المؤلف : ستيفن غولد استاذ الاحياء والمتحجرات في جامعة هارفرد , واحد ابرز الاسماء العلمية الامريكية في لزمن المعاصر , تبنى افكار حول الداروينية تختلف احيانا مع ما تبناه داوين نفسه مثل “التوازن النقطي” حيث يرى ان التطور ليس تدريجياً كما يرى داورين بل حدث ويحدث بدفقات كبيرة تتلوها فترات خمول وسكون وهو بذلك لا يرى اي تعارض بين هذه الفكرة والانتخاب الطبيعي , كرس غولد جهود كبيرة لمحاربة العنصرية العلمية ومحاولة تسويق علم الاحياء لتبرير الظلم الاجتماعي .
“منذ زمن داروين” “Ever since Darwin” صدر عام 1977 وهو بالاساس عبارة عن مقالات كتبها المؤلف بمجلة التاريخ الطبيعي “Natural History” , ومع ذلك يجد مترجمه د.عبد الستار سعيد زويني ان هذا “لا يقلل من قيمته العلمية المعرفية لانه كتاب شامل موسوعي يحيط بهذا الموضوع من جميع جهاته” ولعل في نشره عام 2007 ما يدعم قول المترجم .
قسم غاي غولد كتابه إلى ثمانية أبواب كل باب يتكون من 4 فصول قصيرة اشبه بمقالة مما يجعل التتابع بالقراءة ممتعاً ومشوق . في الباب الاول “داروينيات” عرض رحلة داروين على متن السفينة بيغل وسبب تاخره بعرض نظريته “النشوء والارتقاء” كذلك اسباب الجدل الذي تثيره نظرية داروين . اما الباب الثاني “تطور الانسان” فعرض موضوعات منها رؤيته للتطور بانه لا يكون اشبه بصعود السلم بل اشبه بتفرع الشجرة ويعطي امثلة عن معاصرة نوعين من للاسترالوبيثيكوس لسلفنا “الانسان الماهر Homo habilis ” .
الباب الثالث “كائنات غريبة وامثلة على التطور” يعرض فيه غولد بعض التكيفات الغريبة في التطور منها طريقة اشباع المفترس كنوع من الدفاع وهو ما يتبعه زيز الحصاد حيث يظهر بجماعات كبيرة جداً كل 13 او 17 عام اما فترة الغياب فيقضيها تحت الارض حيث تعيش حياة عذرية . الباب الرابع “انماط ونقاط في تاريخ الحياة” تناول به غولد ظواهر مثل الانفجار بتنوع الكائنات في العصر الكمبيري وكيف يمكن تفسيره في ضوء التطور
الباب الخامس “نظريات الارض” تناول به ما رافق نظرية انجراف القارات من عدم قبول واسبابه , كذلك محاولة التوفيق علميا بي النصوص المقدسة والعلم في ما يتعلق بتاريخ الارض . الباب السادس “الحجم والشكل من الكنائس الى الادمغة الى الى النباتات” عرض فيه ترابط بين الشكل والحجم وعرض بتبسيط رائع لماذا يعتبر طيران ذبابة عملاقة امر مستحيل (على خلاف ما تصوره لنا السينما) . الباب السابع “العلوم في المجتمع نظرة تاريخية” برايي من اهم فصول الكتاب حيث يعرض بعض المفاهيم المثيرة للجدل . كيف تعتبر نظرية ما خرقاء او فكرة غبية ؟ , مالذي كان اولاً استقامة قامتنا ام كبر دماغنا ؟ , هل “الزنوج” بمرتبة اطفال الاوربيين تطوريا ؟! , هل افعال المجرم من ترسبات “القرد الكامن في البعض منا ” ؟ . الباب الثامن “علم الطبيعة البشرية وسياستها” يتناول فيه غولد الاثار السياسية والاجتماعية للنظريات العلمية المثيرة للجدل مثل الحتمية البايلوجية والحجج العنصرية المرتبطة بمعدل الذكاء .
الكتاب بـ 400 صفحة لكن اسلوب كتابته وطريقة تقسيم الموضوعات يجعلها اشبه ب200 صفحة . كتاب ممتع صادر عن دار هيئة ابو ظبي للثقافة والتراث “كلمة” .