أشترك في القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية: 

 

دلالات التباين الجيني بين سلالات الآباء والأمهات

بواسطة | أكتوبر 31, 2025 | التطور والوراثة | 0 تعليقات

هناك أدلة جينية يحملها كل فرد منا تحمل أدلة تاريخية عن أمور حدثت دون أن نعلم عنها شيئًا بالضرورة من هجرات أو حالات وفرة أو مجاعات أو مجازر وحروب. كيف تساهم معرفتنا بالسلالات أو الخطوط الجينية المنتقلة عبر الآباء أو الأمهات في كل ذلك؟

هناك نوعان من الأدلة الجينية المفيدة في تتبع السلالات التاريخية: الكروموسوم Y والحمض النووي للميتوكوندريا؛ الجزء الآخر يتمثل بالحمض النووي للميتوكوندريا والذي توفره الأم لكل أبنائها دون أن يساهم الأب في ذلك، حيث لا يدخل في عملية استنساخ الحمض النووي التي تشترك فيها جينات الوالدين. يدلنا الحمض النووي للميتوكوندريا إذن على سلالة أخرى، سلالة الأمهات، تنتقل من الأم إلى جميع أبنائها، لكن فقط البنات يورثنها للجيل التالي، مما يرسم خط سلالة الأمهات. هذه البداية فحسب لكنز من المعلومات التاريخية.

مع شيوع فحوص الحمض النووي سواء عبر الدراسات الأكاديمية أو عبر الفحوص التجارية فقد توفرت الكثير من البيانات لآلاف وربما ملايين البشر من مختلف أنحاء العالم بما في ذلك المعلومات حول تلك السلالات. وما يحدث هو أننا نجد شيوع سلالات معينة في كل إقليم وفي كل بلد سواء من سلالات الآباء أو الأمهات. ليس هذا فحسب، بل نجد أحيانا تنوع أكبر في سلالات الآباء فنجد 5 أو 6 سلالات شائعة في منطقة معينة مقابل سلالة واحدة للأمهات أو العكس. فما الذي يدل عليه هذا التباين والاختلاف في التنوع بين الأقاليم المختلفة؟

يُظهر الحمض النووي للميتوكوندريا (mtDNA) تنوعاً أعلى مقارنة بالكروموسوم Y بشكل عام. يعزى ذلك إلى ما يعرف بالإقامة الأبوية (patrilocality) والذي يعني أن النساء كن ينتقلن إلى حيث يتواجد الآباء بشكل عام عبر التاريخ. لكن لو حدث أن التنوع كان أعلى للسلالات الذكرية فيمكن حينئذ أن تكون الإقامة الأمومية (matrilocal) هي الحالة في ذلك الإقليم.[1] تقترح دراسات بأن الرجال كانوا أقل انتقالًا من النساء خلال آخر 15 ألف سنة على الأقل. لكن هذه ليست القاعدة بل هناك مجتمعات معينة في الهند مثل الخاسي (Khasi) وفي شمال تايلاند حيث ينخفض تنوع الحمض النووي للميتوكوندريا ويزداد تنوع الكروموسوم Y.[2] لا تنطبق هذه القواعد على السكان الأصليين للأمريكتين حيث أن الجينات متشابهة لجميع البشر الذين انتقلوا إلى هناك بشكل عام.

عدا الفرضية السائدة حول الانتقال فإن هناك فرضية أخرى تقول بوجود حالة عنق زجاجة – حيث ينخفض تعداد حيوان أو جنس في وقت ما نتيجة ظروف معينة – في الكروموسوم Y بين 7000 إلى 5000 سنة قبل الآن. يرجح وجود عنق الزجاجة هذا بسبب انخفاض المساواة التكاثرية، أي قدرة بعض الذكور على احتكار المزيد من النساء، مع انتشار الزراعة. (شاهد البودكاست او اقرأ نص الحوار مع الدكتور رياض عبد حول المساواة التكاثرية).[3]

كلما تقدم العلم وتوسعت اختبارات الحمض النووي كلما فهمنا المزيد عن ديناميكيات حركة البشر وانتقالهم وتكاثرهم في الماضي والتي يمكن أن تساعدنا أيضًا في فهم ما سيكون عليه حال البشر في المستقبل. العلاقة بين أنماط حركة الذكور والإناث في المجتمعات والانخفاض الحاصل في قدرة أحد الجنسين على التكاثر هي من الحقائق التي يمكن أن نعرفها من فهمنا الحالي للتنوع في سلالات الآباء والأمهات.

[1] Hammer, Michael F., et al. “Hierarchical patterns of global human Y-chromosome diversity.” Molecular Biology and Evolution 18.7 (2001): 1189-1203.

[2] Kumar, Vikrant, et al. “Global patterns in human mitochondrial DNA and Y-chromosome variation caused by spatial instability of the local cultural processes.” PLoS Genetics 2.4 (2006): e53.

[3] Karmin, Monika, et al. “A recent bottleneck of Y chromosome diversity coincides with a global change in culture.” Genome research 25.4 (2015): 459-466.