تعد ادعاءات الإعجاز العلمي في الإسلام من أبرز العلوم الزائفة التي تلوي عنق الدينية وتحرف وتغير محتوى البيانات والنظريات العلمية وذلك للموافقة بينهما وخلق حالة من الطمأنينة بأن الاثنين واحد.

ولذلك لا يبرح مُدعوا الإعجاز سياستهم بتحوير كل ما يكتشفه العلم ليوافق معتقداتهم، فتراهم إما أن يؤولون النصوص الدينية لتوافق العلم أو يحورون الأوراق العلمية لتوافق الدين.

ما سنتناوله اليوم كان قد مضى عليه فترة وهو قيد التداول في الصفحات والمواقع ذات الطابع الاعجازي، إنه عن زعم بوجود دعم علمي لـ “حد الجَلد” في الإسلام، والذي يقتضي بجلد من مارس علاقةً جنسية خارج الحدود الشرعية المفروضة 100 جلدة للزانية أو الزاني الأعزبين. حيث درجت في الفترة الأخيرة بأن الجَلد هو علاج علمي للإدمان على الجنس وذلك وفقاً لمعالج نفسي روسي يدعى سيرغي سبيرانسكي (Sergei Speransky) الذي يزعم بأنّه عالج أكثر من ألف حالة عن طريق الجلد! لكن ما صحة هذا الربط الذي استخدمه أنصار الإعجاز العلمي؟

فلنقل أنّه ربط خاطئ واستعانة بممارسة لا يبدو أن لها أي اثبات لاسيما “العلاج بالجلد”. العلاج الذي اقترحه سيرجي هو للإكتئاب والأفكار الانتحارية في المقام الأول ويمكن أن يستخدم أيضاً لعلاج حالات الإدمان المختلفة (مخدرات، كحول، وحتى إدمان الجنس) وهنا تبرز أولى التناقضات بين ادعاء الإعجاز وواقع التجربة فما يهمنا في هذه النقطة هو أنّه علاج يصلح لـ “مدمني الجنس المرضي Nymphomaniac” خلاف ما تأمر به الشريعة الإسلامية القاضية بالجلد 100 جلدة وذلك وفقاً للآية الثانية من سورة النور والتي تقضي بإقامة هذا الحد حتى على الذي قام به مرة واحدة.

يقترح سيرجي أن يتم الجلد على المؤخرة، وكذلك أن يتم على جلسات تبلغ الثلاثين يتم فيها ضرب المريض 60 ضربة وليس على جلسة واحدة يجلد فيها 100 مرة! الجدير بالذكر بأنّ الجلسة الواحدة المضاعفة “حد الردة” لن تحقق الاستجابة المرجوة التي تتحقق في 30 جلسة حيث يفسر سيرجي آلية العمل الخاصة بعلاجه بأن مرضى الاكتئاب ومرضى الإدمان يمتلكون مستويات منخفضة من الـ Endorphin  وهو هرمون يفرز في الجسم في حالات الكرب والشدة حيث يعد الألم محرّضاً لإفرازه، وهذا ما يرجوه سيرجي من خلق حالة كرب مستمرة على 30 جلسة هو زيادة مستوى هذا الهرمون وبالتالي زيادة التشبث بالحياة وليس “التطهير من الذنوب” [مع ذلك فلا دليل علمي عما يقدمه هذا المعالج].

أمّا التناقض الثالث فيكمن في توصيات سيرجي بأنْ يتم الجلد من قبل شخص من الجنس الآخر وهذا مالا نراه في الشرع الإسلامي حيث يُجلد الذكر كما تُجلد الأنثى من قبل ذكر! [كما يبدو أن لهذا المعالج فكرة اخرى ذات طابع جنسي حيث يقترح أمر كهذا]

هذا طبعاً إن صح العلاج بالجَلد من أساسه، وهذا أمر لسنا بصدد نقاشه لأنّ العلاجات النفسية دائماً ما تكون غريبة ونسبية ومشكوك في دقتها، والجدير بالذكر أنّ هذا العلاج غير مختبر من أي هيئة طبية وغير مدعوم بورقة بحثية نشرها العالم وبالتالي فهو غير مراجع من قبل الأقران مما يجعله مجرد ادعاء في إطار علمي قد يصيب وقد يخطئ.

ولكن حتى لو أصاب مستقبلاً يبقى بعيداً كل البعد عن الحد المفروض في الإسلام للـ”زناة” غير المُحصَنين ويبقى الربط بينهما خطأً مجرداً.

يزن الحريري

المصادر:

Clinical Depression: Symptoms and Treatment

Whipping therapy cures depression and suicide crises, Ольга Савка