أسرار تطور الأسماك العظمية : كما كتب الروائي بالقرن العشرين جوسيف كوراد (joseph Conrad) “فقط اؤلئك الذين لايفعلون شيئا، لا يقعون في الخطأ” والطبيعة ابعد ما تكون عن كيان لا يفعل شيئ، انها مشغولة جدا، لذلك هي تخطأ كثيرا أيضاً، لكنها نابغة، فهي قادرة على استخدام ذلك لمصلحتها، خذ على سبيل المثال، عملية مضاعفة الجينوم – خطأ في تكرار الشفرة الوراثية DNA أو التزاوج بين نوعين، الذي يعمل على مضاعة عدد الكروموسومات، مما يقود الى مضاعفة الكمية الضخمة من الجينات. خطأ كبير كهذا يشكل لنا أحدى القوى الرئيسية المسرعة لعملية التطور.
الكائنات الحية ذوات المجموعات الجينية الاضافية تستطيع ان تراكم وتختبر الطفرات اسرع ومع ضغط انتقائي اقل من الكائنات التي لا تملك سوى مجموعة جينية واحدة، واحدة من النسخ للجين الواحد تستطيع المحافظة على الوظيفة الطبيعية للخلايا حتى لو كانت النسخة الاخرى للجين قد تطورت واصبحت مؤذية او عديمة الفائدة، إحدى البدائل الاخرى الممكنة، هي عندما يكتسب احد الجينات وظيفة اخرى تماما، او كلا الجينان يبدآن بالتخصص، حيث يأخذ كل واحد منهم جزء معين من الوظيفة الموروثة.
الـ (زيادة) هي شيئ مألوف وشائع في الطبيعة، فعلى سبيل المثال العديد من جينات البشر موجودة بعدة نسخ، على كل حال فإن الزيادة المتجاوزة للحد قد تؤثر على الكفاءة، اذ ان كل مضاعفة لجينوم كامل يتبع بحدث لفقدان لهذه الجينات المضاعفة.
ورقة بحثية جديدة مساهمة في هذا المجال، نشرت بمجلة (PNAS) من قبل علماء من مؤسسة أوكيناوا للعلوم والتكنلوجيا جامعة الدراسات العليا (Okinawa Institute of Science and Technology Graduate University)، و جامعة ريوكيو (university Ryukyus)، جامعة توهوكو (Tohoku university) وجامعة نيهون (Nihon University)، يقترحون نموذج رياضي به طوران يصف انماط فقدان الجينات خلال جدولين زمنيين مختلفين، بعد عملية المضاعفة للجينوم الكامل.
البحث بدأ من قبل دوكتور يونيو اينو (Dr Jun Inoue) من طاقم العلماء في مؤسسة اوكيناوا، الاستاذ المساعد يوكوتو ساتو (Assistant Prof. Yukuto Sato) بجامعة توهوكو، والاستاذ موتسومي نيشيدا (Prof. Mutsumi Nishida) نائب رئيس بجامعة ريوكو،حيث كان يعمل الثلاثة بجامعة طوكيو، كان جل تركيزهم على الاسماك المكتملة العظام teleost fishes، المجموعة الاكبر من الاسماك العظمية كما يظهر (بالشكل 1)، هذه الاسماك خضعت الى عمليتها الخاصة بمضاعفة الجينوم قبل 300 مليون سنة مضت تقريبا. “بينما، كانت المضاعة الاخيرة التي حضي بها جينوم السلالة البشرية قبل نصف بليون سنة مضت تقريبا، ومن الصعب جدا تقفي تلك المضاعفة ” كما يقول الاستاذ روبيرت سنكلير prof. Robert Sinclair، رئيس وحدة علم الاحياء الرياضي.
(الشكل 1)(تطور الفقريات الرئيسية واحداث مضاعفة الجينوم الكاملة )
هذا العمل يتطلب تطوير لكل من الادوات الحسابية والرياضية، بحيث تكون كل واحدة ملائمة لسابقتها، محددة لنا التاريخ التطوري للانواع المرتبطة بها. هذه الادوات تم تطويرها من قبل مجموعة بحث، ويمكن تطبيقها على حالات اخرى لعملية مضاعفة الجينوم في الكائنات الحية، من أي نوع، متضمنة البشر.
في مقارنة لجينومات اسماك الزرد zebrafish و الاسماك اليابانية الشائعة الميداكاmedaka وهما نوعان مرتطبان متبعادان حضى كل احد منهما على 250 مليون سنة من التطوير المنفصل كما يبين ذلك (الشكل 2(A—يظهر انهما متشابهان جدا (الشكل 2B )” اشكالهم، مساكنهم، وطرق الانجاب مختلفة جدا، مما يفترح علينا ان التركيب الرئيسي لجينوم السمك المكتمل العظام teleost genome وجد قبل ان تبدأ عملية الانقسام والتنوع لهذا الصنف ” كما يفقول دوكتور اينو، كما يدعم هذا الاستنتاج عملية التحليل التي اجريبت لسبع جينومات لانواع اخرى من الاسماك المدروسة بشكل مفصل.
أ- شجرة الانواع تظهر مجموعة الفقريات الرئيسية وعلاقاتها التطورية
ب- مقارنة الجينومات بين نوعين مع الخطوط الملونة، يظهر الشكل اذا ما كان هناك توافق بين جينات البشر وواسماك الميداكا (بالدائرة العلوية )وبين اسماك الزرد واسماك الميداكا( بالدائرة السفلية )، التركيب للجينومات مختلف تماما بين البشر واسماك الميداكا بينما متوافقة جدا بين اسماك الميداكا واسماك الزرد
ج- نمط فقدان الجينات يظهر طوران لفقدان الجينات بعد عملية المضاعفة في الاسماك المكتملة العضام (teleost fishes)
A و C يستخدمان نفس الخط الزمني
نتائج هذه الدراسة تقترح أن ما يقارب 80% من الجينومات المضاعفة فقدت بأول 60 مليون سنة بعد عملية المضاعفة الكاملة للجينوم، اخذا بعين الاعتبار أن الفقريات الاولى ظهرت على سطح الارض قبل ما يقارب 500 مليون سنة، فأن 60 مليون سنة وقت قصير جدا، يقول دكتور انو انه من المعقول حتى ان التناقص في الجينوم حصل بشكل اسرع، ” نحن ننتظر الحصول الحصول على جينوم سمك الانقليس ell fishes لفك شفرتها بشكل كامل لاختبار هذه الفرضية “، اسماك الانقليس وقرائبها هي واحدة من المجموعات الاولى التي انفصلت عن الاغلبية من الاسماك مكتملة العظام (teleost fishes) بعد عملية المضاعفة الخاصة للجينوم بهذا الصنف، مقارنة اسماك الانقليس مع الاسماك مكتملة العظام الاخرى سوف يوضح بشكل أكبر عملية التطور لكل الاسماك.
فكرة فقدان الجينات المضاعفة ليست جديدة، على الرغم من اننا وصلنا الى نتيجة مهمة جديدة وهي “اننا قد وجدنا دليل على ان الجينات يتم التخلص منها بشكل سريع وباعداد ضخمة بعد عملية المضاعفة الكاملة، وهذا يقود الى اعادة تشكيل سريعة للجينوم ” كما يقول الاستاذ سنكلير (prof. sinsclare)، في الطور الاول مجموعات من الجينات المتجاورة او حتى قطع كروموسومية كبيرة تمحى اذا ماكانت عديمة الفائدة او مسببة للمشاكل، ومن المثير للاهتمام، ان العديد من السلالات الرئيسية المنقسمة من الاسماك المكتملة العظام لم تظهر في هذا الطور السريع.
الطور الثاني يتميز بكون فقدان الجينات فيه ابطأ، العلماء يقترحون ان الجينات المزدوجة تبقى ويحتفظ بها اذا اصبحت كل نسخة مهمة واساسية. بينما تستمر عملية التخلص من الجينات المضاعفة الاخرى، لكن على الاغلب واحدا تلو الاخر، هذه العملية تحدث حتى اليوم، حيث أن التطور لا يتوقف ابدا
الطرق المطورة لتحليل الجيونامات والمستخدمة بهذه الدراسة، ستمهد لنا الطريق لفهم افضل لعملية التطور، متضمنة عملية تطورنا كبشر.
المصدر: http://www.oist.jp/news-center/press-releases/mysteries-bony-fish-genome-evolution