يعنى الكتاب لمؤلفه البروفيسور في جامعة جورج ماسون”جيمس تريفل”بتعليم العلم لغير المشتغلين بالعلم ,ويهدف الى انتاج مواطنين من ذوي الكفاءة والاهلية لممارسة الديمقراطية,تاسيسا على فهم علمي للقضايا والعالم من حولنا.
يناقش هذا الكتاب طبيعة العلم ,ماهي؟ما الثقافة العلمية؟ما الثقافة التي ليست علما؟كيف نمحو الامية الثقافية العلمية ؟وكيف ان الفهم العلمي للانسان والطبيعة والعالم والكون من حولنا يعد اضافة جوهرية الى استمتاعنا الجمالي بالحياة وبالعالم الذي نعيش فيه…
الثقافة العلمية:
يضع البروفيسور تريفل نقاط دلالة عديدة لفهم خارطة الكتاب:
-الكتاب يعنى بمن لم يكن هدفهم مستقبلا الاشتغال بالعلم
-انتاج مواطنين لهم ثقافة علمية قادرين على المشاركة في الجدل حول القضايا العلمية ,فقضية مثل استخدام الخلايا الجذعية الجنينية يكون بحاجة الى معرفة الكثير عن البيولوجيا لكي يفهم مامعنى الجنين وما ايجابيات وسلبيات استخدام الخلايا الجذعية الجنينية.
-يقدم تريفل تعريفه للثقافة العلمية التي يسير عليها في كتابه كالتالي:(محو الامية العلمية”الثقافة العلمية”:بانها مجال المعارف اللازمة لكي نفهم على نحو جيد وكاف مايتعلق بالكون الطبيعي بحيث يتسنى لنا التعامل مع قضايا تعترض افق المواطن العادي سواء في مجال الانباء او أي مجال اخر)
-يتناول الكاتب مايسميه”جريمة الفصل بين الثقافتين العلمية والادبية”ويدين الزعم القائل “العلم والفن لا يجتمعان”
-النقطة الاهم “حسب تريفل”ان الكتاب يهدف الى ايجاد تصور العلم كنوع من التراتبية الهرمية الناتجة من نتائج ومفاهيم مهمة تتدفق طبيعيا من عدد بسيط نسبيا مما يسميها “الافكار الكبرى”والتي تشكل نوعا من الهيكل العام الذي تنبني عليه النظرة العلمية الى العالم وذلك لانها توحد الطبيعة معا وتربطها بعضها ببعض في مجال وحدة متكاملة وتشكل ايضا,نتيجة لذلك ,اساسا فكريا للتعليم العام في مجال العلم.
عالم يهيمن عليه العلم:
يشير تريفل ان عالمنا الحالي بدات تسيطر عليه الافكار العلمية بعد ان كان العالم حتى وقت قريب “عالم يسكنه الشيطان”كما يسميه كارل ساغان,أي قوة غامضة لاسبيل للتنبؤ بها ,كما وغالبا ماتكون شريرة,وهو عالم لم يتوارى عن الابصار تماما وبالتالي فان عالما مفهوما لنا هو عالم اقل خطرا علينا ,لذا فان فهم العالم هوفي النهاية هدف العلم.
لكنك لست في حاجة الى ان تكون فيلسوفا لكي تتبين اثار العلم والتكنولوجيا في حياتك ,تامل حياتك في اليوم العادي .هل تستيقظ على تنبيه ساعة راديو لاسلكية؟نعرف ان الموجات اللاسلكية بدا التنبؤ بها في العام 1861 واكتشفت العام 1888 واستخدمت لارسال اشارات لاسلكية في العام 1894.وهل تسوق سيارتك لتذهب الى العمل ؟اذن انت تبدا في تشغيل سيارتك عن طريق بطارية ,ونعرف ان اول بطارية صنعت في العام 1800 ,وكذلك فان قوانين الديناميكا الحرارية الحاكمة لتشغيل محرك سيارتك تاسست في العام 1842 ,كما تم تشغيل اول محرك يعمل بالاحتراق الداخلي في العام 1876.
لننظر الى الامر من زاوية اخرى .لنفترض ان كائن فضائي وافد الى الارض لاول مرة ,سوف يلحظ على الفور شيئا واحدا,انه من بين الانواع من الكائنات الحية يوجد نوع وحيد هو الهومو سابينس طور قدراته لتغيير البيئة على النحو الذي يتلائم مع احتياجاته.وان ثمة نوعا واحدا هو الذي عرف ما يكفي عن القوانين التي تحكم الكون للتاثير في الاداء الوظيفي لكوكب كامل .
اذا الصورة اضحت واضحة ,ان الماديات التي تحدد حياتنا ,وكذا نظرتنا التكنولوجية العقلانية الى العالم ,جميعها نتائج حديثة العهد للمشروع العلمي .
المنهج العلمي:
يشير الكاتب الى ان هناك خاصيتان تميزان المنهج العلمي في دراسة الكون هما:”الملاحظة والاختبار”.
في فقرة الملاحظة يشير تريفل الى مثال للمنهج اللا علمي السابق اذ يقول:”دار جدل في العصر الوسيط _الحوارات السكولاستية الكبرى_بشان عدد الاسنانم في فم الحصان ,اذ هب الدكتور,أ, واقفا مستندا الى اقتباسات من اوغسطين واباء الكنيسة ,بينما اعتمد الدكتور,ب, على ارسطو وفلاسفة اليونان ,وبينما الجدل على اشده وقف شاب في طرف خلفي للقاعة وقال :”يوجد حصان في الخارج,لماذا لا نفكر في مجرد اتلنظر اليه”فتجمعوا عليه جميعا واوسعوه ضربا على مؤخرته وعلى جانبيه واخرجوه مطرودا من حظيرة اهل العلم ,وكان جدالهم:”ما الذي يمكن للمرء ان يراه في فم الحصان ولم يره ارسطو بالفعل!!”.
ان ما يجعل العالم عالما جيدا ليس انه يبدا عمله وبحثه من الصفر من اية توقعات محتملة ,بل واقع ان النتائج حين لا تتطابق مع التوقعات المنتظرة فانم العالم يسلم بما تقوله الطبيعة ,ومن ثم فان العالم بدلا من ان يتجاهل او يلوي ويقمع النتائج ,يغير فكرته هو عما كان يتصوره وينتظره من النتائج.
اما بخصوص اختبار النظريات ,فان اية فكرة علمية تنبثق في عقل فرد بعينه وتخضع على مدى الزمان للاختبار مرات ومرات ,وربما تصبح موضع قبول ,واكثر من هذا ان في الامكان ان تتضمنها المراجع ,ولكن ياتي وقت حتما ,تاخذ فيه الفكرة مجراها في التطبيق ,فتكون موضع اختبار وعلى المحك .جدير بالذكر ان عملية القبول عملية معقدة ,اذ تتضمن اختيارات فردية من جانب الآلاف من العاملين في المعامل في مختلف انحاء العالم.
اذا نتهي بنصيحة لمؤلف الكتاب “جيمس تريفل ” آملين منكم الاستمتاع والاستفادة من قراءته:”ان وفاء المرء بالتزاماته ,بوصفه مواطنا ,لن يكون بالامر اليسير في المستقبل ,وهي التزامات سيكون من المستحيل الوفاء بها من دون الاحاطة بالمعارف الاولية للعلم”