هل يجب أن يدوم تقليص العضلة لفترة طويلة أم لفترة قصيرة اثناء أداء التمارين؟ أيهما له أثر أكبر على زيادة الحجم العضلي (hypertrophy)؟ مرة أخرى نحتاج إلى الدراسات العلمية لحسم أمر فيه اختلاف كبير بين المدربين الذين لم يعودوا يقدموا تعليماتهم في صالات الرياضة فحسب بل في اليوتيوب والفيسبوك. هل نحتاج إلى التقليص في المنتصف لفترة طويلة مثلاً في تمرين ثني الذراع الذي يؤثر على العضلة الثنائية، بايسبس، أم يجب أن يتم الأمر كله بسرعة ضمن التكرار الواحد (repetition)؟
تعرف فترة التكرار بأنها الفترة بالثواني التي يحدث فيها التقلص المتراكز (concentric) او اللامتراكز (eccentric) من نشاط العضلة خلال أداء التكرار الواحد من التمرين، كما يشمل ذلك النشاط الذي لا يصنف ضمن احد نوعي التقلص والمعروف بمتساوي القياس (isometric).
تناولت هذا الامر دراسات عديدة وتوصلت الدراسات لاستنتاجات متنوعة أيضاً بحسب الطريقة التي تم اعداد الدراسة فيها. في العام 2015 أجرى باحثون من قسم العلوم الصحية بكلية ليهمان (Lehman College) في نيويورك بحثاً بعدياً جمعوا فيه الدراسات التي درست هذا الأمر. جمع الباحثون كل دراسة تم اختبار المتدربين فيها لأكثر من 6 أسابيع وممن أجروا التمرين حتى الفشل من الدراسات التي قارنت فترة التكرار الواحد لمجاميع مختلفة من المتدربين. كما اختار الباحثون الدراسات التي قامت بفحص زيادة الحجم العضلي بطرق علمية مثل التصوير بتقنيات كالأشعة أو بأخذ عينة من العضلة. ثم قارن الباحثون نتائج دراسات كهذه. كان هناك ثمانية دراسات مما انطبقت عليها تلك الخصائص.
كانت النتائج المفاجئة بأن مقدار زيادة الحجم العضلي لم تكن مرتبطة بفترة التكرار الواحد. سواء كان التكرار يدوم لنصف ثانية فقط أو 8 ثواني فإن حصيلة الزيادة في الحجم العضلي متقاربة. يقع أي تكرار أقل من 10 ثواني ضمن نفس الفئة، أما ما زاد عن 10 ثواني فله نتائج أقل. حين الاطلاع على الدراسات التي تمت مقارنتها نجد منها ما قارن بين ثانيتين وستة ثواني للتكرار الواحد. ومن قارن بين 2-4 مع 14 ثانية أو ستة ثواني بالمقارنة مع 15 ثانية. إن كان هناك أي أفضلية ظاهرة لأحد النمطين فقد كان هناك أفضلية للتكرارات الأسرع، غير أن تلك النتيجة لم تكن ذات دلالة إحصائية (statistical significance).
قد يتفجر اعتراض لدى الكثيرين على طبيعة هذه النتائج، لكن في الحقيقة لا توجد طريقة أكثر دقة لتقييم أثر فترة التكرار من الطريقة التي تم فيها التقييم في هذه الدراسة. لو كنت تقضي ساعات أطول في الصالة وانت تركز في كل تكرار وتتخيل أنك تفعل الكثير لتحصل على الكتلة العضلية التي تتمتع بها حالياً فهناك أسباب أخرى لذلك.
هناك عوامل كثيرة لها دور في زيادة الكتلة العضلية أو الحجم العضلي. نوع التمرين، التغذية، عدد التكرارات، الأوزان، عدد التمارين في اليوم للعضلة الواحدة وغيرها من العوامل التي لها دور أكبر من فترة التكرار. تنشأ كثير من الاعتقادات الخاطئة، والعلوم الزائفة من ظروف نحكم فيها على تجاربنا الشخصية أو التجارب بشكل عام بشكل خاطئ لاسيما حين نعجز عن فصل العوامل عن بعضها البعض.
يميل بعض الأشخاص في الرياضة والصحة بشكل عام إلى اتخاذ كثير من الأنشطة في نفس الوقت وبالتالي فقد يحصلون على نتائج جيدة نتيجة بعض تلك العوامل فيعزونها إلى عوامل أخرى. يغير أحد الأشخاص مثلاً حميته ونمط تمرينه مع الكثير من التغييرات في نمط التمرين فضلاً عن أخذ بعض المواد التي قد تساهم في تحسين شيء ما في صحته. لكن هل يمكن للشخص الحكم على تجربته لوحده؟ لهذا السبب نلجأ للدراسات العلمية لأنها تحسم لنا هذه الاختلافات الشخصية والاخطاء في تصميم التجارب..
الدراسة:
Schoenfeld, Brad J., Dan I. Ogborn, and James W. Krieger. “Effect of repetition duration during resistance training on muscle hypertrophy: a systematic review and meta-analysis.” Sports Medicine 45 (2015): 577-585.
تم نشر المقال ضمن العدد 61 من مجلة العلوم الحقيقية وراجعته لغوياً ريام عيسى