قرر الطفل الصغير كريستوف، بينما كان يتعرف على ابسط مفاهيم الوعي، أنه يعتقد بأن الوعي لا يقتصر على البشر فقط، بل على الحيوانات أيضاً. مضت الأيام وسلك طريقاً علمياً فريدا جمع فيه مجالات عدة وترأس مركزاً علمياً يعد من الأهم في العالم ببعض المجالات. كريستوف كوخ هو العالم الذي سنغطي نبذة عن حياته في العدد 60 من مجلة العلوم الحقيقية.

ولد كريستوف كوخ في الولايات المتحدة، غير أن حياته لم ترتبط بمكان ولادته حيث قضى طفولته مع عائلته في بلدان عدة منها المغرب نتيجة عمل والده كدبلوماسي. اثمرت مسيرة كريستوف كوخ الدراسية حصوله على شهادة الدكتوراه من معهد ماكس بلانك عام 1982. عمل أيضاً بمعهد ماساشوسدس للتكنلوجيا ثم معهد كاليفورنيا للتكنلوجيا. كما ساهم في مسيرته بتأليف مئات الأبحاث. ليس هذا فحسب بل يساهم كوخ بالكتابة دورياً في الصحافة العلمية الموجهة للعامة عبر موقع ساينتفك امريكان.

عمل كوخ مع شمعون اولمان (Shimon Ulman) على ما عرف بخارطة التميز البصري. وتظهر هذه الخارطة ما نركز عليه بأبصارنا ونعتبره بارزاً أو متميزاً، أي نعطيه أولوية أكبر في المشهد حين ننظر. كان هذا هو من أوائل ما عمل عليه.

خص كريستوف كوخ جانباً من عمله وعلمه بدراسة الوعي البشري الذي رأى أنه قابل للدراسة من وجهة نظر عصبية. نلاحظ أن كوخ هنا يقف بجانب بيولوجي بالمقارنة مع الجانب العلمي-الفلسفي الذي ينطلق منه دانييل دينيت. من التجارب الشهيرة التي قدمها كوخ هي ما يعرف بالكبت الخاطف المستمر (continuous flash repression) حيث يعرض محفز ثابت مثل صورة وجه على احدى عيني الشخص الخاضع للتجربة فيما يعرض محفز متغير بشكل مستمر على العين الثانية مما يؤدي وبشكل غريب الى كبت المحفز الثابت بالمحفز المتغير الذي تراه العين الثابتة. ترتبط هذه التجربة أيضاً بمفهوم التميز البصري الذي درسه كوخ أيضاً.

وكما فكر بطفولته يوماً، عمل كوخ مع عالم الأعصاب جيوليو تونتوني (Giulio Tontoni) بالعمل على نموذج أشمل للوعي. يمكن للوعي أن يغطي أي شيء يمتلك قدرة سببية وفق مفهومها. يمكن أن يغطي ذلك شيئاً مثل الانترنت مثلاً وليس فقط الكائنات الحية.

في العام 2011 عين كوخ ليرأس معهد ألين لعلوم الدماغ (Allen Institute for Brain Science). المهمة الأساسية لكوخ والعلماء العاملين معه تتلخص بمشروع لفهم العمليات الحاسوبية للدماغ. ينطلق الباحثون في معهد ألين من دراسة الفوتونات الى فهم السلوك. يقومون بإجراء تجارب يحاولون فيها التأثير على السلوك من خلال التلاعب بإشارات الدماغ لدى الفئران. يعمل في المؤسسة قرابة 300 عالم ونالوا تمويلاً قدره 500 مليون دولار من مؤسس ميكروسوفت بول ألين (Paul Allen).