الفلسفة المادية هي نظرة ميتافيزيقية ترى ان هناك محتوى او مادة واحدة في الكون ألا وهي المادة. ويرى الماديون ان الروح غير موجودة. وان الخوارق والظواهر الخارقة للطبيعة والظواهر الغامضة هي اما أوهام او أمور تعزى للظواهر الطبيعية.
الماديون ليسوا ملحدين بالضرورة، كما أنهم لا ينكرون حقيقة الأخلاق او أشياء مثل الحب او العدل او الجمال او الخير.
مع ظهور الفيزياء الحديثة والكيمياء وعلم الأحياء التطوري، فإن الأفكار التي كانت شائعة بين الفلاسفة فيما يتعلق بالمواد لم يعد لها معنى يذكر. مثلاً ما كان يسمى بـ “المادة” قبل بضع قرون لا يشبه اليوم المفاهيم الحديثة كالكتلة والطاقة. الميكانيكا الكمومية ايضا لا تحمل أي تشابه مع مفاهيم الجسيمات العائدة للقرن السابع عشر مثل مفهوم توماس هوبز (Thomas Hobbes). وقد أثبت علم الأحياء التطوري أنه مصدر قلق للثنائيين التقليديين الذين يؤمنون ان النفوس والعقول موجودة بشكل مستقل عن الأجسام (الثنائية تعرف بفصل العقل عن الجسم). فمن وجهة نظر علمية، تطور الدماغ البشري من خلال عمليات طبيعية أدت إلى الوعي والوعي الذاتي من خلال آليات غير مفهومة حتى الان. وكانت نفس انواع العمليات التطورية تعمل على تطوير أدمغة وعقول جميع الكائنات. وقد وضع بعض اللاهوتيين – الذين لا ينكرون التطور تماما – الهاً يخلق النفوس بشكل مباشر في البشر معتقدين أنهم ينقذون النفوس بهذا الفعل. ولكن يبدو اكثر احتمالا ان الوعي تطور دون أي تدخل من كائنات خارقة للطبيعة، تماما كما تطورت جميع الميزات في النباتات والحيوانات الأخرى.
صحيح ان الثنائية تقدم رؤية لكثير من الأمور كالمزاج والفكر والاضطرابات السلوكية من حيث أن الأرواح الشريرة تسببها، ولكن التفسيرات العلمية من قبيل الاضطرابات الدماغية، الهرمونية، او العصبية هي أكثر معقولية بكثير. لذا فإن طرق التعامل مع الأرواح الشريرة مثل طرد الشياطين تبدو قاسية وغير منطقية وخرافية الطابع بالمقارنة مع العلاجات الدوائية والمعرفية السلوكية التي تهدف إلى التأثير على الكيمياء العصبية أو الشبكات العصبية.
وبما أن “المادية” و “الشئ غير المادي” لهما معنى ضئيل في المعجم العلمي الحالي، فقد يكون من المفيد التحدث عن وجهة نظر طبيعية مقابل وجهة نظر فائقة الطبيعة. يبدو أن هناك القليل من القوة التفسيرية في الحديث عن الوعي أو العقل بأنها “غير مادية” أو كنوع مختلف من مادة من الدماغ. ونحن قد لا نفهم تماما كيف يثير الدماغ الوعي والوعي الذاتي [على الأقل حتى الآن]. يركز معارضو المنهج العلمي على “المادية”، مثل تشارلز تارت وجيفري شوارتز، والذين ينتشر تبجحهم حول أن انكار الكائنات غير المادية هو السبب في تراجع الاخلاق الذي يرونه من حولهم. قلق هؤلاء نموذجي من اولئك الذين ينكرون المادية: في جزء من رثائهم لتحول تركيز العالم عن الماورئيات. ولسوء حظ هؤلاء فلا يوجد دليل لدى هؤلاء يُثبت أن المؤمنين بالماورائيات أكثر أخلاقية من غيرهم كما يزعمون.
المقال الاصلي:
http://skepdic.com/materialism.html
جواد العمري