علي الوردي منهج المقاهي ام المنهج العلمي سيشمل الكلام الكتاب الذي يفتخر به علي الوردي وهو لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث وهو كتاب سردي جميل للكلام عن التاريخ لكنه لا يمت للعلم بصلة ويسبب التضليل من حيث مفهوم العلم لدى القارئ ومن حيث طبيعة الحقائق المطروحة وكأنها مسلمات بينما هي تفتقر لادنى متطلبات الاثبات العلمي مثلها مثل معظم مقالات علم الاجتماع كما انها لا تزيد شيئاً ولا تعطي جديداً في نزعة جلد الذات السائدة على السنة الناس في البلاد العربية.

علي الوردي منهج المقاهي ام المنهج العلمي

علي الوردي منهج المقاهي ام المنهج العلمي

يتكلم علي الوردي عن فرضيات جمعها بشكل عشوائي (ازدواجية الشخصية – ماكيفر، التناشز الاجتماعي – اوغبورن، صراع البداوة والحضارة – ابن خلدون) من ثلاث اولهما روبرت مكيفر وهو عالم اجتماع تفسيري اي انه ليس عالماً ولا يرى علم الاجتماع كعلم. والثاني يعارض الاول وهو اوغبورن[1] وهو عالم اجتماع وضعي كان انتقائياً في استخدام الاحصاء – الاداة العلمية الوحيدة التي يمتلكها علماء الاجتماع. والثالث ابن خلدون والاقتباس منه مرفوض علمياً حتى لو كان عالم فيزياء في ذلك الوقت فاقتباس الفكرة منه مرفوض لطبيعة تغير العلوم فضلاً عن عدم اعتبار ابن خلدون عالماً بل مؤرخاً فحسب سواء من المجتمع العلمي او من قبل الجهات المعنية بالفلسفة وعلم الاجتماع[2].

هنا نحن نشعر بالضياع حيال توجه علي الوردي هل هو من تفسيريي المنهج الذي يمهدون ويشرحون بطرق فلسفية؟ ام انه من وضعيي الاتجاه (Positivists) الذين يتبعون الاحصاء وعلم النفس ويرون علم الاجتماع علماً؟ ام انه من رجال القرن الرابع عشر (ابن خلدون)؟ أم انه ذلك العجوز الذي يتكلم في المقهى بما قرأ ولا يرغب أن يسأله احد او يزعجه او يشكك بما يقول؟

عند التشكيك بموضوع (صراع الحضارة والبداوة وتأثيره)، هل اتعب اي عالم اجتماع نفسه بما فيهم الوردي بإثبات اي شئ عن هذه الفرضية؟ هل قام احد بدراسة عابرة للثقافات ليرى تأثير البدو على المناطق المحاذية في الصحراء الكبرى وصحاري وسط اسيا وصحراء كلهاري وصحراء المكسيك والولايات المتحدة حيث درس علي الوردي وحيث موطن الكثير من السوسيولوجيين؟ بأي حق نفضت التراب عن فرضية لابن خلدون في عصر انت تمدح التقدم فيه وتستكبر ان تقيم عملاً احصائياً بسيطاً لتثبت ما تقول. لعل اغلب كتاب الاجتماع مدركون بمدى فداحة ما سيرونه من خطأ اقتراحاتهم اذا ما قاموا بعمل احصائي بهذا الحجم مما يدعوهم لعدم الخوض به.

اما ازدواجية الشخصية التي اخذها علي الوردي من مكيفر اليس خياراً سيئا؟ ماكيفر يقول عن علم الاجتماع انه ليس علماً وان العمل عليه بالوسائل الكمية له ستجرده من كليته. مكيفر ذو المؤلفات الكثيرة هو من ذلك الصنف من علماء الاجتماع التفسيريين الذين يجمعون مع تخصصهم السياسة والتنظير فيها ويكتبون عشرات الكتب التي يخلطون فيها المتغيرات المؤثرة على المجتمع بشكل يجعل الشخص ذو المنهجية العلمية يقف مذهولاً من بعد الطرح عن العلمية. لا ضير في ذلك دعونا نقول ان ماكيفر فيلسوف فقط، لكن هل ستأخذ معلومات علم النفس منه؟ هل ستتكلم عن الشخصية الازدواجية لشئ اخذته من ماكيفر؟ لا تعليق[3].

أما الادهى من ذلك فهو طريقة كلامه عن تلك الفرضيات والتلاعب بها، وكأننا نتكلم مع طاهٍ او تاجر خردة. هل يمكن ان يكون هناك اي قيمة لكلام يأتي من شخص يجمع الفرضيات ويخلطها وهي من ازمان ومنهجيات مختلفة ثم يحورها لتلائم ما يريد؟ هل هناك من لا يستطيع القيام بذلك؟ هل هذا كلام عالم؟ هذا ان تغاضينا عن عدم ذكره للمقالات او الكتب التي ذكر فيها هؤلاء فرضياتهم تلك.

مسلمات علي الوردي التي يرتكز عليها كثيرة، يمدها على الزمان والمكان كيفما شاء، ويقترح البيانات لها بشكل اعتباطي ايضاً. هو يتكلم عن التناشز ويذكر تعداد المتعلمين بعد الحرب العالمية وكأنه صار يمتلك اوراقاً تثبت نسبة المتعلمين ليجعل من نسبة التعليم متغيراً في معادلة اجتماعية حول تأثير نسبة التعليم تلك. ونستطيع التشكيك بتلك الحقائق بعد اجيال من حكايات علي الوردي ونحن نرى كثيراً من الظواهر ما زالت موجودة اذا ما تكلمنا بنفس مستوى الملاحظة الذي يتكلم به. والمفترض ان يذكر اي ارقام حول نسبة المتعلمين لتعزيز وجهة نظره وليس هذا امراً صعباً على الاطلاق. ربما حان الوقت لجيل الانترنت ان يتوقفوا عن قراءة كلام رجل يقول (سيأتي يوم نطلق على الاجيال جيل التلفزيون) على أنه عالم اجتماع!

يحتاج علي الوردي لاثبات الحقائق الاتية التي كتب عنها في الجزء الاول من كتابه لمحات اجتماعية لكي ينال ما كتبه الحد الادنى من القبول[4]:

  1. نسبة المتعلمين قبل وبعد الحرب العالمية
  2. دراسة لشخصية صاحب الحرفة ومقارنته بالبدوي (مطلوب دراسة كهذه لاسيما وان الرجل يقول: حين ندرس شخصية صاحب الحرفة) ما هو مفهوم الدراسة لدى علي الوردي عندما يقول ذلك؟
  3. دراسة عابرة للثقافات حول المشاجرات بين الزبون والبائع، هل البائع التركي والبولندي والصيني الذي يحاول ان يغش الزبون هو ايضاً اقرب للبداوة، مفتاح علي الوردي السري لكافة المشكلات؟
  4. مقارنة بين المعنى النفسي والاجتماعي لمفهوم ازدواجية الشخصية (اذا تخلى عالم الاجتماع عن علم النفس في هذا التعريف فمن أين سيأتي بتعريفه؟)
  5. دراسة عن انتشار الازدواجية في البيئة التي يسود فيها الوعظ.
  6. دراسة عابرة للثقافات عن ظاهرة الوساطة في المدن (الوردي يستشهد بمحاورة في مقهى).
  7. دراسة عابرة للثقافات (لماذا يربط الوردي الامر بالعراقيين فقط؟ هل لديه دراسة عن الشتائم بالتركية او الفارسية او الانجليزية ليجدها خالية من عبارات الشتم الجنسية الطابع؟)

يقول علي الوردي في مطلع الجزء الثاني من اللمحات انه يود شرح توجهه في فهم طبيعة الانسان للقارئ. ويتكلم علي الوردي هنا دون اي مصادر عن امور نفسية وليست اجتماعية (رغم ان علم الاجتماع ليس علماً لكننا كنا سننظر للامر على انه فلسفي الطابع على الاقل لو كان الطرح كذلك) لا يوجد كتاب او اسم عالم او اي مصدر لتلك الرؤية التي يفترض انها ليست من تخصصه. يتكلم عن العقل، تلقي الانسان للمعتقدات، طبيعة الانسان في النزاع، الانحياز العاطفي، الابداع، الشعور بالذات، رغبات الانسان، عقدة النقص، عقدة الكمال كلها امتازت [5] بـ:

  • عدم ذكر المصادر.
  • الكلام بقطعية واسلوب غير علمي.
  • عدم ذكر حتى المصطلح العلمي لما يقصد.

حتى وصلنا الى ما أسماه الصفاقة والتي قال عنها الوردي السايكوباثية وعرفها (وجود ضعف في تناسق الذات من الناحية الزمنية) ويعبر عنه بأنه الشخص الذي لا يخجل أبداً من فعل امر سئ وأنه لا يفكر بالماضي او المستقبل ولا يبالي ولا يخجل حين يلاقي الشخص الذي قام معه بالفعل السئ. التغطية والتعريف السيئان يعكسان مشكلة وعدم اكتمال لفهم المرض النفسي من جهة، وخطأ علمي بإعطاء تعريف لشئ يجب ان يكون عليه اتفاق باللغة العربية ندعو لقراءة المقال عن السايكوباثي [6]. وهو يتكلم عن الاعتلال او المرض النفسي الموازي للمرض الاجتماعي سوشيوباثي والذي له مصطلح في العربية.

ثم يتكلم علي الوردي عن الغلاف الذاتي حول العقل في حالة الغرور والحالة سيئة سواء كان قد اتى بهذا الكلام من الحكم الصينية او كان يعتبره علمياً. السئ والذي قد ينذر بأن علي الوردي يتكلم عن مفهوم يراه علمياً هو كلامه عن سمك هذا الغلاف فهو ثخين على حد تعبيره لدى من يسميه “الفطير” بينما هو خفيف لدى “الناضج”، من الكلام بهذه الطريقة اشعر اننا يجب ان نطالب ببحث دماغي عصبي وليس مجرد بحث احصائي نفسي او اجتماعي عن الطبيعة التي يتكلم بها علي الوردي. لكن كالعادة لا بحث عصبي ولا نفسي ولا اجتماعي ولا احصائية ولا فلسفة ولا حتى امثلة الا قليلاً من امثلة المقاهي.

كثيراً ما يردد علي الوردي (من طبيعة العقل البشري) (من طبيعة الانسان) (من طبيعة البدوي) (من طبيعة العراقي) (من طبيعة الناس) (إن الانسان كثيراً ما) من اين لك هذا يا علي الوردي؟ ما الذي يؤهلك للكلام بقطعية عن كل هذه الطبائع؟

كلام علي الوردي عن الجنون والشيزوفرينيا والبارانويا ملئ بالاخطاء الواضحة فهو يحصره بعدم الاحساس عند القيام باخطاء مع الناس والعودة كأن شيئاً لم يكن ربما جانب من الحالة يمكن وصفه بهذا الشكل لكن الكلام بالاجمال عن الشيزوفرينيا بعيد عن الحالة والتي يمكن قراءتها بالتفصيل في المقال [7]. كما ان الشيزوفرينيا لا تصنف ايضاً ضمن امراض العته تشخيصياً في الطب النفسي كما يقول علي الوردي حتى يضعها ضمن الجنون والجنون ذاته غير موجود في التشخيص النفسي بغير حالة (العته) بل هناك انواع كثيرة من الحالات النفسية التي يرمز لها الناس اجمالاً بالجنون جهلاً.

تصنيف علي الوردي الجديد (الكيشوتي) عن الشخص نصف المجنون هو أيضاً بعيد عن العلم وقريب لمصطلحات الشارع ومنهجية الشارع في تصنيف الاختلال العقلي. ويتمادى علي الوردي في وصف هذا الشخص بشكل فكاهي يجعل طرحه مقبولاً للفكاهة لكن ليس للعلم.

المتفرد والعامي تصنيفات اخرى لا ندري هل هي لعلي الوردي ام لأي مدرسة من مدارس علم النفس، إن ذلك الكلام الذي يمتاز بالسرية واخفاء المصادر للمعلومات (إن كانت هذه معلومات حقيقية).

  • الجزاء الاجتماعي
  • الانانية والغيرية
  • الكيشوتي
  • المجنون
  • السيكوباثي او (الصفيق)
  • الغلاف الذاتي حول العقل!!

ان كلام علي الوردي بالطريقة القطعية وبدون مصادر وفي مجال لا يعد مجال تخصصه ودون ذكر اسماء علمية في علم النفس حتى وان كانت المعلومات التي يذكرها لها مصادر ومعلومات صحيحة غير انه جريمة في حق العلم وصورة العلم وعلم النفس في اذهان العامة انه يبدو كشخص جالس في المقهى ويتحدث وينظر كما يشاء لمجرد كونه امتلك شهادةً عليا في مجال ما. هو يكرر مفهوم دراسة ويبدو ان الدراسة عنده هي التأمل فقط ويكرر قول (وهذا ما اسميه، وهذا ما نسميه) أي انه واثناء كتابته لهذا الكتاب كان يطلق هذه التسميات.

لنقارن طرح علي الوردي كطرح في علم الاجتماع مقابل دراسة قام بها شاكر مصطفى سليم بشكل احصائي وعن منطقة محددة وهي الجبايش (بلدة عراقية صغيرة في جنوب العراق) فقط كما في هذا مقال مدونة دربونة والذي استشهد بعبارة لصاحب المقال[8]:

“سليم يُشبع الظواهر الاجتماعية التي يتطرق لها وصفا .. وهو لا “يخبزها” كما يفعل علي الوردي الذي “يدرس” ظاهرة محلية ما، والادهي يعممها على العراق، مستندا في احيان كثيرة على “قال لي فلان ” او سمعت من فلان”.. هذا الفرق بين الوردي وسليم يجد اسبابه في المنهج الذي يتبعان في دراستيهما”

دراسة سليم هي دراسة دقيقة للغاية ومتعبة لصاحبها في نفس الوقت وذات طابع علمي كما انها محددة حول بلدة واحدة وتدرس عدة متغيرات بطرق احصائية لكنها لا تنال نفس الصدى الذي يناله الكاتب علي الوردي والذي يلفت نظرنا الى كوارث اخرى لدى علي الوردي أهمها التعميم مثل تعميمه صفة الكذب على عامة العراقيين.

التاريخ كعينة للدراسة؟

علي الوردي يبرر نقصه الكبير في البيانات بقراءته الطويلة للتاريخ والتي لا نقول عنها انها غير ممتعة مستنداً فيها لكتاب عباس العزاوي العراق بين احتلالين بصورة رئيسية وبالدرجة الثانية على كتب اخرى مثل كتاب محمد فريد بك الدولة العثمانية. لكن هل يصح التاريخ بالاضافة للمقاهي التي ذكرناها كعينة للدراسة؟ التاريخ ينقل لنا شذرات من قصص ملوك وسلاطين وولاة واحداث حروب وغزوات وشذرات من ردود الافعال المقابلة لتلك الاحداث. هل يصح بناء عينة دراسية على اساس تلك الاحداث وان يُلصق البحث الاجتماعي بها؟ هذا ان تغاضينا عن التزوير والتزييف في روايات التاريخ والمبالغة والخرافة التي لا يسلم علي الوردي من الوقوع في براثنها وهو يروي عن الحاضر فكيف بالماضي؟.

العراق واسلوب التعميم

عندما بدأت كتابات علي الوردي بالظهور كان العراق بلداً حديث عهد بالتأسيس، في العراق الكثير من عدم التجانس بين الريف والمدينة والبداوة التي كانت حاضرة بقوة، هذا بالاضافة الى الضعف الشديد في الكلام عن الاكراد كجزء من العراق فهو هنا يتجه ذاتياً للكلام عن العراق العربي لكنه يعنون دراساته بالعراق. الوطنية امر محبذ للافراد حينما نحاول بناء المساحات التي وضعتنا الحتميات التاريخية فيها لكن الوطنية ليست للعلماء، ليس العراق الذي يتكلم عنه علي الوردي هو مجتمع واحد صالح للدراسة والتعميم بالشكل السئ الذي يقوم به حين يتحدث عن كل صفة لملم جوانبها من جلساته في المقاهي وحواراته مع الاصدقاء، الموصل ليست كالبصرة والانبار ليست كديالى والشمال الكردي ليس كباقي الاجزاء العربية. نتسائل كم زيارة قام بها علي الوردي لكل مدينة من مدن العراق وكم عاش بها لكي يستطيع ان يكتب تلك الدراسة؟ لم نسمع بعلي الوردي قد اقام في البصرة لعدة اشهر ليختبر تعميماته تلك وكذلك الموصل او الديوانية او تكريت!

أمثلة على التعميمات التي لا يدعمها اي بحث سوى امثلة مرافقة للسرد القصصي [9] :

إن العراقي سامحه الله أكثر من غيره هياماً بالقيم العليا ودعوة اليها في خطاباته وكتاباته ولكنه في نفس الوقت من اكثر الناس انحرافاً عن هذه المثل في واقع حياته.

الفرد العراقي من اكثر الناس حباً للوطن وتحمساً لخدمة العلم لكنه في نفس الوقت من اكثر الناس تملصاً من خدمة العلم

العراقي يبكي في أغانيه ويشتم في حديثه

العراقي يكون خاضعا (مازوكياً) عند مواجهة ما هو اقوى منه.

العراقي مشهور بكثرة انتقاده لغيره

علي الوردي والعلوم الزائفة

سنقتصر فيما يلي على قائمة للعلوم الزائفة التي يؤمن بها علي الوردي مع مناسبات ذكر فيها ذلك ولا حاجة لتفنيدها هنا فهي اما ان تكون خرافات مباشرة وهو يغلفها بغلاف العلم ليجعل منها علوماً زائفة اثناء كتابته واما انها علوم زائفة شائعة ولا نستغرب من ذلك فعلي الوردي هو احد الاعضاء المؤسسين لجمعية الباراسايكولوجي العراقية بحسب بيان تأسيسها:

  • العينائية (الحسد): تسمية منمقة للحسد الذي لا يوجد اي دليل عليه لكن علي الوردي يذكره في اكثر من موضع مما يوهم الناس أن هناك وجود للحسد في المجتمع العلمي حالياً.
  • القدرة على التأثير على احداث الكون من قبل الاشخاص: يذكرها في كتاب اللمحات الاجتماعية حول الطائرة الروسية التي سقطت بجانب خيمة عبد العزيز بن سعود مبرراً التوفيق الذي يقول الجهلاء ان عبد العزيز بن سعود يحظى به بأنه قدرة باراسايكولوجية للتأثير على احداث الكون [10].
  • قدرة الانسان على التنبؤ عبر الاحلام: يذكرها في كتابه الاحلام بين العلم والعقيدة ويذكر قصصاً كثيرة عن تنبؤات لاشخاص عبر الاحلام تماماً كما تنقل عجائز الحي الشعبي روايات تنبؤهن بالاحلام. ونلحظ هنا ضعف كبير في التشكيك في خرافات العامة من قبل علي الوردي[11].
  • قراءة الافكار والرؤية عن بعد والتنبؤ بالاحداث و التخاطر (التيليباثي): مذكورة في نهاية الجزء الخامس مع الباراسايكولوجي ويذكر هنا علي الوردي دراسات راين التي انتابها الفشل سريعاً في جامعة ديوك وسرعان ما اخرجت من الجامعة لانها كانت على عاتق هذا الاستاذ نفسه يمكن مراجعتها بالمقال[12] الذي سيدفع بالوهم الذي يحاول علي الوردي تلبيسه للجماهير بأن الباراسايكولوجي علم يدرس في الجامعات. ندعو لقراءة المقال الاتي حول التخاطر[13] ورأي العلم الحقيقي به.

يعالج علي الوردي الامر بنفسه اذ يقول [14](واين المشكلة في الامر؟ بحث علمي دقيق سوف يحل المشكلة في النهاية) إذاً انت تتكلم دون بحث علمي وتفترض وجود كل هذه الامور عن الاشعة الكهرطيسية. اين هي تلك الدراسات التي يتكلم عنها علي الوردي اليوم؟ هل يميز بين المقال الصحفي والادعاءات وبين البحث العلمي؟ جل ما يذكره من امثلة منقول من الصحف العراقية عن ترجمات لاشياء مذكورة في الصحف السوفيتية (كلام جرائد).

من بعد قرن من الوقت الذي يتكلم فيه علي الوردي شهدنا اقساماً فتحت واغلقت لدراسة الباراسايكولوجي وشهدنا توقف شامل وعجز عن ايجاد اي دليل وفضح المزيد من الطرق البائسة التي كان البعض يستخدمونها كإيهام بوجود هذه العلوم الزائفة ولا عتب على الرجل ولكن العتاب على الذين مرت بهم الايام ومرت الايام بالعلم وهو يتقدم وهم يقرؤون تلك الكتابات وينظرون للمستقبل بعيون الاقدمين.

مهلاً لكن علي الوردي كتب لوقته لماذا نلومه؟!

يكفينا ان نردد هذه العبارة، فيثاغورس ارسل لنا اكتشافه عبر التاريخ السحيق لنطبقه اليوم وكذلك فعل نيوتن وابن الهيثم وغاليلو وكوبرنيكوس. هل نبقى نخوض في وحل عصورنا ونستمر بتقديم الهراء لمن يعيشون في عصرنا لانه عصر الهراء؟ هل تستحق الاشادة اذا قدمت هراءاً ارفع بقليل من الهراء الذي يدور في الشارع من تفسيرات وفهم العالم؟ انتبه لكل العلماء الذين حققوا طفرات نحو فهم هذا العالم والى جميع هؤلاء المتهاوين.

علي الوردي لم يقدم حلولاً على الاطلاق انه قدم جلداً للذات ارفع بقليل من جلد الذات الذي يقدمه كل مواطن عراقي وعربي لذاته في وسائط النقل العام وفي المقاهي وفي صفحات الانترنت يومياً. الاشادة العمياء غير الموضوعية بالغرب مع الازدراء المستمر الذي لا يعطي اي بوادر للأمل لشعبك، هذا هو ما ستخرج به عندما تقرأ كتاب لعلي الوردي وتحاول ان تشارك افكاره مع صديقك!

خلاصة

في الختام يبقى علي الوردي قاصاً وراوياً جيداً للتاريخ، رغم عدم صلاحية التاريخ كمادة للبحث العلمي. وهو أيضاً قاص وراوي في علم الاجتماع الذي هو أيضاً ليس علماً رغم كون علي الوردي غير ملتزم بأصوله الفلسفية او العلمية ويمكن تشخيص مواضع سقوط علي الوردي بالنقاط:

  • الكتابة بلا ادلة فعلي الوردي لا يقدم احصائيات ولا يستشهد باحصائيات لغيره ولا يدعو لاقامة احصائيات والاحصاء هو الاداة الوحيدة بيد باحثي الاجتماع. بالمقابل فأدلة علي الوردي هي روايات الاصدقاء ومشاهداته في السوق وحواراته في المقاهي وهي لا تختلف عن أدلة اي شخص منا.
  • التعميم كما نعلم إن التعميم هو ابرز فجوات النقاش فما بالنا بالادلة العلمية؟ علي الوردي لم يزر مدناً عراقية كثيرة ولم يجر اي دراسات موضوعية لكنه يتكلم بجميع كتبه عن العراقي والعراقيين وهو يرى نفسه يقوم بعمل جيد حين صنف العراقي الى بدوي ومتمدن وكأن اسقاطاته على هذين البدوي والمتمدن قابلة للتعميم. نرى علي الوردي يكثر من عبارات (من طبيعة العقل البشري) (من طبيعة الانسان) (من طبيعة البدوي) (من طبيعة العراقي) (من طبيعة الناس) (إن الانسان كثيراً ما).
  • سوء الاستشهاد والاشارة للمصادر لم يُشر علي الوردي في تحليلاته الاجتماعية في كتاب اللمحات الاجتماعية سوى لثلاث ماكيفر واوغبورن وابن خلدون (تابع الروابط لقراءة المقالات) لكنه لم يشر الى كتاب، ورقة بحثية، كلمات علمية بالانجليزية، وقد اشار للمؤرخ توينبي مرة واحدة.
  • علم نفس أم مذكرات شخصية؟ يعطي علي الوردي الحرية لنفسه في تسمية المصطلحات النفسية واختراعها كما يشاء وهو بأعتباره غير مختص في علم النفس وحتى لو كان كذلك فيتوجب عليه ان يذكر مصادر تعاريفه المغلوطة للحالات والصفات النفسية المختلفة لاسيما وان الاشكالية في علم النفس لا تقتصر في وقته على موقع هذه المفاهيم وتسمياتها بل بتفسيراتها المختلفة بين المدارس العلمية مثل المدرسة الادراكية والمدارس غير العلمية مثل المدرسة التحليلية.
  • العلوم الزائفة بنفس الطريقة التي يتعامل معها علي الوردي مع الحقائق فهو يتعامل مع العلوم الزائفة، إنه يطرح مفاهيماً يقر اثناء كتابته فيها أنه لا توجد ابحاث بخصوصها، مصادره هي كتابات صحفية مترجمة للصحف العراقية من صحف أخرى سوفيتية. (لم نتناول كتاب خوارق اللاشعور الذي يغص بالعلم الزائف).
  • عينات فاشلة للدراسة قاد فشل علي الوردي في الحصول على اي بيانات الى البحث عن بياناته في التاريخ بالربط بين التاريخ والاجتماع في كتابه اللمحات الاجتماعية وهو يكتب ملاحظاته بالطريقة القصصية الادبية فقط عن التاريخ وعن الامثلة اليومية ثم يعيد تعميمها على العراق.
  • تسفيه صورة العلم لدى القارئ لا نستغرب عندما نرى صورة ضعيفة ومشوهة للعلم لدى العرب واستمرارهم بنواحي الثقافة الادبية اذ نرى شخصاً يلبس ثوب العلم ويتحلى بهذه الاساليب، إنه لم يعزز ثقافة المصدر ولا الاسم العلمي ولا اسماء الاشخاص الذين اقتبس منهم ولا ثقافة الدراسة الاحصائية بل انه رسخ اخطاءاً كثيرة في لا علمية الطرح والعلوم الزائفة والتعميم واطلاق المسميات والصفات بشكل اعتباطي. إنه يسمي عزو الصفات للهورمونات والغدد الصم وهو أمر مثبت بيولوجياً بالغلو[15]، إنه ليس فقط طرح غير علمي وانما نفور من الطرح العلمي، لم لا؟ مثل علي الوردي يريد ان يكتب كما يحلو له ويصفق له الناس.

يمكنك انت أيضاً ان تكتب كما يكتب علي الوردي وان تكون مشهوراً بنفس القدر الذي تكون لا علمياً فيه، ويجب ان تكتب في جلد الذات والطرح الذي يبدو علمياً ويجعل شعبك يشعر انه بلا امل للنهوض عبر طرق تشخيص دوغمائية عمياء بطرق ادبية سريعة النفاذ الى العقل البسيط. لكنك لن تفعل شيئاً! ستزيد الطين بلة، لن تقترح حلولاً ولن تقدم اكثر مما يقدم رجل دين على منبر بل ربما اقل! بعد قراءة المقال لابد من الانتباه الى ان علم الاجتماع ليس علماً ولا يحمل اي من صفات العلم والافضل قراءة المقال[16]،

 

[1]  العلوم الحقيقية  – اوغبورن http://real-sciences.com/?p=6344

[2]  لماذا لا يمكن اعتبار ابن خلدون عالماً:   http://real-sciences.com/?p=6688

[3]  روبرت ماكيفر عالم الاجتماع ذو المنهجية غير العلمية:  http://real-sciences.com/?p=6686

[4]  علي الوردي – لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث الجزء الاول 286

[5]  علي الوردي – لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث الجزء الثاني ص 306

[6]   مقال عن السايكوباثي – العلوم الحقيقية :  real-sciences.com/?p=5375

[7]  الفصام – ويب طب: https://www.webteb.com/mental-health/diseases/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D8%A7%D9%85

[8]  دربونة  – كوب شاي لشاكر مصطفى سليم على حساب علي الوردي : http://darbouna.blogspot.com/2008/09/blog-post.html

[9]  علي الوردي – شخصية الفرد العراقي ص46، 47، 51، 68

[10]  علي الوردي – لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث – الاشراف وابن سعود

[11]  علي الوردي – الاحلام بين العقيدة والعلم

[12]  العلوم الحقيقية – جامعات حاولت اثبات الباراسايكولوجي : http://real-sciences.com/?p=5912

[13]  الباحثون السوريون – هل التخاطر علم حقيقي : http://www.syr-res.com/article/2663.html

[14]  علي الوردي – لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث – الجزء الخامس القسم الثاني صفحة 386

[15]  علي الوردي – شخصية الفرد العراقي ص16

[16]  العلوم الحقيقية لماذا علم الاجتماع ليس علماً :  http://real-sciences.com/?p=6692