد الحرارة. وفي الواقع إن ربط صفة حار بكلمة ثاقب هو عين الكذب والتضليل في الوقت الذي يُجمع فيه المفسرون القدماء على أن الثاقب تعني صفة للضياء الشديد وتعطى الصفة ايضاً للشهب في عربية القرآن وما عاصرها فيقول الشاعر مثلاً:
شهاب لكم ترمى به الحرب ثاقب
ويقول آخر في وصف يبدو واضحاً أنه صفة للضياء:
ألامع برق بالمجرة ثاقب بدا أم وجوه الأكرمين الأطايب
فكيف وصل النابغة الذي يتكلم بالعامية أن الثاقب هو الذي يذيب كل شيء في طريقه؟
محاولة بائسة، لم نحتج فيها إلى الكثير من الدليل العلمي بل إن التضليل اللغوي كان هو الغالب من قبل هذه المقاطع والمقالات. إن دلالات الكلمات مثل ثاقب وطارق تمر بتغيرات عديدة في المعنى خلال العصور المختلفة لكن مع ذلك فإن الادعاء لم يلامس حتى المعنى الحديث.
المصادر
[1] زغلول النجار، ما هو الطارق، برنامج من إعجاز القرآن تقديم أحمد فراج، أبريل 2022
[2] محمد شودب، الإعجاز العلمي في قوله والسماء والطارق، ٢٨ مارس ٢٠١٩
[4] الإسلام سؤال وجواب، “ما معنى أول ثلاث آيات من سورة الطارق؟”، 18-06-2012
تم نشر هذا المقال ضمن العدد 55 من مجلة العلوم الحقيقية وراجعته لغوياً ريام عيسى
للأسف انت بينت جهلك باللغة العربية
فاللغة العربية لغة البلاغة و المعنى القريب و المعنى البعيد و التشبيه والتورية و الاستعارة وليست لغة جامدة كل لفظ له فقط ما يقابله في القاموس و انت اهملت واغفلت كل المعاني لكلمة طارق في اللغة العربية وانكرت كون اللغة تستخدم تشبيهات واستعارات يعجز عقلك الضئيل المتؤرب عن فهمها