أمام واقع مشحون بالتسابق نحو الكمال الجسدي، يسعى كثيرٌ من الأشخاص إلى تعزيز نموهم العضلي بأكثر طريقة طبيعية ممكنة، ورغم الخلاف حول مفهوم ما هو طبيعي أساساً، إلا أن المقصود هنا هو الاعتماد على زيادة ما يفرزه الجسم من الهورمون الذكري، لا إلى ما يتم أخذه خارجياً من هذا الهرمون ومن الستيرويدات. في هذا المقال سنتطرق لاشهر الطرق المعروفة لزيادة التستوستيرون لكننا لن نتطرق إلى تعريف التستوستيرون ودوره بل إلى ما يقال أنه يزيد من إفرازه، ولنناقش حقيقة ذلك المفعول.
المنشطات الجنسية والتأثير المؤقت
في إحدى التجارب قارن باحثون نسبة التستوستيرون في مجموعتين من الفئران، أعطيت إحداهما الجنسنغ الآسيوي (Panax ginseng) وهو أحد أنواع الجنسنج شائعة الاستخدام لزيادة الفعالية الجنسية. بعض النسب التي أعطيت للفئران لم تكن مجدية، لكن مع إعطاء نسبة اعلى من الجنسنغ ارتفع الهرمون الذكري بنسبة (من 3.63 ng/ml الى 5.91 ng/ml) عن مجموعة التحكم.
الهرمون الذكري، الفعالية الجنسية، القدرات العضلية، زيادة القدرات العضلية عند الرجال عن النساء، ألا يقودنا هذا لشيء ما؟ سيفكر البعض بالفياغرا طالما أن الجنسنج قد نجح بزيادة نسبة الهورمون الذكري فلماذا لا ينجح الجنسنغ او الفياغرا في زيادة البناء العضلي؟ وبالفعل فهذا ما توجه له باحثون خلصوا إلى أن الفياغرا تزيد من تشكل البروتينات في العضلات وتقلل من الإجهاد العضلي! غير أن ما وجدوه لم يكن دقيقاً والقضية ليست بهذه البساطة.
يناقش جيف نيبارد نتائج الدراسة التي تقترح الفياغرا كمادة تحسن البناء العضلي، وهو يستدعي الباحث في البروتينات والأيض العضلي يورن ترومولين (Jorn Trommelen) متكلماً معه عبر الهاتف حول هذا البحث. كان البحث قد قارن الفياغرا بحقنة تستوستيرون تتراوح بين 100-200 مليغرام للأسبوع (تشبيهاً بالحقن التي يتعاطاها الرياضيون بشكل غير قانوني). يطرح ترومولين هنا أمراً شديد الأهمية، وهو مدى طول الفترة التي يستغرقها هذا التأثير الناتج من الفياغرا الذي قد يتراوح بين الساعة والساعتين بخلاف الجرعات الكبيرة التي يتعاطاها الرياضيون والتي تستمر طيلة أسبوع كامل.
السؤال نفسه يُمكن أن يطرح بخصوص الجنسنغ وأي منشط جنسي آخر، والاجابة ستكون دوماً بأن التأثير سيكون محدود بفترة زمنية قصيرة ولن يختلف ذلك عن الزيادة المحدودة زمنياً وكمياً والناتجة من تناول البروتينات. ويُمكن الاطلاع على فوائد الجنسنج المثبتة لكن لن نجد ضمنها شيئاً عن تحسين البناء العضلي.
الطعام والنوم
في دراسة وجد الباحثون زيادة في التستوستيرون (30·7 الى 43.5 nmol h/l) عند إضافة 5 غرامات من الدهون في الوجبة، وقد يستدعي ذلك الحاجة لتضمين الخيارات الصحية من الدهون في الوجبات بشكل دائم. لكن مع ذلك، علينا أن نضع في الحسبان المقدار المتواضع والمؤقت من زيادة التستوستيرون وألا نتصور أن ذلك سيجعل النمو العضلي يمر بطفرة نتيجة لذلك.
من التأثيرات الأخرى التي تمت دراستها، هي التأثير السلبي لانقطاع الطعام (الانقطاع عن الطعام بغض النظر عن تناول أو عدم تناول الماء) على نسبة التستوستيرون. الدراسة هذه كانت قد تمت على قردة الريسوس. وهكذا وجدت دراسة أخرى عن قطع الطعام لمدة 10 ساعات.
التستوستيرون أيضاً يمر بدورة من نسب مختلفة له أثناء اليوم فمثلاً وجد باحثون أنه يكون أعلى بنسبة 50% في الصباح عما يكون عليه في وقت بعد الظهر. وقد وجد الباحثون في البحث نفسه أن تقليل ساعات النوم (5 ساعات ضمن الدراسة) لم يؤثر سلباً على نسبة التستوستيرون بشكل ملف.
التمارين الرياضية
أما فيما يتعلق بالتمارين، وأول ما قد يدعو للتفكير بالتمارين هو نمط الاستراحة أثناء تمارين رفع الأثقال، فقد وجدت إحدى الدراسات زيادة محدودة عند تقليل وقت الاستراحة بين التمارين، فيما وجدت دراسة أن وضع فترة استراحة لعشرة ثواني في وسط مجموعة تمارين من 10 تكراراً لم يكن سلبياً من حيث نسبة التستوستيرون، بل بقيت النسبة كما هي مع نيل فائدة الاستراحة.
أما فيما يتعلق بنمط التمارين، فقد ذكرت دراسة أخرى جامعة لدراسات أخرى حول الموضوع ذاته، أن تضمين تمارين الربض والقفز (jump squats) مع تمارين الدفع على المصطبة (bench press) سبب زيادة في التستوستيرون من 7% الى 15% بالمقارنة مع زيادة 7% فقط لتمارين الدفع على المصطبة. فيما ذكرت الدراسة ذاتها أن التمارين التي تؤدى على العضلات الصغيرة مثل تمارين ثني العضلة ذات الرأسين (biceps curls) لم يحدث أثراً في زيادة التستوستيرون، غير أن إضافة تمارين تمديد الساقين (bilateral knee extensions) كان قد ساهم في زيادة ملحوظة في نسبة التستوستيرون (لا تتوقع زيادة كبيرة فنحن نتكلم عن نسب تقل عن 20%).
بشكل عام تظهر التمارين التي تتضمن اشتراك مجاميع متعددة من العضلات او استخدام مجموعات عضلية أكبر مثل الافخاذ، زيادة أكبر في نسبة التستوستيرون مقارنة بالتمارين المنجزة للعضلات الأصغر. كما أظهرت الدراسات أن تمارين التمركز (concentric) تفرز ضعف ما تفرز تمارين عدم التمركز (eccentric). اما التمارين التي تتضمن وجود وضعية ثابتة لفترة معينة (whole body vibration) فقد رأى باحثون عدم مساهمتها بشكل فاعل في زيادة التستوستيرون.
حتى الآن فإن نسب زيادة التستوستيرون المتعلقة بالرياضة هي نسب محددة أيضاً بفترة ما بعد التمرين كما أنها ليست بمقادير كبيرة، فضلاً عن أن كثيراً من التمارين التي يقوم بها هواة رفع الاثقال قد لا تصل الى الحد المطلوب للتأثير على التستوستيرون. نضيف لذلك التأثير الذي يحدث ويشار له في الدراسات للأشخاص الذين يعانون من نقص في التستوستيرون والذين يشار لتحسنهم بالمقارنة مع الأشخاص العاديين. فمثلاً وجدت إحدى الدراسات زيادة بنسبة 17% في التستوستيرون لدى الكبار في السن الذين يعانون من نقص في التستوستيرون نتيجة أداء التمارين المكثفة (HIIT)، لكن هل ستنطبق نفس النتيجة على من لا يعاني من أي مشكلة؟ هذا ما ورد أيضاً في احدى الدراسات حول الجنسنغ الماليزي، الذي ساهم في زيادة التستوستيرون عند من يعانون من نقص فيه.
ماذا عن المحفزات؟
يُمكن اعتبار جميع ما ذكرناه سابقاً على أنه من المحفزات المحدودة التأثير، لكن ماذا عن المواد التي تباع بصفتها مواد محفزة لإفراز التستوستيرون؟ احدى هذه المواد هي الـ (NMDA) وهي مادة شبيهة بالجلوتامين (كثير التداول بين هواة بناء الاجسام) وقد وجد باحثون أن هذه المادة لم تكن مؤثرة في زيادة التستوستيرون في الجسم. لكن هذا لا يمنع من وجود بعض المواد المحفزة ضمن نطاق محدود أيضاً، مثل مادة (D-Aspartic acid) التي تبين أنها تزيد من إفراز الهرمون الذكري لدى الفئران.
أما مادة تريبولوس تيريستريس (Tribulus Terrestris) فهي تعيدنا للملاحظة السابقة حول الفارق بين وجود التأثير على من يعانون من عدم وجود نسبة طبيعية من التستوستيرون وبين الأشخاص الطبيعيين، حيث وجد باحثون أن المادة تزيد من إفراز التستوستيرون لدى الأشخاص الذين يعانون من مشكلة في إفراز التستوستيرون. وهكذا الحال مع فيتامين د الذي وجدت احدى التجارب تأثيراً واضحاً له على كبار السن.
المؤثرات الأخرى
- العمر: يعد العمر أحد أكبر المؤثرات على إفراز التستوستيرون في الجسم، وبشكل يفوق كل المحفزات السابقة وأيضاً بشكل يجعله عصياً على التغيير حتى لو توفرت أكثر الظروف مثالية. الرسم البياني أدناه يوضح التستوستيرون على المراحل العمرية المختلفة.
- التباينات الفردية: تتباين نسب التستوستيرون لدى الرياضيين من الذكور بشكل كبير جداً فيما تكون في قيم متقاربة نوعاً ما للنساء اللواتي يمارسن الرياضة. المخطط أدناه يوضح أفراداً يمارسون رياضات مختلفة من الرجال والنساء وقد تم قياس نسبة التستوستيرون بعد ساعتين من ممارستهم للرياضات التي يقومون بها ومع ثبوت عدم تعاطيهم للمنشطات. ويُمكن ملاحظة أن نسب التستوستيرون للرجال متباعدة بشكل يجعلها صعبة القراءة والفهم لترجيح إحدى الرياضات على الأخرى. النسبة الحرجة التي تم تحديدها هي مقدار 10 (nmol/l) وهي نسبة معتمدة اولمبيا في فحوصات التستوستيرون. ويُمكن ملاحظة أن ممارسي بعض الرياضات قد تجاوزوا هذه النسبة بمعظمهم، فيما تُظهر رياضات أخرى توزيعاً شاملاً على كافة النسب الموجودة للتستوستيرون، وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن ذلك قد يعتمد على طبيعة الرياضات هذه والتي قد تتضمن جهداً للفريق وليس للأفراد بشكل متوازي.
- العرق: رغم أن العرق يؤثر على نسبة التستوستيرون، غير أن تأثيره ليس كبيراً، هناك دراسات تناولت هذه القضية وخلصت الى أرقام تشير الى فروقات بسيطة في مستوى التستوستيرون بين الأعراق.
- الاقتران: أيضاً هناك فروقات بسيطة لصالح غير المرتبطين على المرتبطين بحسب دراسة أجريت عام 1998. كما يرتفع التستوستيرون بحسب الدراسة في السنوات المحيطة بفترة الطلاق.
وأخيراً هناك من يعتقد بوجود فروقات في نسبة التستوستيرون بحسب المنصب القيادي في المؤسسات، لكن وبحسب دراسة نشرت عام 2016 في مجلة علم الغدد الصم العصبي النفسي، فإنه لا يوجد ترابط بين الحالتين، لكن هناك علاقة بين النمط السلطوي في القيادة وبين نسبة التستوستيرون.
خلاصة
- من الصعب القول إن هناك مادة محفزة (طبيعية بالمفهوم التقليدي) تؤدي الى زيادة افراز التستوستيرون الى ما يزيد عن 30% بل وأقل من ذلك بكثير كما لاحظنا في المقال، بالمقارنة مع الحقن التي يستخدمها هواة بناء الأجسام والتي قد تزيد عن 100%.
- كثير من المحفزات لزيادة التستوستيرون هي مؤقتة التأثير وبالتالي فقد يكون لها تأثير ملموس على الأداء الجنسي لا على البناء العضلي الذي يتطلب زيادة تكوين البروتينات في العضلات.
- كثير من التجارب التي يتم اجراؤها بخصوص مواد تزيد التستوستيرون لا تتم على البشر وفي كلتا الحالتين – أي ما يتم تجريبه على البشر أو ما يتم تجريبه على الحيوانات – فإن التأثير الواضح والملموس يظهر في تجارب عديدة على من يعانون من نقص في افراز التستوستيرون مثل التجارب التي تجرى على كبار السن او الأشخاص الذين يعانون من ضعف القدرة الجنسية ولا يعني ذلك أن نفس النتيجة ستتحقق على الشخص السليم.
- كثير من التمارين الرياضية الخاصة برفع الأثقال لا تحدث تأثيراً في التستوستيرون، ولاسيما منها التمارين ذات الاوزان المنخفضة أو التمارين التي تستهدف مجاميع عضلية صغيرة. فيما تحدث التمارين التي تستهدف مجاميع عضلية كبيرة تأثيراً واضحاً.
المصادر
[1] Fahim, M. S., et al. “Effect of Panax ginseng on testosterone level and prostate in male rats.” Archives of andrology 8.4 (1982): 261-263.
[2] Sheffield‐Moore, Melinda, et al. “Sildenafil increases muscle protein synthesis and reduces muscle fatigue.” Clinical and translational science 6.6 (2013): 463-468.
[3] Is Viagra Better Than Steroids For Muscle Growth? (New Research) | Science Explained, YouTube ID: EGYMDePpSFk
[4] Panax Gensing, WebMd
[5] Schnabel, Peter G., et al. “The effect of food composition on serum testosterone levels after oral administration Clinical endocrinology 66.4 (2007): 579-585.
[6] CAMERON, JUDY L., and CONNIE NOSBISCH. “Suppression of pulsatile luteinizing hormone and testosterone secretion during short term food restriction in the adult male rhesus monkey (Macaca mulatta).” Endocrinology 128.3 (1991): 1532-1540.
[7] Lynn, Sharon E., et al. “Food, stress, and circulating testosterone: cue integration by the testes, not the brain, in male zebra finches (Taeniopygia guttata).” General and comparative endocrinology 215 (2015): 1-9.
[8] Reynolds, Amy C., et al. “Impact of five nights of sleep restriction on glucose metabolism, leptin and testosterone in young adult men.” PloS one 7.7 (2012): e41218.
[9] Loebel, Chad C., and William J. Kraemer. “Testosterone and resistance exercise in men.” The Journal of Strength & Conditioning Research 12.1 (1998): 57-63.
[10] Vingren, Jakob L., et al. “Testosterone physiology in resistance exercise and training.” Sports medicine 40.12 (2010): 1037-1053.
[11] Vingren, Jakob L., et al. “Testosterone physiology in resistance exercise and training.” Sports medicine 40.12
[12] Hayes, Lawrence D., et al. “Exercise training improves free testosterone in lifelong sedentary aging men.” Endocrine connections 6.5 (2017): 306-310.
[13] Tambi, M. I. B. M., M. K. Imran, and R. R. Henkel. “Standardised water‐soluble extract of Eurycoma longifolia, En utilisant un traitement comme le Viagra, les actions néfastes de ces enzymes sont réprimées, augmentant ainsi les taux de GMPc, condition sine qua non à la détente des muscles présents dans le pénis. Comme l’original, ce comprimé de doit être pris avec un verre d’eau 30 à 60 minutes avant coit pour bénéficier de ses effet en temps voulu. Tongkat ali, as testosterone booster for managing men with late‐onset hypogonadism?.” Andrologia 44 (2012): 226-230.
[14] Heavy Resistance Training and Supplementation With the Alleged Testosterone Booster Nmda has No Effect on Body Composition, Muscle Performance, and Serum Hormones Associated With the Hypothalamo-Pituitary-Gonadal Axis in Resistance-Trained Males
[15] D’Aniello, Autimo, et al. “Involvement of D-aspartic acid in the synthesis of testosterone in rat testes.” Life sciences 59.2 (1996): 97-104.
[16] https://www.healthline.com/nutrition/best-testosterone-booster-supplements#section3
[17] Mazur, Allan, and Joel Michalek. “Marriage, divorce, and male testosterone.” Social Forces 77.1 (1998): 315-330.
[18] Van der Meij, Leander, Jaap Schaveling, and Mark van Vugt. “Basal testosterone, leadership and dominance: A field study and meta-analysis.” Psychoneuroendocrinology 72 (2016): 72-79.
تدقيق: أحمد ابراهيم
موضوع مهم جدا وبحث قيم وفقتم