هل تسبب اجهزة التفتيش المعتمدة على اشعة اكس السرطان؟ الامن الداخلي الامريكي ينشر كاشفات اشعة اكس لكشف دواخل المركبات التي تجتاز الحدود وفق ملفات تم الحصول عليها من مجموعة خاصة مما يثير قلقا حول الاصابة بالسرطان وخصوصية الافراد. مقال يتحدث عن جدل ونوع من الصراع بين مجموعة من الباحثين من جهة وبين الامن الداخلي الامريكي المسؤول عن حماية الحدود وجمعية العلوم والهندسة الامريكية من جهة اخرى.
وبما اننا لا نحلم بنزاع او صراع كهذا بين مؤسسة امنية واخرى علمية في بلداننا فبالتأكيد لا يحق لنا ان نضع انفسنا موضع الحكم في صراع كهذا كما اعتدنا ونحن نشاهد اخبارنا لنشجع طرفا ونؤيد سحق طرف اخر. وقد يهتم بعض الصحفيين والمهتمين بالشأن الامني اثارة الامر ولو من باب اثارته فحسب في المؤسسات التي تستخدم هذه الاجهزة في البلاد العربية.
وللامر ابعادا اخرى في بعض الدول كالعراق اذ نقلت الشائعات ان الحكومة العراقية ستقوم بإستخدام كاشفات اشعة اكس متحركة وثابتة ومن التي تستخدمها الدول في المنافذ الحدودية والمطارات بشكل لا يؤذي كثيرا بالنظر لقلة المرور على تلك الاماكن. اما استخدامها داخل المدن فإنه قد يثير مخاوفا جدية من استخدامها ويدعو للنظر في الامر بدقة وتأني قبل التفكير بالتعاقد حول اجهزة كهذه او نشرها داخل المدن خلفا للجهاز الذي استخدم بكثرة واكتشف فيما بعد انه لعبة اطفال والذي لا يمكن ان يستبدل بالكثافة التي استخدم فيها بجهاز للتفتيش بأشعة كاما او اشعة اكس.
حددت دائرة الامن الداخلي في الولايات المتحدة المواصفات الخاصة بكاشفات التفتيش الخاصة للحدود والتي اجازت استخدام اشعة كاما او اشعة اكس لتفتيش المركبات مما اثار قلقا حول الصحة وخصوصية الافراد. ورغم الغضب الشعبي الذي اجبر الامن الداخلي على ترك استخدام كاشفات اشعة اكس في المطارات فإن الامن الداخلي قاموا بشراء 300 كاشف خاص بالافراد في السنة الاخيرة والتي استخدمت فيها تقنية بديلة يبدو عليها انها اكثر جودة في كشف المتفجرات والعملات المهربة والمخدرات (التقنية هي تقنية Z Portal والتي تجمع بين استخدام اشعتي اكس وكاما وذلك وفق منشور مديرية امن الكمارك والحدود في الولايات المتحدة).
وقد ذكرت اوراق مواصفات العقد الذي نشرته دائرة الامن الداخلي شرط استخدام اشعة كاما او اشعة اكس في الكشف عن السيارات المارة. والتي تعد اشعة مؤينة (ionizing radiation) تسبب مخاطرا بالطاقات العالية التي تستخم فيها. وذكرت اوراق مواصفات العقد ايضا ان اجهزة الكشف يجب ان تكون قادرة على كشف السيارات والدراجات النارية والباصات. ويقول الدكتور جون سيدات البروفيسور في الكيمياء الحيوية والفيزياء الاحيائية بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسسكو ان المجتمع سيدفع ثمنا باهضا نتيجة السرطان المتسبب من استخدام هذه الاجهزة. وقد اخبر موقع (سي نيت CNET صاحب هذا التقرير) عن المخاطر الصحية والقلق حول السرطان الذي سيتسبب من استخدام اشعة اكس وذكر ان المفوضية الاوربية قامت بمنعه في نوفمبر 2012 في المطارات الاوربية.
المواصفات المعلنة (جميع متعلقات العقد ومواصفاته متاحة على شبكة الانترنت وبملفات PDF قابلة للبحث وصادرة من الدوائر الرسمية الامريكية ذاتها) لم تحدد كيفية حماية الجمارك والحدود ولم تذكر ان كان من الممكن ابلاغ الاشخاص عن الاشعاع الذي سيمر على اجسادهم او تخييرهم بعدم المرور من خلاله الامر الذي اتيح في المطارات عند المرور على كاشف تفتيش الاشخاص وكم مرة سيتم اختبار الجهاز لاثبات سلامته.
ان كاشفات اشعة اكس المصنعة بمؤسسة العلوم والهندسة الامريكية ما زالت مستخدمة في محطات سان سيدرو وكاليف الحدودية وتقول الجهات الرسمية ان الاشعاع يقع ضمن الحدود المقبولة. وانها ستعلن عن شراء مجموعة جديدة من الكاشفات في فبراير القادم.
وبخلاف الاشعة الراديوية فإن الاشعة المؤينة مثل اشعة اكس واشعة كاما تعد اشعاعات خطرة بالنظر لتأثيرها على النسيج الحي واعادة ترتيبها للكروموسومات ودورها في الاصابة في السرطان. غير انه على الرغم من ذلك يبقى الامر معتمدا على حجم الجرعة المسموحة فالاشعة الكونية التي تمر علينا تتضمن بجميع الاحوال اشعاعت خطرة من هذا النوع في الجو غير انها لا تؤثر علينا بشدة كما يعتمد الامر على الاشخاص فالنساء الحوامل مثلا اكثر عرضة للخطر حين التعرض لهذه الاشعاعات.
ويقول بيتر ريز البروفيسور في الفيزياء بجامعة اريزونا والذي درس عمل كاشفات اشعة اكس ان هناك تصعيدا مضخما ضد استخدام هذه الكاشفات.
ريز يقول ان الامن الداخلي اختاروا تسمية لكاشفاتهم “انظمة كشف غير تطفلية بوابية ذات طاقة منخفضة التشغيل ” وهي تسمية مضللة للغاية, إذ ان القول عن اشعة اكس ذات الطاقة العالية انها منخفضة الطاقة هو اسوء تناقض في الكلام. لان الاشعاع الخارج من الكاشفات يمر مباشرة عبر الشخص الجالس في المركبة.
ويقول الامن الداخلي ان الجرعة المستخدمة في الاشعاع بالاجهزة المستخدمة تقع ضمن النسب المقبولة من الهيئة الدولية للوقاية من الاشعاع (يذكر في ملف الهيئة الدولية للوقاية من الاشعاع ان النسبة المسموحة هي 2500 كشف خلال السنة طالما ان الكشف الواحد لا يتجاوز الجرعة المسموحة وهي 0.1 زيفرت وادناه توضيحات حول وحدة الزيفرت وهي وحدة خاصة بقياس نسبة الاشعاع التي نتعرض لها)
تصوير الصدر بالأشعة السينية : 1و0 مللي زيفرت
فحص الجسم بكامله بالأشعة السينية :10 مللي زيفرت.
فحص أسنان بالأشعة السينية : 005و0 مللي زيفرت
تصوير الثدي الشعاعي: 3 مللي زيفرت
تصوير مقطعي محوسب للدماغ: 8و0 – 5 مللي زيفرت
تصوير مقطعي محوسب للصدر : 6–18 مللي زيفرت
تصوير مقطعي محوسب للبدن : 14 مللي زيفرت
تحدد الهيئة الدولية للوقاية من الإشعاع الحد الأعلى للعاملين في مجال الطاقة النووية : 500 مللي زيفرت سنويا،
وتحدد الهيئة الدولية للوقاية من الإشعاع للعاملين في مجال الطاقة النووية في أحوال الخطر و الإنقاذ : 1000 مللي زيفرت سنويا تعادل 1 زيفرت سنويا
بالنسبة للعاملين في مجال الطاقة النووية والابحاث العلمية: إذا وصلت جرعة أحدهم إلى 1000 مللي زيفرت خلال أداء واجب أو شغل معين ، فإنه يُعفى من تلك الأعمال لمدة سنة ، بحيث لا يتعرض إلى اشعاعات إضافية.
0 – 250 مللي زيفرت : لا تظهر أعراض
250 – 1000 مللي زيفرت : بعض الناس تشعر بالغثيان ، فقد الشهية ، تأثر نخاع العظام ، تأثر الغدد الليمفاوية ، تقشر الجلد ،
1000 – 3000 مللي زيفرت: غثيان خفيف إلى شديد ، فقد الشهية ، سهولة العدوى ، تأثر بشدة لنخاع العظام ، تأثر بشدة للغدد الليمفاوية ، تقشر الجلد ، تحسن الحالة محتمل ولكن ليست أكيدة .
3000 – 6000 مللي زيفرت : غثيان شديد, فقد الشهية ; نزيف ، سهولة العدوى ، إسهال ، تقشر الجلد ، العقم ، الموت إذا لم تعالج .
6000 – 10000 مللي زيفرت : الأعراض أعلاه بالإضافة إلى إصابة النظام العصبي ، والشلل ، احتمال الوفاة كبير.
فوق 10.000 مللي زيفرت (أي فوق 10 زيفرت): الشلل والموت .
International Commission on Radiological Protection (1991). 1990 Recommendations of the International Commission on Radiological Protection– ICRP Publication 60. p. 52.
ان النزاع حول الاشعاعات خلال المنافذ الحدودية يعيدنا الى النزاع حول الكاشفات المستخدمة في المطارات اذ مع قول الامن الداخلي ان الكاشفات سليمة فإن القلق المتزايد للباحثين من عدم وجود اي بحث مستقل حول الكاشفات يتزايد ويظهر في رسالة الدكتور سيدات وباحثين اخرين الى قسم الصحة والخدمات البشرية في العام الماضي ذكروا فيها “ان اي اختبار مستقل لم يجري لكاشفات اشعة اكس مما يتركنا في اشكالية حول استخدام تقنية غير مجربة على شريحة كبيرة من شعبنا, وحيث ان اي ضرر لا يمكن ان يظهر او يتم تمييزه فجأة اذا ما كانت الجرعات المستخدمة زائدة”.
والقلق حول الخصوصية ايضا يلتقي مع القلق حول خطورة تلك الاجهزة إذ تصرح مديرية الامن الداخلي “انها تأخذ جميع الاحتياطات لضمان خصوصية المسافر حيث ان التقنية المستخدمة ليست تقنية اشعة مؤينة وهي لا تعرض تفاصيل الجسد”.
يقول البروفيسور سيدات المختص في الفيزياء الحيوية ان التقديرات حول جرعة اشعة اكس المستخدمة من قبل هيئة العلوم والهندسة الامريكية ومديرية الجمارك والحدود اقرب لان تكون على خطأ من خلال عدة جوانب حيث ان غرفة التأين وحزمة الليزر المستخدمة من قبلهم لم تعد لهذا الغرض.
الرابط الاصلي للمقال: