التماثيل واللوحات الباكية هي تماثيل ولوحات تعود لشخصيات دينية مقدسة وغالباً ما تكون في اماكن عبادة أو مزارات ويشاع فجأة أن التمثال صار يبكي وتنزل منه الدموع أو الدماء فيؤدي ذلك الى توافد المئات وربما الآلاف من الزائرين لرؤية المعجزة الحية دونما يكلف أحدهم نفسه عناء البحث في تفسير ما يحدث.
إحدى هذه الأحداث كانت في مدينة ميلانو الايطالية بشهر مايو (2011)، حيث ذكرت الصحف داخل وخارج إيطاليا أن الصورة الرمزية للسيدة العذراء قامت بذرف الدموع وذلك في كنيسة القديس نيكولاس الأرثوذكسية بميلانو للمرة الثانية. المرة الأولى عام 2008، والثانية في أبريل 2010.
يقول رئيس الأساقفة بالكنيسة، الأب أفونديوس:”كانت الساعة حوالي الرابعة والنصف، كنا نقوم بتنظيف الكنيسة قبل صلاة المساء. فجأة، لاحظ شخص ما بأن لوحة السيدة العذراء تبكي، بنفس الطريقة كما فعلت السنة الماضية.”
ولكن بعد التحقق من اللوحة الباكية وجد فرق المشككين الايطالي الذي يعرض برنامجاً مختصاً بكشف الألاعيب والخداع، وجد الفريق أن اللوحة كانت بمتناول يد الجمهور ولا أحد يراقب أو يشرف على ما يحدث، ورغم إبداء الأسقف المشرف على الكنيسة استعداده لقبول نتائج أي كشف علمي لكن اللوحة كانت قابلة للتلاعب أمام القادمين. ما استطاع الفريق من إيجاده هو أن مادة الدموع المزعومة كانت زيتاً نباتياً اعتيادياً وذلك بعد تحليله مختبرياً، وهو ما كان سيفكر به أي شخص يود الإبقاء على الدموع واظهارها بشكل جيد بدلاً من المياه السريعة التبخر. حتى أن قطرات الزيت كانت منثورة على أرض الكنيسة.
بعد بضعة أسابيع من فحص العينات من مختبرات الطيف الكتلي (Mass spectrometry)، فـ بافيا. ولقد اتضح أن المادة التي وُجدت على اللوحة كانت نوعاً ما من الزيت النباتي. تم رفض الاقتراح القائل بأن اللوحة نفسها أنتجت هذا الزيت وذلك لأن:
1- الرسوم الزيتية تتم باستخدام الزيوت المعدنية لا النباتية سهلة التلف.
2- إنْ كان رشحاً طبيعياً، كان سيحدث في جميع أنحاء اللوحة – لا عيني العذراء وطفلها فقط.
هناك احتمالات عديدة للوحات الباكية أبرزها:
- سكب الزيت من نقطة في الأعلى أو قذفه بشكل متقن ليسقط على عيني الشخصية الموجودة في اللوحة. هذا الاحتمال لا يترك أي آثار بعد ازالة موضع قذف الزيت ويُمكن ايقاف القيام بالمعجزة حالما يتجمهر الناس ليطلعوا على آثارها المجيدة.
- انابيب دقيقة في محيط اللوحة أو اطارها. لن يجرؤ أحد المؤمنين بالمعجزة ولاسيما من الجمهور الأولي المتقدم لمشاهدة اللوحة على التحقيق في الأمر، تأثير الأنبوب الدقيق سيختفي حالما ينضب الزيت القليل المضاف إليه بطريقة ما ولن يلحظ أحدٌ وجوده ويُمكن رفعه لاحقاً أثناء تعديل اللوحة.
خلال التحقيق في تلك القضية، كانت الشرطة الايطالية قد اختتمت العمل على قضية أخرى مشابهة. وهي صورة فوتوغرافية للسيدة العذراء، يمتلكها زوجين من مدينة ميسينا بصقلية – ولقد أقسما على أنها بكت دماءً. وكنتيجة لذلك فإن البيت أصبح مذ ذلك الحين يُزار من قبل آلاف الحجاج. في النهاية، كانت الشرطة قادرة على تحديد بشرية الدماء، وأن الحمض النووي (DNA) ينتمي إلى أحد الزوجين. والآن يواجه الزوجين مخاطر الاتهام بـ إساءة استخدام السذاجة الشعبية، والتي لا يزال القانون الإيطالي يُعاقب عليها باعتبارها جريمة.
أما فيما يتعلق بالتماثيل الباكية فيقول المشكك الإيطالي لويجي غارلاشيلي (Luigi Garlaschelli) شارحاً كيفية صناعة اللوحات الباكية:
تحتاج إلى عمل فني مصنوع من مادة مسامية كالجص او السيراميك، وأن يكون العمل الفني مصقولاً أو مطلياً بطلاء غير نفاذ (impermeable coating) ثم يُدخل الماء الى التمثال بطريقة ما ويقوم الفاعل بإحداث ثقب أو خدش في العين لينساب الماء من تلك المنطقة وحالما ينفذ الماء وقد تكون كميته قليلة أساساً فلن يكون من الممكن تتبع فعل الفاعل.
توضيح
هل يُمكن الاعتماد على الشهادات الشخصية لدعم استنتاج؟
عادة لا يُمكن الاعتماد على الشهادات الشخصية ، ولا يُمكن قبولها إلا بعد معرفة مدى الخبرة، القيم، المصلحة الشخصية، التحيزات التي تكمن وراء الشهادات.
يُوجد 4 مشاكل رئيسية بخصوص الشهادات:
1- الانتقائية
الناس الذين يقدمون الشهادات الشخصية عادة ما يكونون انتقائيين في اهتماماتهم. بمعنى أنهم يولون اهتماماً كبيراً للمعلومات التي تدعم معتقداتهم، ويتجاهلون تلك المعلومات التي تبطلها. فالاعتقاد هو الرؤية.
2- المصلحة الشخصية
العديد من الشهادات تأتي من أشخاص لديهم شيء ما يكسبونه من خلال الإدلاء بشهادتهم.
3- معلومات محذوفة
عادة لا توفر الشهادات معلومات عن الأساس الذي تم على بناءه إصدار الحكم.
4- العامل البشري
تكون عادة الشهادات مقنعة جداً، لأنها تأتي من أشخاص صادقين، ذوي نية صادقة، وجديرين بالثقة.
المصادر
Massimo Polidoro, “The Case of a Weeping Orthodox Icon”, CSI, Skeptical Inquirer vol. 36.1, January/February 2012.
Robert Todd Carroll, “Weeping Statue”, The Skeptic’s Dictionary, October 27th, 2015.