أخذت المادة المظلمة وقتاً طويلاً لكي تجتمع. فقبل حوالي 10 مليارات سنة، شكلت النجوم الضخمة المجرات المكونة من المادة الطبيعية، وليس المادة المظلمة وهذا ما نلاحظه اليوم.
إذا كانت المجرات الحلزونية مكونة من المادة الطبيعية، فإننا سنرى أن النجوم في الأذرع ستدور بسرعة أقل من تلك القريبة للمركز. ولكن في عام 1970 لاحظ كل من فيرا روبين (Vera Rubin) وكنت فورد (Kent Ford) عالما الفلك الأمريكيين أن هذا لا يحدث في المجرات: فكل النجوم في مجرة أندروميدا تتحرك بنفس السرعة بغض النظر عن بعدها عن المركز.
حيث تعتبر هذه الدراسة أول دليل على وجود المادة المظلمة، وهي المادة التي لا تتفاعل مع الضوء ولا يمكن أن تلاحظ بشئ سوى تأثير جاذبيتها. وهي مادة واسعة الانتشار في الكون، حيث تمثل هالة حول المجرات القرصية. وهذه الكتلة غير المرئية يمكن أن تفسر حركة النجوم الغير طبيعية.
ومن أجل معرفة كيف أصبحت المجرات التي نراها اليوم ممتلئة بالمادة المظلمة علينا أن ننظر إلى تاريخها، وإلى المجرات حين تكونت النجوم في الكون المبكر. ولكن أن تتعلم حول المادة المظلمة من الكون المبكر أمر صعب: لأننا لا نستطيع أن نرى المادة المظلمة، ولذلك فإننا يجب أن نراقب حركة النجوم البعيدة جدا عن كثب.
وفي الوقت الحالي، استطاعت ناتاشا فورستر شرايبر (Natascha Förster Schreiber) من معهد ماكس بلانك لفيزياء الفضاء في ألمانيا وزملاؤها من إعطاء ملاحظات الأكثر تفصيلا من أي وقت مضى حول حركة ست مجرات قرصية ضخمة في عهد ذورة تشكيل النجوم، أي قبل 10 مليار سنة، وذلك باستخدام تلسكوب ضخم في شيلي.
الدوران ببطئ
وجد الباحثون أنه النجوم البعيدة عن المركز في المجرات القديمة وعلى العكس من معظم المجرات الحديثة تدور ببطء أكبر من التي قرب المركز. وتقول فوستر شرايبر “هذا يخبرنا أنه في المراحل الأولى من تشكل المجرات هنالك توزيع نسبي للمادة الطبيعية والمادة المظلمة مختلف عن ما هو عليه اليوم”.
ومن أجل التحقق من نتائج الدراسة الغير متوقعة، استخدم الباحثون 100 صورة للمجرات المبكرة لكي يعثروا على صورة متوسطة للدورات الخاصة بها. وصور المجرات ملائمة لكي يتم دراستها بدقة. وقالت فورستر شرايبر “نحن لا نبحث فقط عن المجرات الغير طبيعية، بل أن هذه الحالة كانت أكثر شيوعا … بالنسبة لي تلك اللحظة كانت لحظة الواو (wow صيحة يطلقها العلماء عن اكتشاف شيء مميز جداً – المترجم)”.
الاختلافات في دوران المجرات المبكرة توضح أنها تحتوي على كمية قليلة من المادة المظلة. ويبدو أنها مصنوعة بالكامل من المادة الطبيعية ويلاحظ ذلك من خلال شكل النجوم والغاز فيها. وعلى مسافة أبعد، أي في وقت سابق من التاريخ الكوني، كانت المجرات أقل احتواءا على المادة المظلمة.
ويقول مارك سوينبيرك (Mark Swinbank) من جامعة دورهام “أن هذه الخطوة مهمة لمعرفة كيف تجمعت مجرة درب التبانة والمجرات الضخمة. وكذلك تقيدت المجرات بشكل القرص ومدى كونها محاطة أو متضمنة بالمادة المظلمة”.
المصدر:
Leah Crane, “Dark matter took its time to wrap around early galaxies“, newscientist.com, 15 March 2017, Nature, DOI: 10.1038/nature21685, reviewed at 20 March 2017