كثير ما نسمع ببعض الاعراف او العادات الموروثة التي تنسب الى دين ما او طائفة دينية معينة، والتي تكتسب قدسية داخل المجتمع الذي يؤمن بهذه العقيدة فيصبح التشكيك بها او الاعتراض عليها كالاعتراض على تلك الديانة بكامل مبادئها وأفكارها بل وحتى على الاله الذي تعبده. ومن هذه الخرافات هو الختان بصورة عامة، وأخطره او ما يظهر اثره بصورة واضحة هو ختان الإناث، مع الوضع بالحسبان عدم فائدة النوع الاخر وهو ختان الذكور.
لم يذكر بالقرآن اي شيء عن الختان، وهذا يعني انه مجرد عادة متوارثة في عقول الناس الذين يعتقدون بأنهم يمتلكون العلم اليقين والمطلق. سوف نتكلم عن ختان الإناث دون ختان الذكور رغم انهما على حد سواء من بشاعة الفعل، لكنهما يختلفان من حيث الآثار حيث تكون الاثار السلبية في ختان الإناث اكثر وأوضح وتترتب عليه امراض نفسية بالغة الأثر.
في هذا المقال سوف نستعمل كلمة “ختان” بدلا من الوصف الحقيقي لها وهو “تشوية الأعضاء التناسلية الأنثوية” وسبب استعمالنا لهذه الكلمة هو للسهولة في الكتابة وللاختصار.
يرجع البعض الختان الى سنة 4000 ق.م بينما يرجعه البعض الاخر الى النبي إبراهيم اي 2000 ق.م، اما الختان الفرعوني وهو أحد انواعه فيرجع الى فرعون موسى وهو أحد أبناء بني اسرائيل حيث راودته فكرة ان احد المواليد الجدد من بني اسرائيل سوف يقتله، فجاءته امرأة عجوز بفكرة خياطة فتحة مهبل المرأة لكي تضطر ان تولدها العجوز بنفسها فلا تخبئ الولد عن الفرعون.
لختان الإناث انتشار واسع في الدول النامية وخصوصاً في المجتمع المصري حيث يحتل المرتبة الأولى حسب الاستفتاء الذي أجراه المركز الدولي للإحصاءات التابع للأمم المتحدة. وقد اعلنت الأمم المتحدة يوم 6 فبراير يوماً عالمياً لرفض ختان الإناث وعدت ختان الاناث خطرا على صحة الاناث.
انواع الختان
سوف نذكر انواع الختان وذلك بالاستناد الى منظمة الامم المتحدة، وسوف نذكر انواعاً تقع ضمن الممارسات التي حددتها الامم المتحدة لكن بتسميات مختلفة مثل الختان الفرعوني وكذلك التخفيض الاسلامي.
قطع البظر: (البظر، هو جزء حساس من الأعضاء التناسلية الأنثوية) وهو استئصال البظر جزئياً أو كلياً والقيام في حالات نادرة، باستئصال القلفة (القلفة، الطيّة الجلدية التي تحيط بالبظر).
الاستئصال: وهو استئصال البظر والشفرين الصغيرين جزئياً أو كلياً، مع استئصال الشفرين الكبيرين (وهما “الشفتان” المحيطتان بالمهبل).
الختان التخييطي: وهو تضييق الفوهة المهبلية بوضع سداد غطائي. ويتم تشكيل السداد بقطع الشفرين الداخليين أو الخارجيين أحياناً ووضعهما في موضع آخر، مع استئصال البظر أو عدم استئصاله.
الختان الفرعوني: وهو نوع من أنواع ختان الإناث ويتم الختان الفرعوني باستئصال كل ما يزيد عن سطح الجلد في منطقة الفرج للنساء وبعد ذلك يتم خياطة فتحة المهبل ويترك فقط جزء يسير لخروج البول ودم الحيض، ولهذا النوع من الختان اضرار بالغة على الصحة النفسية والجسدية للإناث التي يجري لهن الختان، و يزيد من عدد من الامهات والاطفال على حد سواء كما يزيد من نسبة اصابة المرأة بفايروس نقص المناعة “الايدز”، وما يختلف فيه عن الخفاض هو ان الخفاض لا يبتر فيه جزء كبير من الجهاز التناسلي الانثوي لكن يبتر فقط الجلد الذي يغطي راس البظر او ما يسمى بـ “القلفة”، ولم تظهر الدراسات اي ارتباط بين هذا النوع وامراض نقص المناعة “الايدز” لكن هنالك اثار سلبية نفسية تحصل للمرآة التي يجرى لها هذا النوع من الختان، كما يقلل من شهوتها الجنسية او يؤدي الى عدم شعورها باللذة الجنسية.
الممارسات الأخرى: وهي جميع الممارسات الأخرى التي تُجرى على الأعضاء التناسلية الأنثوية بدواع غير طبية، مثل وخز تلك الأعضاء وثقبها وشقّها وحكّها وكيّها.
مناطق انتشار الختان
تحتل مصر “ام الدنيا” المرتبة الاولى عالميا في تشويه الاعضاء التناسلية الانثوية “الختان” وتأتي من بعدها السودان ومن ثم اثيوبيا ومالي. هذا ما قدرته منظمة العفو الدولية واكدت المنظمة ايضا ان هنالك اكثر من 130 مليون امرأة في العالم تأثرن بعملية بتر اجزاء من جهازهن التناسلي ويضاف سنويا حوالي 2 مليون انثى الى اجمالي هذا العدد. ولتفصيل اكثر نقول، هناك نحو ثلاثة ملايين فتاة ممّن يواجهن مخاطر تشويه أعضائهم التناسلية كل عام في أفريقيا. وهناك، في جميع أنحاء العالم حوالي 100 إلى 140 مليون امرأة ممّن يتعايشن حالياً مع آثار تشويه أعضائهن التناسلية. وتشير التقديرات إلى أنّ هناك في أفريقيا نحو 92 مليون من الفتيات اللائي يبلغن 10 أعوام فما فوق ممّن تعرّضن لتشويه أعضائهن التناسلية.
تتركز هذه الجريمة “ان جاز التعبير” في كل من اسيا وافريقيا والشرق الاوسط، حيث تمارس بشكل كبير في مصر كما توجد في العراق واليمن والسعودية وكذلك في اجزاء من ايران وتركيا وسوريا. كما ذكرت المنظمة ان عملية تشويه الاعضاء التناسلية الانثوية توجد لدى بعض المجموعات العرقية في الهند وامريكا الجنوبية.
والجدير بالذكر ان هذه العملية تُجرى هذه الممارسات في أغلب الأحيان على فتيات تتراوح أعمارهن بين سن الرضاعة و 15 سنة وتُجرى في أحيان اخرى على نساء بالغات.
يبدو ان للعرب نصيب الاسد من كل خرافة او عادة سيئة موجودة على هذا الكوكب.
الرد على مدعي وجود فوائد للختان
ان الختان شر مطلق لا يرجى منه اي فائدة ان جاء بدون توصية طبية كعلاج. والكل يعلم أن للبظر دور هام في إحساس المرأة بالنشوة والمتعة عند الجماع لوجود خلايا حسية تستجيب للإثارة الجنسية وعند اجراء علمية الختان فأننا نحرمها من هذه الميزة.
كما اثبت الطب الحديث بشكل قطعي وجود مضار نفسية وجسدية، حيث يكون ختان الأنثى أو خفاضها بقطع جزء من جسدها بغير مسوغ أو ضرورة توجبه أمراً محظوراً، إضافة إلى الألم الذي تسببه هذه الجراحة فان لها مضاعفات خطيرة على المدى البعيد على المستوى الصحي والاجتماعي للمرأة، ففضلا عن تأثر الحياة الجنسية للنساء بهذه العملية ونقص الخصوبة والألم الشديد أثناء الجماع والتكيسات والندبات الجلدية والصديد، هناك مضاعفات مثل احتباس البول والسلس البولي والاتصال غير الطبيعي بين عضوين داخليين في جسم الأنثى وذلك نتيجة الاتصال في بعض الأحيان بين المهبل وقناة البول أو الشرج. ومن المضاعفات التي قد تظهر فوراً بعد إجراء تلك الممارسة هي الإصابة بآلام مبرّحة ونزف أو إنتان (عدوى بكتيرية) واحتباس البول وظهور تقرّحات مفتوحة في الموضع التناسلي، والتعرّض لإصابات في النسيج التناسلي المجاور.
وقد تشمل الآثار طويلة الأجل ما يلي:
التعرّض بشكل متكرّر لأنواع العدوى التي تصيب المثانة والسبيل البولي والإصابة بتكيسات والإصابة بالعقم كما تزيد مخاطر التعرّض لمضاعفات أثناء الولادة وكذلك الحاجة إلى الخضوع لعمليات جراحية في مراحل لاحقة. فلا بدّ مثلاً، من فتح الفوهة المهبلية التي تم سدّها أو تضييقها لتمكين المرأة من ممارسة الاتصال الجنسي أو الولادة.
ويتم في بعض الأحيان سدها عدة مرّات بما في ذلك بعد الولادة، وبالتالي تضطر المرأة إلى الخضوع لعمليات سدّ وفتح متكرّرة ممّا يزيد من احتمال تعرّضها بشكل متكرّر لمخاطر فورية وطويلة الأجل على حد سواء.
يقول البعض ان للختان فوائد معينة، سنقوم بالرد عليها بايجاز، ومن هذه الاراء هي:
1 ـ ذكر د.نجاشي علي ابراهيم ود.محمد كنعان في الموسوعة الطبية الفقهية بعض اسباب الختان ومنها ان الانثى ان لم تخفض وبقيت قلفاء تكون شديدة الشهوة، وترك ختان الانثى يشعل الغريزة الجنسية عندها، وقد يدفعها ذلك الى الوقوع في المحرمات. بالإضافة الى الافرازات التي تكون في تلك المنطقة مما يسبب رائحة كريهة عند النساء غير المختونات، ويكن دائما مضطربات وعندهن حدة في الطبع وشرود في الفكر وعصبية في المزاج، كما يذكران انتشار الفواحش لدى النساء غير المسلمات بشكل لا يوجد عند النساء المسلمات.
نقول في مقام الرد، ان الشهوة الجنسية حق طبيعي لكل انسان سواء كان ذكر او انثى وليس من حق اي شخص حرمان الاخرين وتحت اي مسمى او ذريعة من هذه الوظيفية التطورية البحتة، فهدف الشهوة هو الامالة الى الجنس الاخر لتكوين الاسرة التي هي بذاتها مصنع لأجيال لاحقة، فتميل النساء الى الارتباط بعلاقات طويلة المدى دون العلاقات القصيرة المدى.
اما مسألة ان عدم الختان يسبب رائحة كريهة تخرج من المهبل، فنتساءل كيف نسى او تناسى د. النجاشي وصاحبه ان الروائح الكريهة في المهبل هي اما بسبب البكتيريا الموجودة في المهبل والتي تسمى “ديدرلين” حيث تقوم بتحويل المواد السكرية الى احماض او بسبب الافرازات التي التي تحدث عن طريق غدد موجودة في المهبل. وتكون الافرازات اما طبيعية وهي تلك التي تفرز من الغدة البارثولينية وهي اكثرها افرازا وكذلك افرازات عنق الرحم وقناة فالوب حيث تبلغ ذروتها في منتصف الدورة الشهرية أي في فترة التبويض. او الافرازات المرضية مثل الالتهابات والافرازات الصفراء التي تكون نتيجة لوجود الناسور وذلك بسبب مرور البول من خلال المهبل.
اما ما يتعلق بحدة الطبع وعصبية المزاج فهي امور نفسية لا تعالج بالختان، كما ان للختان اعراض نفسية اخطر ككره العملية الجنسية مما يؤدي الى انفصال الازواج وهدم الاسرة التي هي اساس كل المجتمعات.
نأتي الان الى قضية ان الفواحش موجودة عند النساء غير المسلمات بعكس الاناث المسلمات لنقول ان “الدكتورين” لم يقدما اي دراسة احصائية عن هذه الظاهرة، ولا توجد اي دراسة تربط الفاحشة والرذيلة لدى النساء بالختان، كما ان الفاحشة امر نسبي قد تكون بعض التصرفات تعتبر فاحشة في المجتمعات الشرقية ولا تعتبر فاحشة في المجتمعات الغربية. وللمجتمعات الاسلامية قيود وتحفظات على النساء فلا يمكن قياس حجم الفاحشة في المجتمعات الاسلامية فهي رغم كونها تحدث فعلا الا أنها تحدث في الخفاء بعيدا عن الانظار والتشهير لما يناله المخالف من عقاب.
2 ـ ذكرت د.ست البنات أن زيادة حجم القلفة وطولها تؤدي إلى حصول التهابات وتسبب حساسية في البظر وألم عند لمسه، وتسبب تكاثر البكتيريا في الجهاز البولي وتراكمات في اللخن، وأن الالتصاقات في القلفة يمكن أن تؤدي إلى التهابات بسبب قلة هرمون الاستروجين خصوصا في فئة الفتيات في أعمار ما قبل البلوغ والكبر، كما أنها تؤدي إلى قلة الإرتواء الجنسي لأن القلفة تدفع البظر إلى الداخل، وشدة الشبق الجنسي نتيجة لكثرة الحساسية والملامسة، كما تؤدي إلى التبول اللاإرادي ويمكن أن تؤدي إلى بعض حالات الاكتئاب واللمفومين. والختان يُعدل الشهوة ويهذبها، لأن الشهوة الإنسانية إذا أُفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، وإذا عُدمت الشهوة ألحقت الإنسان بالجمادات، فالختان يُهذبه ولهذا تجد غير المختون من الرجال ومن النساء لا يشبعُ من الجماع، وقطع القلفة يخلص الإنسان من الإفرازات الدهنية والسيلان الشحمي.
كلام د. ست البنات تنطبق عليه المقولة الشهيرة: “كلمة حق يراد بها باطل”. فزيادة حجم القلفة يؤدي الى الالتهابات وغيرها من الاعراض التي ذكرتها. لكن السؤال الذي يجب ان نوجه الى الدكتورة هو: (هل القلفة عند جميع الاناث تكون طويلة بشكل غير طبيعي؟) ان كانت القلفة طويلة لدى جميع الاناث فهي لا تعتبر تشويها انما طبيعية فلا يجب تخفيضها، اما في حال كانت ـ وهذا هو المثبت علميا ـ هنالك بعض الفتيات اللواتي يمتلكن قلفة طويلة فعندها يجب تخفيض القلفة لهن دون غيرهن مع توضيح الاسباب الطبية ان كانت هنالك ضرورة ملحة للقيام بالتدخل الجراحي والاعتماد على رأي طبي وليس “ديني”!
كما تذكر د. ست البنات الاكتئاب ضمن الاعراض الثانوية لعدم تخفيض القلفة الطويلة (على اعتبار انها تؤدي إلى التبول اللاإرادي ويمكن أن تؤدي إلى بعض حالات الاكتئاب واللمفومين). وهنا يجب ان تراجع الـ د. ست البنات احدث الدراسات التي تظهر ان الامراض النفسية التي تصاب بها كل من تتعرض للختان تكون اخطر من الاكتئاب، لان معظمها تظهر اثارها بعد الزواج مما يلقي بأثرها على الاسرة كاملة.
اما كون الافراط بالشهوة يقربنا الى الحيوانات، فهي من اغرب الحجج التي سمعناها، فالدكتورة هنا مثل طفل في التاسعة من العمر يهدد اقرانه بعدم الاقتراب من العابه والا سوف تهاجمهم الالعاب! فان كان الإفراط بالشهوة يقربنا من الحيوانات فيجب علينا ان ننبه الدكتورة بأننا اساساً حيوانات من فصيلة القردة العليا.
ربما خلطت د.ست البنات بين مرض الشبق الجنسي وهو مرض موجود لكن لا علاقة له بالأعضاء التناسلية، وبين الشهوة الطبيعية واختلافها بين الافراد، فقد تكون عند اشخاص اكثر من اشخاص اخرين فهي تختلف بين الاشخاص مثلما يختلفون بالطول فمن غير المعقول ان نفرض طولا معينا على الانسان، فهذه الامور مرتبطة بالجينات. او قد تكون تصورت ان النساء اللاتي يمتلكن شهوة جنسية اعلى من الحد الطبيعي سوف يرتمين على الرجال في الشوارع، وهذا لم ولن يحدث حتى عند المريضات بالشبق الجنسي.
ونسبة حدوث هذا الانحراف النفسي بسيطة حتّى الآن، وهو موجود عند الرجال ايضاً. وهو انحراف نفسي وليس انحرافاً عضويّاً جسديّاً، وفيه قد لا تشعر المرأة باللذّة الموضعيّة عند المعاشرة في اغلب الاحيان، ويحدث لها سواء كانت مختتنة أم غير مختتنة. وهو في علم النفس نوع من الشذوذ يشمل إحساس نفسي ورغبة في هذه الممارسة مع الرجل بكثرة دون إحساس بالشبع منها فهي تقصد ذات الفعل نفسه.
3 ـ يربط بعض الفقهاء حرارة الجو بالشهوة الجنسية حيث يقول عبد الرحمن العدوي، أستاذ بكلّية الدعوة الإسلاميّة بالأزهر: “بالنسبة لختان البنت فقد اتفق الفقهاء على أنه مَكرُمَة لها. ومعنى كونه مَكرُمَة، أنه يساعدها على الاحتفاظ بحيائها، ويمنع عنها الدوافع التي تثير الرغبة الجنسيّة لديها. فإن البنت في بلاد المشرق وهي غالباً بلاد حارّة أكثر أيّام العام، إذا لم تعمل لها عمليّة الختان، فإنها مع هذا الجو الحار، تكون ذات رغبة جنسيّة جامحة، تقلّل لديها جانب الحياء وتجعلها عرضة للاستجابة… إلاّ من رحم الله”.
وللرد على هذا الكلام نقول، ان كان للحرارة دور في الشبق الجنسي فهذا يحدث لكلا الجنسين سواء الرجال او النساء. وكذلك للنساء المختونات وغير المختوانات. فهو امر واقعي بحت لا علاقة للأعضاء به، فمن غير المعقول ان نستأصل عضواً جنسيا لكي نمنع امراً طبيعيا سببه (حسب رأي مؤيديه) زيادة درجة الحرارة.
يرى مؤيدو ختان الإناث أن عدم الختان يؤدّي إلى اصفرار الوجه والهزل والاحتلام وعدم تركيزها في الدراسة لشدّة التهيّج وعدم الإشباع وانشغالها بالبظر. ويرد عليهم د. محمد رمضان: “لماذا لا ينشغل الولد بقضيبه في حين أن البنت تفعل ذلك مع نفسها؟ وفي مصر وغيرها من بلاد العالم مئات وآلاف المتفوّقات غير مختتنات ولسن صفر الوجوه، أو في حالة سرحان، ولا يعانين من الأحلام الجنسيّة! إنها نفس العقيدة المتأصّلة بأن هذه الأجزاء وراء تهيّج الرغبة وحدوث الأحلام الجنسيّة للمرأة. إنه أمر لا علاقة له مطلقاً بذلك، لكنّه التهيّج وإلغاء العقول. وفترة المراهقة بمشاكلها وملامحها عامّة وواحدة، سواء كانت الفتاة مختتنة أم غير ذلك، وسواء كان المراهق فتى أم فتاة”. ويرفض الدكتور محمّد رمضان القول بأن غير المختنات أكثر حدّة وعصبيّة، نتيجة لهذا الهياج الداخلي فيقول: “بأي دليل يقول ذلك؟ وأي علم معه على ذلك؟! أيقول: إنه الواقع؟ فليأتنا ببحثه الذي يثبت ذلك، بل إن الواقع يكذّبه. فما رأيك في آلاف البنات اللاتي تم لهن الختان وهن عصبيات وأكثر حدّة؟ إن الأمر ليس له علاقة بهذه الأجزاء، وإن حدّة وتقلّب مزاج المرأة خاص بالهرمونات الأنثويّة داخلها وتذبذب مستواها في مراحل الدورة الشهريّة. إننا لو أخذنا بنفس المنطق الأعوج لقلنا إن النساء المختتنات عندهن عصبيّة وحدة أكثر بسبب عدم حصولهن على لذّة الارتواء أثناء المعاشرة”.
ومن كل ما سبق نستخلص انه ليس للختان اي فوائد تذكر إلا في عقول مريضة تحاول سلب الحق الطبيعي لأي فتاة في الاستمتاع بالجنس، فالختان هدفه تشويه عضو طبيعي لا يشوبه اي خلل وظيفي.
محاولات لمعالجة جريمة الختان
جرت وعبر التاريخ الكثير من المحاولات لاستعادة الغلفة عند الرجال وذلك بمط جلد القضيب، لكن في حالة ختان الاناث لم تجري محاولات تذكر إلا منذ وقت قريب وذلك لان ختان الاناث يستعصي علاجه.
ويقول بهذا الخصوص السيد وين جريفيتس، (أحد مؤسسي الجمعية الوطنيّة للرجال الذين يستعيدون غلفهم) ” لم يُبحث موضوع إصلاح ختان الإناث كما تم مع ختان الذكور. وقد يكون السبب لأن الأمر يظهر مستحيلاً. ولكن ألا يمكن قول نفس الأمر فيما يخص ختان الذكور؟ فقَبل أن يحدث ذلك، كان حلماً صعب المنال. لقد استعدت غلفتي قَبل عقود من الزمن ولذلك أنا أعرف بأن تحسّناً ما يمكن تحقيقه. فهل اعتبر نفسي كاملاً؟ لا. ولكن هل أنا في حالة أفضل؟ نعم “. نرى من كلام السيد وين جريفيتس ان عودة الاحساس بالجماع كما عند غير المختونين امر صعب جدا في الوقت الحاضر وخصوصا عند الاناث لان الاعضاء التناسلية الانثوية تحتوي على كمية كبيرة من الاعصاب. لكن كما في العضو الذكري يمكن مط الجلد لاستعادة الغلفة كذلك قد يكون ممكنا ان تعود الاعضاء التناسلية تحت تأثير الضغط.
ولربما يحمل لنا المستقبل امور مدهشة نراها في الوقت الحاضر مستحيلة، وبذلك نعالج ما خربته يد الجهل ففي النهاية نحن نثق بالعلم.
الخاتمة
عصور الجهل قد ولت ونحن الان في عصر العلم، ومن غير المعقول ان نبقي على خرافات مضى عليها اكثر من 4000 سنة دون ان نتحقق منها ومن فوائدها المزعومة ونتبين من مضارها المخفية عن انظارنا بهالة من القدسية، هذه القدسية الدينية التي تجعل اي خرافة بعيدة عن التشكيك والاعتراض.
يرتبط الختان وخاصة ختان الذكور بالدين، فنرى ان جميع الطوائف الدينية (في الاسلام) توجب ختان الذكور لكن هنالك البعض منها يجعل ختان الاناث امرا مستحباً. ان شاء رب الاسرة ان يخفض ابنته وان شاء تركها فهو امر عائد له، وهم بذلك تجاهلوا ما قاله كتابهم المقدس (القران) «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم».
قدرة المراة على الشعور بالرغبة الجنسية و الوصول بها الى غايتها ليست خصيصة كلية شاملة ، اذ ثمة مجتمعات المراة فيها ، كما هو واضح ،لا تشعر بأي لذة خاصة مع النشاط الجنسي ، بل و ان هزة الجماع عند الانثى غير معروفه فيها حتى لا يوجد لها اسم ، و غني عن البيان ان الرغبة الجنسية عند الانثى خاصة يمكن دعمها او قمعها خلال التنشئة الاجتماعية ، ولا يوجد ما يمنع الثقافات من التطور على نحو مختلف في هذا الصدد طالما وان رغبة الانثى ليست بالضرورة من اجل الاخصاب .
و الملاحظ ان في المجتعات الابوية يكون النشاط الجنسي يرتكز على الواجب دون الرغبة .
و لذلك فان الرغبة الجنسية الانثوية باتت تمثل تهديدا للمجتمع الذكوري ،وان المراة التي تكشف رغبتها الجنسية توصف بالمهووسة جنسيا او عاهرة ، وليس الحال كذلك بالنسبة للرغبة الجنسية الذكورية ، اذ يعتبرها المجتمع امر سوي ،وذلك لانه هو من يقرر و يامر في الجانب الجنسي حاله كما هو يقرر ويامر في الجوانب الاخرى .
في المجتمعات الاسلامية بصورة عامة هنالك قيود على المرأة ومحاولات مستمرة لمنعها من الاختلاط بالجنس الاخر ولذلك نرى ان اغلب الحجج التي تؤيد ختان الاناث تركز على التعفف الجنسي ومنع الاختلاط مع الجنس الاخر وهذه المحاولات الشديدة قد ولدت رهبة وخوف من الجنس الاخر فنرى ان علاقة بين الجنسين دائما ما تكون على قدر كبير من الحياء والخوف، فالأهل يصورون للإناث بان جميع الذكور عبارة عن ذئاب تنتظر الفرصة لكي تفترسهن.
المصادر
1 ـ كتاب ختان الذكور والاناث عند اليهود والمسيحين والمسلمين: الجدل الديني -سامي عوض الذيب/ 2002.
2 ـ كتاب الانثى هي الاصل ـ د. نوال السعداوي.
3 ـ كتاب الجنس بين النفس والفسلجة ـ د. علي الامير/ 2000.
4 ـ كتاب المرأة والصراع النفسي ـ د. نوال السعداوي/ 1983.
5 – كتاب الجسد و المجتمع – صوفية السحيري بن حتيرة -2008 .
6 ـ صحيفة صادرة من الامم المتحدة: صحيفة وقائع رقم 241 ـ شباط – فبراير 2012.