دراسة جينية جديدة على حيوان الشيطان التسماني تكشف عن قدرة لهؤلاء على التطور بسرعة ليحموا انفسهم ضد احد انواع السرطانات المعدية المعروف بسرطان الوجه الشيطاني.
وهو احد ثلاثة انواع من السرطانات المعدية، حيث أن هذا الورم تم القضاء عليه بنسبة 80% في هذه الشياطين التسمانية في العشرين سنة المنصرمة، فقد قام الباحثون بدراسة عينات من 294 من الشيطان التسماني، في ثلاث نواحي مختلفة، قبل وبعد المرض.
وتبين أن مقطعان صغيران من الجينوم لحيوان الشيطان التسماني أظهروا تغيراً سريعاً. وتحوي على الاغلب جينات محاربة للسرطان.
الفريق المكون من علماء امريكيون، وبريطانيون، واستراليون وصفوا ما توصلوا اليه في مجلة اتصالات نيتشر. بقولهم ان هذه النتائج تعطينا الامل الكافي في نجاة هذا النوع المتميز بمنطقة تسمانيا من هذا النوع من السرطان.
مرض سرطان الوجه الشيطاني (devil facial tumor disease) تم اكتشافه عام 1996 وقتل كل المصابين به تقريباً من الشياطين التسمانية، ، وهو يعتبر ورم ينتقل بين ضحاياه عن طريق العض في الوجه.
وهناك فقط نوعان اخريان معديان من السرطانات التي يعرفها العلماء اليوم، احدهما شبيه بالذي قبله ينتقل من خلال الاعضاء التناسلية للكلاب، عند التزاوج، وانتقلت بين جنسهم منذ نشأته قبل حوالي حوالي احد عشر الف عام، واخر تم اكتشافه بعام 2015 يصيب الرخويات في الساحل الغربي لامريكا.
يقول الكاتب المساعد في الدراسة التي اجريت دكتور بول هوهينلوه (dr paul hoenlohe)، انه وزملاءه كانوا بموقف مثالي لمراقبة استجابة جموع الشياطين التسمانية هذه لتهديدات السرطان، كون عيناتهم كانت من مناطق منفصلة ودراستهم امتدت منذ 1999 الى 2014.
فباستخدام احدث طرق معرفة تسلسل الحمض النووي (DNA)، كانوا قادرين على النظر في التغيرات التي تحدث عبر جينوم الشيطان التسماني .
يقول عالم الاحياء التطوري بجامعة ايداهو (university Idaho) الدكتور هوهينلوهه “لقد حددنا حوالي 800 ألف موقع في الجينوم لكل شيطان تيسماني، حيث كان هدفنا هو البحث عن تغيرات جينية يمكن ان تعطينا نوعا من المقاومة، لنستطيع ابقاءها”، بناء على ذلك، تأكد الفريق من وجود امتدادان لجزيئان من الحمض النووي الخاص بـ الشيطان التيسماني، حيث تم رصدهم وهم يتغيرون اسرع من الباقي سواء على مستوى الجينوم او الجين المفرد.
تحديدا كانت هناك 7 جزيئات جينية، كانت مرشحة بشكل جيد لأن تكون مقاومة للسرطان، فعلى سبيل المثال، كانت العينات متصلة بنشاط النظام المناعي، أو كان هناك جينات لها علاقة بالسرطان مطابقة لتلك الموجودة عند البشر.
“خصوصا وأن هناك عدة من هذه الجينات الوراثية التي يبدو انها متعلقة بتوجيه خلايا مناعية ضد الخلايا التي لديها اختلال في وظيفتها وضد مسببات الامراض، ونحن نظن ان تلك الجزيئات واعدة “كما يقول دكتور بيرندان ايبستين من جامعة ولاية واشنطن (Washington state university).
الدكتور اندرو ستورفير، و الذي هو أيضاً من جامعة ولاية واشنطن، يقول “لقد كان الامر مدعاة للتفاؤل، فعلى الرغم من الانخفاض الحاد في اعداد مجموعاتهم اليوم، الا ان مجموعات عديدة – من ضمنها تلك الموجودة بالدراسة – قد نجت وتجاوزت المرحلة التي كان يعتقد العلماء انهم سيموتون فيها”.
يقول أيضاً “أولا، هذا الامر يعطينا امل لنجاة هذا النوع، الذي كان من المتوقع ان ينقرض لكن لم يحصل ذلك، نحن نرى ان جموع الشياطين التسمانية هذه قد طورت جينات مرتطبة بعملية مقاومة هذا المرض، و ما كان مثيرا للاهتمام حقا هو سرعة حصول هذه التكيفات عند هذا النوع، حيث اننا نتكلم عن حوالي 6 اجيال في بعض المجموعات، وهذه فترة قصيرة جدا بالمقياس التطوري”.
الفريق البحثي يعمل الان على معرفة هذه الجينات الخاصة بشكل مفصل اكثر، فربما يكون هناك شيئ نتعلمه منها و يمكن ان يساعدنا على بمحاربة السرطان عندنا نحن البشر.
“السؤال الكبير الان هو، ما الامر المشترك بين هذه الانواع من السرطانات المعدية؟ فعندما نجيب على هذا السؤال، يمكننا حينها ان نعرف كيف تطور السرطان ليصبح معديا في الاساس” كما يقول الدكتور ستورفير.
ويضيف “هناك ورم ينتشر بين الرخويات من ذوات الصدفتين اليوم في المحيط الهادئ، حيث تستطيع ان تقفز من نوع الى اخر، الامر الباعث للقلق هو اننا قد نرى المزيد من هذه السرطانات المعدية والمنتقلة بين الانواع”.
دكتور ديفيد رولينسون (Dr David Rollonson) وهو عالم احياء بمتحف التاريخ الطبيعي (the natural history museum) في لندن والمتخصص في علم الوراثة بموضوع كيفية تطور المستضيفات (hosts) والطفيليات (parasites) معا.
يقول “ان هذه الدراسة الجديدة تمثل لنا مثال مثير للاعجاب- ومحفز- لعملية الانتقاء الطبيعي وهي تحدث، فقد كان هناك تخوف كبير من ان هذا السرطان ذو الطور الغريب و المعدي قد يمحي كل جموع هذا النوع. لكن هذه الدراسة تبعث لنا القليل من الامل الان، حيث تبين لنا ان الضغط الانتقائي يقود الى ردة فعل من قبل الشياطين التيسمانية، كي تحصل على جينات يمكن أن تعطيها بعضا من الحماية “.
Jonathan Webb, Tasmanian devil DNA shows signs of cancer fightback, BBC, 30 August 2016