التعديل الجيني .. هل يمكن للرياضيين ان يعدلوا جيناتهم؟ مع بدء دورة الالعاب الاولمبية الصيفية في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، يستعد الكثير من الرياضيين لاثبات قدراتهم. فجميع لاعبي الدول من ايسلندا الى نيجيريا يرغبون في تعزيز قدراتهم، حتى وان اضطروا لتناول مواد محظورة.
عادة ما تقدم الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (The World Anti-Doping Agency)، والتي يطلق عليها اختصارا (WADA)، بتقديم المشورة لمنظمات الألعاب الأولمبية لكشف المواد الغير مشروعة التي يستخدمها الرياضيين. وقد اتهمت روسيا بتنفيذ برنامج سيء للكشف عن المنشطات تديره الدولة للاعبيها، لكن قد تكون روسيا مجرد قمة الجبل الجليدي الظاهرة.
في عام 1980 كان العلماء قلقين من تناول الرياضيين للأمفيتامينات والمنشطات. لكن في الآونة الاخيرة أصبح مسؤولي (WADA) قلقين من قيام المتنافسين بتعزيز قوتهم وسرعتهم ولياقتهم عن طريق التلاعب بجيناتهم.
ففي أواخر 1990 أظهرت الأبحاث انه عن طريق إدخال الجينات للفئران وغيرها من الحيوانات يمكن زيادة الكتلة العظلية في الحيوانات، وكذلك زيادة سرعة اصلاح الخلايا لنفسها وزيادة خلايا الدم الحمراء وتعزيز حملها للأكسجين. ويمكن ادخال الجينات بحقنة مباشرة للعضلة المستهدفة في الحيوان او عن طريق الحمض النووي للحيوان نفسه عن طريق الفايروسات.
والرائد في هذا المجال هو عالم الوراثة اج. لي سويني (H. Lee Sweeney) والذي قام بوصف بحثه في مقال للامريكي العلمي (Scientific American) في عام [1]2004، تحت عنوان “جين المنشطات”. العلاج الجيني والذي يطلق عليه “تنشيط الجينات” يتم استخدامه لتعزيز القدرات بدلا من العلاجات.
وادرج سويني في أواخر 1990 جين (IGF-1) وهو “عامل نمو الأنسولين” في الفئران، وقام بتعزيز قوتها بنسبة تصل الى 27%. سويني وغيره من الباحثين يأملون بالاستفادة من هذه الجينات لعلاج كبار السن والمرضى الذين يعانون من ضمور العضلات وحتى رواد الفضاء الذين يفقدون جزء من كتلتهم العضلية في البيئة المنعدمة الجاذبية.
وقد قرأ الرياضيين تقارير وسائل الأعلام حول “فئران شوارزنيغر” فقد اصبحوا مهتمين في العلاجات الجينية للغاية. ومنذ نشر بحث سويني لاول مرة طلب العديد من الرياضيين هذه العلاجات منه لكي يختبروها على انفسهم، لكن بدون جدوى. واصرار الرياضيين هذا قد يمكنهم من ايجاد مورد لهذه الجينات، كما وجدوا موردين للمنشطات والمعززات الآخرى غير المشروعة.
وحتى وقت قريب كان الخبراء يعتقدون ان اختبارات كشف منشطات الجينات تتطلب خزعات في العضلات، الأمر الذي يتطلب ازالة قطعة من العضلات، ولو صغيرة. لان المنشطات الجينية لا تكتشف بسهولة في الدم والبول. ولكن (WADA) قالت بأنها تفكر في أختبار دم وضعه باحث أسترالي للمنشطات الجينية.
هل يجب ان نقلق من أستخدام الرياضيين في ريو بالتلاعب بجيناتهم؟
كلا، لأن العلاج الجيني حتى الآن لا يمكن تطبيقه على البشر، لانه أقل بكثير مما كتب عنه في الأعلام.
منذ عقود يتوقع أنصار العلاج الجيني انه سوف يتمكن من القضاء على العديد من الأمراض، منها التليف الكيسي الى سرطان الثدي المبكر، والتي ترجع اسبابها الى جينات معيبة. وهنالك بعض المتحمسين للعلاج الجيني بأنه سوف يتحول الى هندسة وراثية شاملة “اطفال مصممين وراثياً” وهؤلاء سوف ينشأون بمعدل ذكاء أكبر من معدل ذكاء الحاصلين على جائزة نوبل، وقدرات رياضية أكبر من قدرات أفضل الرياضيين.
ولكن خابت أكثر التوقعات تواضعاً، فوفقا لمجلة الطب الجيني (Journal of Gene Medicine) تم اجراء أكثر من 2000 تجربة للعلاج الجيني في أنحاء مختلفة من العالم، وكانت النتائج مخيبة للآمال. وقد وافقت الصين على العلاج الجيني لمرضى السرطان في عام 2004، وتبع الصين الأتحاد الاوربي، حيث وافق على علاج الأطفال المصابين بنقص المناعة الحاد المركب (severe combined immune deficiency).
ولكن في الولايات المتحدة، حيث أجريت نصف عدد تجارب العلاج الجيني التي أجريت في العالم، لم تقوم منظمة الغذاء والدواء (Food and Drug Administration) بالموافقة على أي علاج جيني. وذلك بسبب ان العلاج الجيني يمكن ان يؤدي الى أستجابات غير متوقعة وقاتلة من الجهاز المناعي في الجسم. كما ان المعاهد الوطنية حذرت من استخدام العلاج الجيني “يمكن ان يكون لها مخاطر صحية خطيرة جدا، مثل التسمم، الالتهابات، والسرطان”.
وقال سويني، الخبير في المنشطات الجينية لمجلة نيويورك في العام الماضي ان عمل المنشطات الجينية “تحتاج الى ان يكون الجهاز المناعي الخاص بالرياضيين يمكن ايقاه، وبالتالي لا يقوم الجسم بمحاربة الفايروات، وهي عملية خطيرة تحتاج الى وقت طويل لكي تكتمل”.
قد يكون هنالك عدد قليل من الرياضيين قد يخاطرون بحياتهم المهنية والصحية بالتلاعب بجيناتهم؟ ولكن ليس هنالك شك ان الهندسة الوراثية سيكون لها تأثير كبير في الالعاب الأولمبية في أي وقت قريب.
اذا تمكن الخبراء من تشغيل المنشطات الجينية بأمان، سوف تحقق إمكانيات هائلة.
[1] http://www.scientificamerican.com/article/gene-doping/