في العامين الماضيين دخل جهاز جديد الى علوم الذاكرة وذلك باستخدام الموجات فوق الصوتية في التحكم بالذكريات. من المعروف ان التفاعلات الاجتماعية يمكنها ان تغير ذاكرتنا، ولكن بهذه الطريقة لا نستطيع أن نساعد الأشخاص إلا أذا حصلنا على جهاز جديد مدهش للعمل عليه. وهذا الجهاز يمكن ان يحدث ثورة في طرق التعامل مع الذاكرة.
إنه جهاز الموجات فوق الصوتية، وهو ليس بالجديد في مجال معاينة الأعصاب، ولكنه جديد في مجال دراسة الذاكرة. والموجات فوق الصوتية (Ultrasound) هي في الأساس نوع من انواع السونار الطبي. يرجع استخدامه الى عام 1940، فهو يمنحنا القدرة على النظر الى الجسد بصورة آمنة تماماً دون الحاجة الى استخدام أشعة مؤذية مثل الأشعة السينية (xrays).
ويمكن ان يستخدم هذا الجهاز لمعرفة جنس الطفل، ولكن هنالك تطبيقات أقل شهرة للموجات فوق الصوتية منها امكانية إحداث حروق خاصة، وتدمير الخلايا داخل الجسد. وعلى هذا النحو عادة ما يتم استخدامها وبنجاح لاجراء عمليات دون اجراء اي جراحة في جسد الإنسان.
بذلك وعبر الموجات فوق الصوتية يتم إزالة الخلايا السرطانية بحيث لا تتأثر أي انسجة محيطة بها، ودون أي آثار جانبية مرتبطة مع أنواع اخرى من علاج السرطان. واشار الى هذه التطبيقات للموجات فوق الصوتية المركزة العالم يوآف ميدان (Yoav Medan).
الإجراءات غير الجراحية تعتبر مستقبل علم الأعصاب. وفي هذه النقطة أيضاً يمكننا ان نطبق هذا العلم المذهل في أبحاث الخاصة بالذاكرة. فحتى وقت قريب كان العلماء قادرين على استخدام الموجات فوق الصوتية بشكل أنتقائي للسيطرة على خلايا الدماغ دون تدخل جراحي.
بعبارة اخرى، يمكننا ان نتحكم بخلايا الدماغ المفردة عن بعد، وبذلك يمكننا ان نرسل نبض صوتي الى الدماغ فنغير ما يعتقد به الكائن او ما يفعله الكائن. ويطلق على التكنولوجيا الاساسية (sonogenetics)، وأعلنت لأول مرة بإمكانية هذه التقنية على تعديل خلايا الدماغ في ورقة بحثية نشرت من قبل العالم ستيوارت إبسن (Stuart Ibsen) في عام 2015.
معظم الخلايا لا تستجيب بصورة تلقائية للموجات فوق الصوتية، فحينها يجب على الباحثين أن يعدلوا الخلايا التي يرغبون بالسيطرة عليها. ولإجراء التعديلات يقوم الباحثون بالعمل على أجزاء معدلة وراثياً على خلايا معينة في الدماغ. ففي البداية يجب ان تعدل الخلايا وراثيا، فاذا استقبلت الموجات فوق الصوتية فيمكن للباحثين السيطرة عليها من خارج الدماغ.
ولأن الذكريات لدينا تتكون من شبكات لخلايا الدماغ، فبتغيير كيفية عمل الخلايا الدماغ وتواصلها مع بعضها البعض يمكننا تغيير الذكريات.
يمكننا من الناحية النظرية استخدام (sonogenetics) للتخلص من اتصالات معينة بين الخلايا للتخلص من ذكريات معينة لا نرغب بها، مثلاً إزالة مشاعر قوية لذكريات مؤلمة. يمكننا أيضاً أن نجري أضافة أو تغيير على وصلات قطع الذاكرة لدراسة الأسس العصبية للتذكر او النسيان او الذاكرة الكاذبة. هذه التكنولوجيا تسمح لنا بالعبث بالهياكل التي تكمن خلف ذاكرتنا.
بعض المفاهيم مثل مفهم شقيقة، هو ما يوجد في الكائنات المعقدة، وهو ما يطلق عليه علم البصريات الوراثي، تستخدم لتخلق بعض الذكريات الكاذبة خلال النوم عند الفئران، من خلال تسليط حزم ليزر على ادمغتها.
وقبل ان يتوقع البعض القيام بعلاج بواسطة الموجات فوق الصوتية، فيجب اخباركم بأن هذه التقنية جديدة بحيث لم تستخدم إلا على الديدان. وهذا ما يبدو بأنه محبطاً بعض الشيء، لكن في الواقع يمكن ان تستخدم على البشر. فالنظر بالخيال العلمي الى المستقبل القريب، يمكننا التنبؤ بقفزة ثورية في مجال علوم الذاكرة.
المصدر: http://blogs.scientificamerican.com/mind-guest-blog/controlling-memories-with-ultrasound/