خرافة العلاقة بين لقاح الحصبة والتوحد ومكافحتها يبذل الباحثين جهود حثيثة في مجال الصحة العامة في مواجهة الخرافات حول اللقاحات، ويسعون لرفع معدلات التطعيم. لكن دراسة جديدة تبين ان بعض الطرق التي يسلكها الباحثين لتوعيه الأباء تكون غير مجدية.
ففي الدراسة ركز الباحثون على فكرة “لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) تسبب مرض التوحد” وهذه الفكرة تم دحضها مسبقاً. فقد تم اجراء استبيان لـ 1759 من الأباء وقد وجد انه على الرغم من تعريف الأباء بأنه ليس هنالك علاقة بين اللقاح والتوحد، الا ان الأباء الذين شملتهم الدراسة وأبدوا تحفظات مبدئية حول اللقاح كانوا اقل احتمالا ان يطعموا اطفالهم بعد سماع رسائل الباحثين.
وقال بريندان نيهان (Brendan Nyhan)، استاذ مساعد في القسم الحكومي في كلية دارتموث (Dartmouth)، انه “الرسالة الأولى التي نسعى لتوصيلها من خلال دراستنا هي ان الوسائل التي نستخدمها للتشجيع على لقاحات الأطفال قد تكون غير مجدية، وفي بعض الحالات قد تكون ذات نتائج عكسية. فنحن بحاجة الى المزيد من الوسائل المستندة على أدلة عن اللقاحات. فنحن لا نعرف ايها يعمل، وبذلك نحتاج الى المزيد بدلا من الاعتماد على الحدس والبديهة”.
ترجع خرافة “لقاح الحصبة الالمانية يسبب التوحد” الى دراسة صغيرة اجريت في عام 1988 في بريطانيا، وقد وقد عوقب مؤلف الورقة البحثية في وقت لاحق بتهمة سوء السلوك، حيث منع من مزاولة الطب في المملكة المتحدة. ومن حينها أجريت العديد من الدراسات ولم يجد الباحثون أي صلة بين اللقاح ومرض التوحد.
ونظر الباحثون في الدراسة الجديدة الى أربع اساليب تهدف الى القضاء على هذه الخرافة. فقط اعطوا الأباء معلومات صادرة من السلطة الصحية حول عدم وجود دليل على ارتباط التوحد واللقاح، ومعلومات عن الأمراض التي يمنعها اللقاح، وصور لأطفال مصابين بأحد هذه الامراض، أو اطلاعهم على حادثة موت طفل رضيع أصيب بالحصبة.
ففي بداية الدراسة، قال مجموعة من أولياء الأمور الذين شملتهم الدراسة ممكن كانوا أكثر معارضة للتطعيم أن هنالك احتمال يأن يطعموا اطفالهم في المستقبل بلقاح الحصبة الألمانية ما نسبته 70%، في المتوسط.
ولكن بعد ان ان اعطاؤهم معلومة بأنه لا توجد علاقة بين اللقاح ومرض التوحد، قالوا انه من المحتمل ان يلقحوا اطفالهم في المستقبل بنسبة 45% في المتوسط. على الرغم من انهم قالوا ايضا انهم الآن أقل اعتقادا بأن اللقاح يمكن ان يسبب مرض التوحد.
فبعبارة أخرى، إعطاء الآباء معلومات جديدة تجعلهم أكثر معارضة لتطعيم الأطفال في المستقبل. وقال نيهان ان السبب الدقيق لهذه الظاهرة غير واضح، ولكن الأبحاث السابقة تعطي بعض التلميحات.
وقال نيهان للايف ساينس (Live Science) انه “نقترح ان الأشخاص لديهم حافز للدفاع عن مواقفهم الاكثر تشكيكاً أو الأقل أيجابية نحو اللقاحات”. ولمواجهة الأدلة على ان واحدة من أفكارهم غير صحيحة بخصوص اللقاحات، قد نذكر للأشخاص الاعتراضات او الأهتمامات الأخرى، وبذلك يكونوا أقل احتمالا بانهم يطعمون اطفالهم، وليس أكثر.
ولمواجهة هذا، قال ان الصحة العامة تحتاج لاستراتيجيات لاستهداف معارضة اللقاح مع الأخذ في الاعتبار أن هنالك عدد من الأسباب التي يتخذها الآباء لعدم التطعيم.
وقال نيهان ان الدراسة تنظر الى نوايا الوالدين فقط. وقال انه مع القلق الحقيقي هو التطعيم، و أنه من المهم للباحثين معدلات التطعيم. ولأن معدلات التطعيم في الوقت الراهن مرتفعة، فأنه من المهم أن نأخذ في الأعتبار عند وضع أي استراتيجية انه يجب ان نركز على الاحتفاظ بهذه الأرقام، ولا نثير المزيد من المخاوف، ونجعل الآباء الذين من المرجح ان يقوموا بالتطعيم بعيدا عن ذلك.
وقال نيهان ان الباحثين لديهم الأدوات اللازمة لمعرفة المزيد حول ما يجعل الرسائل تؤدي هدفها، ونأمل ان تتطور الاستراتيجيات التي من شانها رفع معدلات التطعيم. ولكن ليس من السهولة العثور على رسائل تعمل على الجميع، نظرا لوجود احد المجموعات التي قد تندفع ضد التطعيم. وقال نيهان “علينا ان لا نعتمد كثيرا على فكرة وجود بعض الرسائل السحرية التي من شانها ان تغير عقول الناس”.