تطور الأنف : لماذا أنف الانسان كبير جداً ؟ انه لغز تطوري، لماذا طور أسلافنا أنف بارز بينما تمتلك معظم الحيوانات الرئيسية الاخرى فتحات أنف منبسطة؟

افترضت دراسة جديدة ان أنف الانسان وصل الى الشكل الحالي كنتيجة ثانوية لتغيرات بنيوية اخرى اكثر أهمية حدثت في الوجه- على الرغم من ان دراسات اخرى اصرت على ان شكل الأنف الحالي للإنسان كان نتيجة الانتخاب الطبيعي بشكل مباشر.

تطور الأنف : لماذا أنف الانسان كبير جداً

نموذج حاسوبي لمحاكاة انف الانسان في الدراسة حول حجم الانف

واحدة من اهم وظائف الأنف وتجاويفه هو العمل كمكيف للهواء الداخل الواصل الى الرئة. حيث يعمل الأنف والتجاويف على جعل هواء تنفس الحيوانات دافيء ورطب بصورة كافية لتجنب الضرر لبطانة الرئة الرقيقة.

لكن، لكن تاكاشي نيشيمورا (Takeshi Nishimura) من جامعة كيوتو (Kyoto University)  في اليابان وزملائه بينوا انه في حقيقة الامر أنف الانسان يقوم بتلك الوظيفة بشكل رديء.

حيث قاموا بعمل مسح لأنف وتجاويف الأنف لستة متطوعين، مع فحص أربعة من الشمبانزي وستة من قردة الماكوك. بعد ذلك، قاموا باستخدام الكومبيوتر لمحاكاة تدفق هواء الشهيق خلال ممرات الأنف.

في النهاية، قاموا بحساب كفاءة أنماط التدفق تلك في تكييف ثلاثة انواع من الهواء: بارد جاف، حار جاف و دافيء رطب.

بينت التجارب ان ممرات الأنف عند الشمبانزي وقرد الماكاو تقوم بتكييف هواء الشهيق بكفاءة اعلى من ممرات الأنف الموجودة عند الانسان. في الحقيقة، حتى مع قيام الباحثين بتغيير شكل أنف الانسان الى مسطح يشابه الموجود عند الشمبانزي باستعمال برامج الكومبيوتر فان كفاءة أنف الانسان في تكيفف الهواء لم تتحسن.

” تلك النتائج تشير الى أنف الانسان البارز يلعب دور بسيط في تكييف الهواء الداخل عبر الأنف وتجاويفه،” نيشيمورا. هو يعتقد ان حصول الانسان على شكل الأنف والتجاويف تلك لم تكن عن طريق الصدفة.  

اعادة تشكيل الأنف

ان جمجمة أشباه البشر (hominins ) خضعت الى اعادة تنظيم سريع بدا مع ظهور الانسان الحقيقي من جنس Homo في فترة ما قبل ٢-٣ ملايين سنة. الادمغة نمت والوجه أصبحت صغيرة نسبياً لتوفير حيّز- ومن المحتمل ان الأنف وتجاويفه اجبرت لتكون بهذا الشكل الحالي لتتناسب مع تلك التغييرات.

لحسن الحظ، على افتراض ان المناخ كان متقلباً في افريقياً في الفترة التي ظهر بها اول انسان حقيقي، ولجعل عملية تكييف الهواء حيوية، فان اجزاء اخرى من مجرى الهواء عند الانسان تغيرت. ان موضوع عدم كفاءة الأنف وتجاويفه في تكييف الهواء ربما سمح للإنسان بالحصول على نظام كامل لتكييف الهواء الذي يستنشقه. بشكل خاص، المنطقة البلعومية تكون عند الانسان أطول بالمقارنة مع الحيوانات الرئيسية الاخرى- والتي من الممكن انها قدت بدأت بالاستطالة في هذا الوقت.

ان طول منطقة البلعوم عندنا ترتبط عادة مع قدرتنا على الكلام، لكن نيشيمورا يقول بان ذلك ايضاً يلعب دوراً مهماً في تكييف الهواء الذي نستنشقه.

على الرغم من تلك النتائج الجديدة، فان تود ري من جامعة رومبتون في المملكة المتحدة، يقول بانه لا يمكن لنا ان نلغي فكرة ان الأنف تأقلم نتيجة للظروف المناخية التي يعيش فيها صاحب ذلك الأنف.

“هنالك ميل عام للأشخاص الذين يعيشون في المناطق المدارية لامتلاك فتحات أنف واسعة” بحسب قول  ري ويقول ايضاً ” من جهة اخرى فان الأوربيين يمتلكون فتحات أنف ضيقة والذي يفترض انها نوع من انواع التأقلم للعيش في مناخ بارد”.

فتحات أنف ضيقة قد يعني ذلك حصول اضطراب اكثر للهواء الداخل للأنف وهذا يزيد من مستوى تبادل الحرارة والرطوبة بين الهواء والأنسجة التي تغطي تجاويف الأنف.

يعتبر النايدرتال استثناء صارخ لتلك القاعدة- لأنهم عاشوا في مناخ اوربي بارد ومع ذلك امتلكوا انوف كبيرة واسعة. لكن ري وزملائه افترضوا ان النايدرتال نشأ وتأقلم في ظروف دافئة ورطبة نسبياً قبل ان ينتقل الى أوربا.

“اذا كنت لا تفترض بان النايدرتال كانوا متأقلمون مع البرد، فان شكل فتحات الأنف لا يعتبر محير، والسبب في ذلك انهم ورثوا تلك الأنوف دون تغيير من اسلافهم المشتركة” قال ري.   

 

https://www.newscientist.com/article/2082274-the-evolution-of-the-nose-why-is-the-human-hooter-so-big/