الربط بين الوحشية تجاه الحيوانات والعنف تجاه البشر عنوان لورقة بحثية معززة بالمصادر والاحصائيات وقراءة الورقة الاصلية او ترجمتها سوف يغرس فينا الكثير من التصورات حول واقع العنف في بعض المجتمعات والاسباب الدفينة له بالاضافة الى اهم ما في ذلك وهو وجود مؤشر مبكر عليه وهو العنف ضد الحيوانات والذي يكاد لا يقل عن العنف ضد البشر من حيث الوحشية والسوء.
عندما تتجول في الاحياء الشعبية لبعض المدن العربية وتتفاجئ بعدم وجود قطط او اي حيوانات اليفة او انك ترى حيوانات متوجسة او تظهر عليها علامات العنف فإن ذلك لا يعد امرا مضحكا ويدعو للنكتة. بل هو مؤشر خطير على كم هائل من العنف يكمن في ذلك المجتمع. حينما تسأل عراقيا عن مشاهداته في العنف تجاه الحيوانات لابد ان يحدثك عن حالة او حالتين من حالات قتل الحيوانات وفي كثير من الاحيان على ايدي اطفال. فهل هناك فرضية تستدعي ان يكون ذلك العنف شبيها بانبوب صرف صحي للعنف المجتمعي ليصب في الاطفال ثم في الحيوانات؟ هذا ما لم يتم بحثه بعد ولكن يقترب البحث من نقاط عديدة موازية له. المقال من ترجمة عمر سيروان ومصطفى شهباز وهو بجزئين رابط الجزء الثاني.
المقدمة
القسوة التي يمارسها الانسان في التعامل مع الحيوانات والعنف تجاه البشر لهما خصائص مشتركة كمثال, كلا الضحيتين (من الحيوانات او البشر) هما كائن حي يشعر بالألم والضيق وربما سيموت من الجراح التي سيتعرض لها. حتى وقت قريب اعتبر ان العنف ضد الاطفال والمسنين وغيرها من انواع العنف المنزلي غير مرتبطة بالعنف تجاه الحيوانات.
في الوقت الحاضر وجد ان هنالك ارتباط بين سوء معاملة الحيوانات والعنف الاسري والاشكال الاخرى من العنف الاجتماعي. الابحاث المتراكمة حول الموضوع تشير الى ان الاشخاص الذين يمارسون العنف مع الحيوانات فمن النادر ان لايمارسوا العنف ضد البشر.
القَتَلة والاشخاص الذي يمارسون العنف ضد ازواجهم او ضد الاطفال يكونون في الغالب قد مارسوا العنف ضد الحيوانات في الماضي. فالأشخاص الذين يمارسون العنف ضد الحيوانات لا يكونون خطرا على هذه الحيوانات وحسب بل في كثير من الاحيان يكونون خطرا على البشر ايضا.
المختصون في مجال حماية الاطفال والحيوانات قلقون من هذه الصلة حيث يرون ان هنالك صلة بين العنف تجاه الاطفال والحيوانات تربطهم بنوع من الادامة الذاتية في حلقة من العنف. احد الاسباب التي تدفع باتجاه هذه الصلة هو ان الفرد الذي يشهد حالات العنف المختلفة يكون اكثر تعودا وتقبلا لها. حيث توضح الابحاث ان كلما تعرض الانسان لموقف بمعين بصورة متكررة كلما اصبح اكثر تقبلا وارتياحا له.
يعترف الاخصائيون في علم نفس الجريمة بأن المشاركة في مشاهدة او ممارسة العنف تجاه الحيوانات تؤدي الى تقبل المرتكب والمشاهد لهذا الامر. كتب جون لوك حول الاطفال ذات مرة “قتل وتعذيب الحيوانات سيجعل من هؤلاء بالتدريج كائنات تمارس العنف ضد البشر وان هؤلاء الذين يستمتعون بمعاناة ودمار المخلوقات لن يستطيعوا ان يكونوا عطوفين تجاه ابناء جنسهم.” .
ان العنف تجاه الحيوانات يدمر احترام الشخص لقيمة الحياة. وان الاطفال الذي يشهدون عمليات الاساءة للحيوانات يواجهون خطر كبير في ان يمارسوا هم هذه الاساءة بأنفسهم. الاساءة للحيوانات كمؤشر على السلوك المستقبلي للفرد ان القسوة تجاه الحيوانات ممكن ان تكون علامة تحذير حول امكانية السلوك العنيف للشخص في المستقبل. عدوانية الطفل والسلوك العنيف تجاه الحيوانات ربما تكون مؤشر على العنف المستقبلي للطفل تاه البشر. تعتبر وكالات حماية الطفل والخدمات الاجتماعية وخبراء الصحة العقلية والمُرَبون ان العنف تجاه الحيوانات هو شكل خطر من انواع السلوك العدواني وغير اجتماعي وهو يمثل راية حمراء مهمة توضح لنا الاشكال من الاخرى السلوك العدواني
قد يمارس الاطفال والمراهقين العنف تجاه الحيوانات بدافع من الفضول وحب الاستكشاف او لتنفيس الضغط او لتحسين المزاج (بمعنى اخر للتخفيف من السأم او الكآبة) او كطريقة لإيذاء الاخرين عاطفيا او قد تكون ممارسة للعنف المستقبلي. بالاضافة الى ذلك قد يمارس البالغون ايضا العنف تجاه الحيوانات في محاولة لزيادة قدرتها على تحمل الالم او لزيادة عدوانية هذا الحيوان (مثل محاولة تدريب الكلاب لتكون اكثر عنفا باستخدام حيوانات اخرى) او لإرضاء رغباتهم السادية في الاستمتاع برؤية معاناة هذه الحيوانات. هنالك ارتباط مذهل بين ممارسة الطفل للعنف تجاه الحيوانات وممارسته كبالغ تجاه البشر.
في الحقيقة ان اكثر الادلة موثوقية حول العنف المستقبلي للبالغين هو ممارستهم للعنف تجاه الحيوانات عندما كانوا اطفالا. يشير الباحثين في علم النفس وعلم الجريمة الى ان الاشخاص الذي يمارسون العنف ضد الحيوانات لا يتوقفون عندها بل ان العديد منهم يتجهون بعنفهم نحو البشر لاحقا. الابحاث في علم النفس والاجتماع والجريمة اظهرت ان العديد من الاشخاص العنيفين كانوا قد ارتكبوا سلسلة من اعمال عنف تجاه الحيوانات في اثناء مرحلة الطفولة والمراهقة.
الاشخاص الذين يمارسون العنف تجاه الحيوانات الاليفة عندما يكونون اطفالا يكونون اكثر عرضة لارتكاب جرائم القتل او اي من جرائم العنف الاخرى بعد مرحلة البلوغ.
ان نسبة ارتكاب العنف ضد البشر تزداد 5 مرات لدى الشخص اذا ما كان من مرتكبي العنف ضد الحيوانات في مرحلة البلوغ. كما ان هنالك علاقة اوثق بين الامرين حيث وجد ان اكثر المجرمين عنفا ووحشية هم من قاموا بأبشع عمليات عنف تجاه الحيوانات في طفولتهم.
ان العنف تجاه الحيوانات ليس مجرد مؤشر على وجود عيب صغير في شخصية الفرد بل هو عَرَض لاضطراب ذهني كبير كما ان القسوة تجاه الحيوانات قد شخصت كمؤشر على اختلال عقلي خطير يؤدي الى ضحايا من الحيوانات. وكذلك ضحايا من البشر.
وفي مسح احصائي تم اجراؤه للمرضى النفسيين الذين لديهم تاريخ في تعذيب الحيوانات وجد انهم عنيفون جدا تجاه البشر ايضا فممارسة العنف يولد عنف اكثر بمرور الوقت. حيث انه امر تصاعدي: فالاشخاص يرغبون في ممارسة العنف يبدؤون بممارسته مع اشياء يستطيعون السيطرة عليها بسهولة ثم يتصاعد العنف. ان الشخص الذي يشعر بالقوة والسيطرة عندما يصيب الاخرين او يقتلهم يحاول ان يحافظ على هذا الشعور بارتكاب اعمال ابشع واعنف. ان الفعل العنيف يجب ان ينظر له كأمر خطير بغض النظر عن الضحية سواء كانت من البشر او من الحيوانات.
وهناك قصة حقيقية بخصوص التصعيد الذي يرافق نمو العنف هو قصة رود فيرل (زعيم طائفة مصاصي الدماء) والذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة حاليا لضربه زوجين في فلوريدا حتى الموت. فقد كانت اول حادثة جذبت انتباه الشرطة نحو فيرل في كنتاكي عندما اتهم في اقتحام مأوى للحيوانات حيث وجد جروين مقتولين وعليهما اثار تعذيب.
ان الارتباط بين العنف تجاه الحيوانات والعنف تجاه البشر مدعوم بدراسات والتي اظهرت التالي:
ان 100% من مرتبكي جرائم الاغتصاب والقتل لديهم تاريخ في العنف تجاه الحيوانات.
ان 70% من مرتكبي العنف ضد الحيوانات ارتكبوا على الاقل جريمة واحدة وان 40% منهم قد ارتكبوا جرائم عنف ضد البشر.
كما ان 63.3% من الرجال الذي ارتكبوا اعمال عداونية اعترفوا بأنهم قساة في التعامل مع الحيوانات.
• 48% ان 48% من المغتصبين و30% من المتحرشين بالأطفال مسجلون كمرتكبي عنف ضد الحيوانات اثناء الطفولة والمراهقة.
• 36% كما ان 36%من النساء المدانات بالعنف مسجلات كمرتكبات عنف تجاه الحيوانات بينما 0% من النساء الغير عنيفات قد ارتكبن عنف ضد الحيوانات.
25% من الرجال المسجونين مسجلين كمرتكبي عنف ضد الحيوانات في مرحلة الطفولة بينما تكون النسبة 0% لدى الرجال الغير مسجونين.
احتمالية الاعتقال بسبب ارتكاب العنف ضد البشر لمن لديهم تاريخ في العنف ضد الحيوانات هي اكثر بخمس مرات,واكثر باربع مرات في احتمالية ارتكاب جرائم ملكية, وثلاث مرات اكثر لاحتمالية تعاطي المخدرات وارتكاب مخالفة السلوك السيئ.
المصدر: