اهلا بالجميع اليوم سنتكلم عن الحدس فكثير من الاحيان نصف اشخاص بان لهم قوة حدس اكثرمن الاخرين , يعرف البعض الحدس على انه عملية اتخاذ قرار مفاجئ بدون الرجوع الى عملية استخلاص منطقية للنتائج من خلال معطيات واضحة وفيه لا نستخدم المنطق المعتاد في اتخاذ القرارات , انه تصور فوري للمبادئ الاولى كما يقول صديقنا القديم افلاطون
العمليات الادراكية التي تجري داخل ادمغتنا دفعتني للتساؤل عن ماهية الادراك و عندها توصلت الى تعريف مناسب للادراك على انه عملية التوصل إلى المعاني من خلال الانطباعات التي تأتي بها الحواس عن الاشياء الخارجية وتحويلها الى تمثيلات عقلية معينة وهي عملية لاشعورية
وتشير المصادر الى انه في الخمسين سنة الاخيرة زادت اهمية العلوم الإدراكية Cognitive science وكتبت فيها الكثير من البحوث وحظيت بتعريف مميز اذ تشير المصادر في تعريف العلوم الادراكية على انها الدراسة العلمية للعقل أو الذكاء . علم الادراك تخصص جامع لعدة علوم، فهو يأخذ، يساهم ويتكامل مع علم النفس وخاصة علم النفس الادراكي ومع الذكاء الاصطناعي، واللسانيات linguistics، وكذلك اللسانيات النفسية psycholinguistics، والفلسفة (خاصة فلسفة العقل)، وعلوم الحاسب، والعلوم العصبية neuroscience، والمنطق، والروبوتات robotics، وعلم الإنسان أو ما يدعى بالأنثروبولوجيا anthropology وأخيرا علم الأحياء بما في ذلك الميكانيك الحيويbiomechanics.
الان دعونا قليلا من مصادرنا الماخوذة من جدتنا ويكيبديا ولندخل في صلب الموضوع فما اثار اهتمامي في هذه المسالة هو مامدى تاثير حدسنا على قبول نظرية معينة كان تكون نظرية التطور مثلا ؟؟
الاجابة جاءت من خلال دراسة جديدة ظهرت في هذا المجال حيث تثير تساؤلا حول قبول نظرية معينة من قبل الطلاب كأن تكون نظرية التطور مثلا وهل لاحساسهم الداخلي او شعورهم الغريزي او لنسمه حدسهم الشخصي.. the feeling of certainly دور في اتخاذ القرار وما مدى صحة هذا القرار المعتمد على الحدس
الدراسة تشير الى اهمية الحدس في تاثيره على اتخاذ القرار بالسلب او بالايجاب فعامل الحدس لا يقل اهمية عن فهمهم للحقائق العلمية المتعلقة بالنظرية . ترتكز دراستهم على نموذج FOC وهو مختصر لـ the feeling of certainly المتعلق بالفهم الناشىء من معرفة وظائف الدماغ المتعلقة بالمعرفة واليات اتخاذ القرار المعتمد على الحدس
فاستنادا الى دراسة جديدة قام بها كل من ( ديفيد هاوري) ( روس نيهم) و ( مينسو ها ) وهم اساتذة في كلية التربية في جامعة أوهايو وبتمويل من مؤسسة العلوم الوطنية الامريكية وجد الباحثين عند تحليلهم لآراء طلاب كلية التربية والتعليم المختصين بمادة البيولوجيا ان الحدس FOC والشعور الداخلي حول كون فكرة معينة كونها محقة ام لا كنظرية التطور قد يشكل دافعا قويا للطلاب في مسألة قبولهم لنظرية التطور من عدمه ووجد الباحثون ان اغلب العوامل المتعلقة بهذا الحدس FOC او الشعور الداخلي تتعلق بمستوى ثقافته العامة وطريقة تفكيره
تكمن الفكرة في مسالة قبول نظرية ما كنظرية التطور او رفضها في الفرض الشائع الذي يقول (( بان الناس اذا عرفوا النظرية وتفاصيلها فانهم سيرون المنطق الذي يكمن ورائها وسيتقبلونها )) جميع الدراسات العلمية المتعلقة بهذا المجال كانت نتائجها مليئة بالتناقضات فحينما تجد دراسة علاقة بين مستوى المعرفة وبين القبول لنظرية او فكرة ما لم تجد دراسات اخرى اي علاقة بينهما فالبعض قد يجد اثناء الدراسة علاقة بين الهوية الدينية والقبول بينما لا تجد دراسة اخرى نفس الامر وهكذا فمن الواضح ان هنالك عوامل اثناء الدراسة لم نضعها في الحسبان فنحن نفترض ان الناس يقبلون فكرة معينة او نظرية معينة او يرفضونها استنادا الى اساس منطقي وعقلاني بالكامل لكن النتائج التي جاءت بها هذه الدراسة موضع الخبر كانت فريدة من نوعها وبسيطة في نفس الوقت
هاري وزملائه استغلوا البحوث الادراكية (واعني بها تلك البحوث العلمية التي يكون متعلقها العقل أو الذكاء ) للوصول الى نتيجة مفادها ان ادمغتنا لا تعالج الافكار منطقيا فقط بل ان ادمغتنا تعتمد على احساسنا الداخلي FOC او ما نسميه حدسنا حول ما اذا كان هذا الشيء صحيحا او لا في اصدار الحكم النهائي على الفكرة .مجمل البحوث في علم الاعصاب بهذا المجال اظهرت نتيجة واحدة وهي انه : عندما يكون هنالك تعارض بين الحقائق المنطقية وبين المشاعر فان المشاعر هي التي تكسب في النهاية
الباحثون قاموا بالدراسة لتحديد في ما اذا كان الحس البديهي يمكن ان يفسر سبب قبول بعض الناس بنظرية التطور على عكس البعض الاخر . الدراسة نشرت في Journal of Research in Science Teaching وشملت 124 طالب كلية التربية والتعليم (اختصاص بيولوجيا ) في مختلف المراحل في جامعتين كوريتين جنوبيتين .
في البداية اجاب الطلاب عن مجموعة من الاسئلة القياسية المصممة لقياس القبول العام لنظرية التطور هذه الاسئلة تبحث حول ما اذا كان الطلاب يؤمنون بالمبادئ العامة للتطور ومفاهيمه الرئيسية والنتائج العلمية التي ترتكز عليه هذه النظرية ام لا
بعدها تم اعطاء الطلبة اختبارا عن تفاصيل محددة عن علم التطور لإظهار مستوى معرفتهم الفعلية .الطلبة اجابوا عن اسئلة متعددة الخيارات حول عمليات مثل الانتقاء الطبيعي لقياس حدسهم البديهي الداخلي حول هذه الافكار وكتب الطلاب في اسفل تلك الاجابات مدى شعورهم وثقتهم وحدسهم بصحة اجاباتهم FOC
حلل الباحثون بعد ذلك الارتباطات الاحصائية لمعرفة ما اذا كان مستوى معرفتهم وشعورهم الداخلي FOC وتوقعهم حول صحة معلوماتهم واجاباتهم حول الاسئلة الخاصة بالقبول العام للتطور
ما وجده الباحثون هو ان FOC the feeling of certainly لديه تأثير كبير على الناس في نهاية المطاف ولا يهم قدر المعلومات التي يمتلكونها حول الموضوع واوضحت النتائج انه حتى مع زيادة معرفة الطلاب للحقائق التطورية فلم تدفع تلك النتائج تجاه مقبولية اكبر لتلك النظرية .الدراسة تظهر انه يمكننا ان نفسر الكثير من النتائج اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار كلا من مستوى المعرفة اضافة الى الحس و الشعور الداخلي على عكس التفسيرات التي تأخذ المستوى المعرفي فقط
على وجه الخصوص بينت الدراسة بانه عند محاولتنا لتحديد العوامل التي تؤثر على مدى ايمان الطلاب بالتطور فان عاملا الدين والتعليم العلمي قد لا يكونان هما العاملين الاكثر دقة في تحديد مدى اعتقاد الطلاب بصحة نظرية التطور
بالنسبة لعينات الدراسة وجد الباحثين بان المنتمين الى دين معين لا يعانون من ضغوط اضافية على معتقداتهم عن التطور بقدر تأثير feeling of certainly او FOC على قرارهم . هذه النتائج توفر لنا طريقا جديدا للنظر في النزاع المتصور عند البعض بين العلم والدين حينما يتعلق الامر بالتعليم وتطوير وسائلة ومواده
الحدس feeling of certainly يفتح بابا جديدا للنظر في هذه القضية بل انه ايضا يتيح لنا معالجة المسالة دون النظر الى الاسئلة الدينية والاصول اما لماذا كانت عينة الدراسة من كوريا فالسبب يكمن بان الجامعات في كوريا تعطي نفس المواد في الصفوف في نفس الوقت ونفس الفترة الزمنية ولنفس الاعمار الزمنية وهذا ما لا يتوفر في امريكا
وكذلك فعلى عكس الوضع في امريكا فحوالي نصف الكوريين لا يعرفون انفسهم على انهم ينتمون لدين معين لكن ايضا هنالك جماعات دينية معينة في كوريا تنظر للتطور على انه موضوع مثير للجدل
للتأكد من نتائج الدراسة قام الباحثون بمقارنة اختبار المعرفة الذي قام الطلاب الكوريين باجابته باختبار مشابه ولكن لطلاب امريكيين وقد وجد ان النتائج متماثلة تقريبا من حيث الاطار العام
خلاصة الدراسة تقترح بانه عند المباشرة بتعليم نظرية التطور في المدراس او الجامعات لا بد من ان يستخدم المدرسون تمارين واختبارات تكشف للطلاب كيف يتصرف الدماغ وما هية الية التفكير المزدوج الذي يقوم بها دماغهم واقصد بالتفكير المزدوج هو اعتماد المعرفة والحدس وهما العامل ان اللذان يؤثران في مرحلة الحكم على فكرة معينة بكونها صحيحة او خاطئة وان معرفة هذه العوامل وكيفية التفكير المزدوج هو امر مهم اذا ما اردنا الوصول الى تقييم صحيح للافكار التي تثير جدلا عند الطلاب
ان معرفة هذا الامر سيجعلنا نتجنب اتخاذ اراء و قرارات خاطئة تجاه افكار ونظريات متعددة بسبب تفكيرنا المزدوج الذي يمزج بين الحدس والمعرفة وسنتمكن من ان نعرف كيف يمكن ان نتصرف ازاء انفسنا
الدراسة موجودة على الرابط التالي اقدمها لكم متمنين لكم قرارات سليمة مزدوجة
http://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/tea.20449/pdf