أشترك في القائمة البريدية

اشترك في القائمة البريدية: 

 

اثبات فاعلية العلاج النفسي بالكلام عبر تصوير الدماغ

بواسطة | نوفمبر 6, 2025 | علاج نفسي | 0 تعليقات

لو جلس شخص مع معالج نفسي واستمرت الجلسات لفترة فهل يمكن أن ينعكس ذلك على دماغ الشخص؟ هل يدعم الدليل البيولوجي العلاج النفسي بالكلام؟ هل يمكن أن نرى أثراً للعلاج النفسي بالكلام من خلال تصوير الدماغ؟ مفاجآت عدة تضيف المزيد لرصيد العلاج النفسي بالكلام!

وجد باحثون من جامعة ايموري[1] أن هناك أنماط معينة من النشاط الدماغي التي يمكن أن تبرهن حول ما اذا أثرت مضادات الاكتئاب أو العلاج النفسي بالكلام بدرجة أكبر على الاكتئاب. اخضعت الدراسة مجموعة من المرضى لـ 12 أسبوع من العلاج النفسي بالكلام وفق المنهج السلوكي المعرفي أو بمضادات الاكتئاب.  في بداية الدراسة خضع المرضى للرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI) ثم أعاد الباحثون التصوير الدماغي بعد الدراسة.

وجد الباحثون تكَون درجة أعلى من الروابط في منطقة مهمة لمعالجة المشاعر وهي القشرة الحزامية تحت الثفنية (subcallosal cingulate cortex) ومناطق أخرى في الدماغ يُعتقد أنها تغيرت كنتيجة للعلاج. كانت تلك النتائج  لدى المرضى الذين كانوا يميلون إلى الشفاء مع العلاج النفسي بالكلام. أما أولئك الذين لم تظهر لديهم ذات النتائج في التصوير الدماغي فقد كانوا أكثر ميلاً للشفاء عبر مضادات الاكتئاب. تقترح هذه الدراسة أن فحوص التصوير الدماغي يمكن أن تتنبأ بالعلاج الأفضل لمرضى الاكتئاب، أي أن الخصائص البيولوجية لنا يمكن أن تحدد ما نحتاج من علاج وهو أمر بدأ البحث العلمي بالوصول إليه في مجالات مثل معالجة السرطان. لكنها في نفس الوقت تُعد دليلاً دامغاً على عمل العلاج النفسي بالكلام.

في بحث آخر ساهمت به كل من جامعة بليموث وجامعة جلاسكو حاول الباحثون تقييم أثر العلاج النفسي بالكلام، وتحديداً العلاج السلوكي المعرفي على مرضى الاكتئاب. تم إجراء فحص الرنين المغناطيسي للمرضى قبل وبعد الدراسة وتوصل الباحثون أن هناك دوائر معينة في الدماغ تتعلق بالمكافأة كانت قد تفعلت بشكل مختلف في المرضى الذين كانت لهم استجابة أعلى للعلاج السلوكي المعرفي. [2]

قام باحثون آخرون بدراسة أثر العلاج النفسي عبر الرنين المغناطيسي الوظيفي على مرضى اضطراب الهلع[3]. قسم الباحثون المرضى إلى مجموعتين إحداهما مجموعة التحكم والتي لم تخضع لأي علاج، أما الثانية فقد خضع المرضى فيها إلى العلاج النفسي بالكلام. شفي 70% من مرضى المجموعة الثانية أما مجموعة التحكم فقد شفي منهم 7% فقط. كشف الرنين المغناطيسي الوظيفي أن العلاج السلوكي المعرفي قام بتطبيع النشاط الدماغي في مناطق معينة تميل إلى الفعالية المفرطة لدى الأشخاص المصابين باضطراب الهلع وبالأخص الأماكن ذات الصلة برصد التهديدات، وذاكرة الخوف وتنظيم العواطف. وجد الباحثون أيضاً أن عدد الجلسات المطلوبة يمكن أن يكون أقل مما كان يُعتقد.

وجدت دراسة أخرى3 استخدمت التصوير موتر الانتشار (diffusion tensor imaging) أثر العلاج النفسي، أيضاً السلوكي المعرفي، على مرضى الوسواس القهري. وجدت الدراسة تغيرات ملحوظة في البنية الدقيقة للمادة البيضاء في الدماغ. تعد أهمية المادة البيضاء محورية في تنظيم التواصل بين مناطق الدماغ وتظهر تركيبة المادة البيضاء شذوذات لدى المصابين بالوسواس القهري. أظهر المرضى بعد الخضوع للعلاج تحسناً في صلات المادة البيضاء في مناطق معينة ورأى الباحثون أن ذلك يرتبط بتحسن الأعراض. وجد أن العلاج السلوكي المعرفي يقوي ارتباطات الدماغ لدى مرضى الفصام مما يقود لتقليل الأعراض وللتعافي بعكس أولئك الذين تلقوا الأدوية فقط حيث لم تظهر عليهم تغيرات في الدماغ. يعترض الباحثون كيف لا يوصف العلاج النفسي بالكلام لمرضى الفصام مع ذلك رغم وضوح فائدته.

في العام 2019 فحص باحثون ايطاليون3 اشخاصاً خضعوا للعلاج بحركة العين السريعة وإزالة الحساسية (EMDR) والعلاج السلوكي المعرفي المخصص للصدمات النفسية. أظهر كل من العلاجين تغيرات متشابهة في الدماغ وتحسن في الأعراض رغم اختلاف طريقتي العلاج. تشترك هذه العلاجات بعامل محوري، مثل معالجة الذكريات الصادمة وتشجيع السلوك الإيجابي.

في بحث آخر[4] وجد الباحثون أن 15-20 جلسة من العلاج النفسي السلوكي لمرضى الاكتئاب الحاد قد نجم عن تغيرات دماغية تم الاستدلال عليها بتقنيات التصوير المقطعي للدماغ (PET scan). شملت التغيرات زيادة في التوصيلات التلفيف المجاور للحصين (parahippocampal gyrus) والقشرة الحزامية الأمامية الظهرية (Dorsal anterior cingulate cortex) مقابل انخفاض في التوصيلات في كل قشرة فص الجبهة (prefrontal cortex) بأجزاءها البطنية والوسطية والظهرية. قام باحثون في بحث منفصل بذات التقنية باكتشاف زيادة في أيض الجلوكوز في أجزاء من الدماغ بعد جلسات العلاج السلوكي المعرفي. [5]

درس ديتشير (Ditcher) وزملاءه[6] علاجاً نفسياً آخر وهو علاج التفعيل السلوكي (Behavioral Activation Therapy) والذي يتضمن نمطاً من السلوك التفاعلي كمحفز إيجابي لتقليل سلوكيات الحذر لدى مرضى الاكتئاب. خضغ المرضى للتصوير الدماغي قبل وبعد اجراء احدى المهام ضمن العلاج والتي تتطلب تحكماً معرفياً  (cognitive control). تمت ملاحظة تغيرات الدماغ للسياقات المحزنة أو المحايدة في التمارين ومن ثم في العلاج بشكل عام حيث لوحظت بعض التغيرات في تفعيل مجموعة التلفيف الحزامي (paracingulate gyrus cluster) والتي كانت مرتبطة بالتغير في أعراض الاكتئاب أيضاً.

تم تقييم علاج الديناميكيات النفسية لفترة طويلة عبر التصوير الدماغي لمرضى الاكتئاب[7] قبل وبعد 15 شهر من العلاج النفسي. انخفض تفعيل قشرة الحزام تحت الركبية (subgenual cingulate cortex) كنتيجة لدى المرضى واقترن ذلك بتحسن في الأعراض.

وجدت دراسة أخرى حول الرهاب الاجتماعية عبر التصوير المغناطيسي الوظيفي (fMRI)[8] أن الخضوع للعلاج النفسي لـ 12 أسبوعاً على منهج العلاج السلوكي المعرفي قد غير تركيبة الدماغ أيضاً. أظهر تحليل تصوير الدماغ زيادة في تفعيل بعض المناطق البصرية في التلفيف الصدغي وبعض مناطق المعالجة المعرفية ومعالجة العواطف في القشرة الحزامية الأمامية الظهرية (dorsal ACC) والفص الجبهي الظهري الأوسط (dorsomedial PFC) قبل العلاج  النفسي وانخفاض ذلك التفعيل بعده.

ختاماً، يمكن أن نرى كيف للعلاج النفسي أن يؤثر على عمل الدماغ أيضاً وأن ذلك يمكن قياسه بالتقنيات الحديثة لتصوير الدماغ. ليس كونه يُحدث تأثيراً وهمياً فحسب.

المصادر 

[1] Dunlop, Boadie W., et al. “Effects of patient preferences on outcomes in the Predictors of Remission in Depression to Individual and Combined Treatments (PReDICT) study.” American Journal of Psychiatry 174.6 (2017): 546-556.

[2] Will depression treatment work for me? Research shows that brain activity may help predict success of Cognitive Behavioural Therapy,  University of Plymouth, 2 August 2019

[3] Brain Imaging Shows the Impacts of Psychotherapy, American Psychiatric Association, 6 Jan 2020

[4] Goldapple K., Segal Z., Garson C., et al Modulation of cortical-limbic pathways in major depression: treatment-specific effects of cognitive behavior therapy. Arch Gen Psychiatry. 2004;61:34–41. doi: 10.1001/archpsyc.61.1.34

[5] Kennedy SH., Konarski JZ., Segal ZV., et al Differences in brain glucose metabolism between responders to CBT and venlafaxine in a 16-week randomized controlled trial. Am J Psychiatry. 2007;164:778–788. doi: 10.1176/ajp.2007.164.5.778.

[6] Dichter GS., Felder JN., Smoski MJ. The effects of brief behavioral activation therapy for depression on cognitive control in affective contexts: an fMRI investigation. J Affect Disord. 2010;126:236–244. doi: 10.1016/j.jad.2010.03.022.

[7] Buchheim A., Viviani R., Kessler H., et al Changes in prefrontal-limbic function in major depression after 15 months of long-term psychotherapy. PLoS One. 2012;7:e33745. doi: 10.1371/journal.pone.0033745

[8] Klumpp H., Fitzgerald DA., Phan KL. Neural predictors and mechanisms of cognitive behavioral therapy on threat processing in social anxiety disorder. Prog Neuropsychopharmacoi Biol Psychiatry. 2013;45:83–91. doi: 10.1016/j.pnpbp.2013.05.004