بشكلٍ ما، النجوم كالناس: تولد، تعيش وتموت. “تعيش” النجوم عن طريق صهر العناصر الأخف وزناً إلى عناصِر أثقل في مناطقِها المركزية.

سديم السلطعون (Crab Nebula) (في الصورة أعلاه)، بقايا من سوبرنوفا (انفجار نجمي) (Supernova). هذِه صورة موزاييك، إحدى أكبر الصور الملتقطة من قِبل تلسكوب ناسا الفضائي هَبل (Hubble Space Telescope) لسديم السلطعون، وهي بقايا انفجار سوبرنوفا لنجمة، تمتد لستة سنوات ضوئية. قام الفلكيون الصينيون واليابانيون بتسجيل هذا الحدث قبل قرابة 1,000 سنةٍ مضت، في عام 1054، كما فعل الأمريكيون الأصليون، بشكلٍ شبه مؤكد. يقوم الضغط الناشئ من هذا “الاحتراق” بتثبيت النجم عن طريق قوة الجاذبية الكبيرة التي تقوم طبقاتُها الخارجية بتسليطِها على اللب النجمي. إن مخزون العناصر التي يتمكن النجم من صهرِها محدود، وعِندما ينفذ هذا المخزون، “يموت” النجم: تتغير خواصُه بسرعة وبشكلٍ عنيف، وينشأُ جسيمٌ كونيٌ جديد. تمثل الـ سوبرنوفا أكثر حالات الموت النجمية كارثيةً (وصورية).

تركيب السوبرنوفا

تقضي النجوم بمختلف الكُتل، غالبية حيواتِها في صَهر نواة الهيدروجين في نواة الهيليوم: نسمي نحن هذه الحالة بالسلسلة الرئيسية. عندما يتم تحويل الهيدروجين الموجود في المناطق المركزية، بأكملِه إلى هيليوم، سيبدأ النجم بـِ “حرق” الهيليوم ليتحول إلى الكاربون. بالرغم من هذا، سينفذ الهيليوم الموجود في اللب النجمي في النهايةِ أيضاً؛ لِذا، ولكي ينجو، سيكون على النجم أن يكون حاراً بما فيه الكفاية لكي يقوم بصهر العناصر الأثقل تدريجياً، بينما يتم استنفاذ العناصر الأخف، واحِداً تِلو الأخر. بإمكان النجوم التي تتمتع بكُتلٍ أثقل بخمسة مرات من كتلة الشمس، فعل هذا من دون مواجهة المشاكل: تقوم بحرق الهيدروجين، ثم الهيليوم، ثم الكاربون، الأوكسجين، السيليكون، وهكذا.. إلى أن تقوم بمحاولة صهر الحديد. يكمن الإختلاف في الحديد في كونِه أخف العناصر التي لا تقوم بتحرير الطاقة عندما تحاول صهرها، في الجدول الدوري. حقيقةً، عِوضاً عن إعطائِك الطاقة، عِندما تنتهي، ستكون كمية الطاقة لديك أقل مما بدأت بِها! يعني هذا أنه بدلاً عن توليد الضغط الإضافي لتثبيت الطبقات الخارجية الممتدة من النجم الكبير، تقوم عملية انصهار الحديد في الحقيقةِ، بأخذ الطاقة الحرارية من اللب النجمي. وهكذا، لايبقى أي شيءٍ لمحاربة قوة الجاذبية الأزلية لهذِهِ الطبقات الخارجية. النتيجة: انهيار! تتسبب قلّة الضغط الإشعاعي المولَّد من اللب ذو الحديد المنصهر بوقوع الطبقات الخارجية للنجمة إلى الداخل، نحو مركز النجم. يحدث هذا الانفجار الداخلي بسرعةٍ كبيرةٍ جداً جداً: يتطلب الأمر 15 ثانيةً لكي يكتمِل. خلال عملية الإنهيار، تُدفَع النواة في الأجزاء الخارجية من النجم نحو بعضِها البعض، تتقارب فيما بينها بالشكل الذي يسمح بتكوّن عناصِر أثقل من الحديد.

إس ان آر 0509-67.5، بقايا من سوبرنوفا. وهي كرة رقيقة من الغاز، مصورة من قبل تلسكوب ناسا الفضائي هَبل، الذي يعوم بهدوءٍ في أعماق الفضاء. إن هذه القشرة أو الفقاعة القديمة هي نتيجة الغاز الذي إهتزّ بفعل موجة الإنفجار المتوسعة لسوبرنوفا. إن هذه الفقاعة المسماة بـ إس ان آر 0509-67.5 (أو، إس ان آر 0509-67.5 بشكلٍ مختصر)، هي البقايا المرئية لإنفجارٍ نجميٍّ قويٍّ جداً في السحابة الماجلانية الكبيرة (Large Magellanic Cloud) ، والتي بدورها، مجرة صغيرة تبعد عن الأرض 160,000 سنةٍ ضوئية.

الحقوق: ناسا، إيسا و فريق تراث هبل (Hubble Heritage Team) (STScI/AURA)

 

يعتمد ما سيحصل بعد ذلِك على كتلة النجم. تقوم النجوم التي تكون كتلُها بين 5 و8 أضعاف كتلة شمسِنا، بتكوين نجوم نيوترونية خلال الإنفجار الداخلي: يتم دفع الأنوية الموجودة في المناطق المركزية نحو بعضِها البعض، لكي تقوم بتكوين لُبٍّ نيوتروني شديد الكثافة. تقفز الطبقات الخارجية عن هذا اللًّب ويتبعُه إنفجار كارثي: هذا هو الجزء المرئي من السوبرنوفا. تلقى النجوم ذي الكتل الأكبر بعشرة أضعاف من كتلة الشمس، تلقى حتفَها بشكلٍ مختلفٍ جداً. إن إنهيار المناطق الخارجية من النجمِ قويٌ إلى درجة أنه حتى ليس بإمكان النجومِ النيوترونية أن تقاوم ضغط المواد التي تقع وتتراكم على بعضِها البعض. حقيقةً، لاتوجد قوة مادية قوية بما يكفي لكي تتصدى لهذا الإنهيار: تقوم السوبرنوفا بخلق ثقبٍ أسود، أو منطقةٍ صغيرةٍ وكثيفةٍ جداً من الزمكان، التي لا يتمكن الضوء حتى من الهروب من قبضتِها. في هذِه الحالة، لا يزال تفسير تفاصيل كيفية حصول الإنفجار الذي تلى ذلِك مطلوباً. خلال عمليات المراقبة، يتِم إيجاد هذِه الإنفجارات النجميةِ عن طريق مراقبة السماء بصبر والبحث عن الأجسام المضيئة التي لم تكن في ذلِك الموقع من قبل. في قمة سطوعِها، تكون السوبرنوفا الناتجة من نجمٍ واحد، ساطِعةً لدرجة أنه من الممكن لضوءِها أن يتغلب على ضوء مجرةٍ بأكملِها.

دورة كونية

تلعب السوبرنوفا دوراً أساسياً في برنامج كوني عظيم لإعادة التدوير. نعتقد بأن كل العناصر في الكونِ تقريباً، والأثقل من الهيدروجين والهيليوم قد تكوّنت في مراكز النجوم خلال حيواتِها أو في انفجارات السوبرنوفا التي تقوم بدورِها بتحديد نهاية النجوم الأكبر. تقوم السوبرنوفا بعد ذلِك بتشتيت هذِه المواد المصنّعة حديثاً، في الجوار النجمي. سيولد جيلٌ جديد، قويّ من النجوم و تتجدد الدورة. نعتقد بأن العناصر الثقيلة في الشمس تكوّنت على نفس المنوال. وبِما أن الكواكب في نظامِنا الشمسي تكوّنت من بقايا المواد التي كانت تدور في قرصٍ حول الشمس البدائية، لِذا فإنه لابُد لجميع العناصر الثقيلة الموجودة في الأرض (بِما في ذلِك العناصر في الكائنات البشريةِ أيضاً!) بأن تكون آتيةً من المصدر نفسِه. يعني هذا، وبحرفيّةٍ تامة، بأننا غبارٌ نجمي!

المصدر:
http://curious.astro.cornell.edu/the-universe/supernovae