حاليا هناك مجالان في الطب الشعبي الإيراني، أولهما الطب الشعبي القائم على الدجل والخرافات والذي يتضمن طيفاً واسعاً من الممارسات من خلفيات مختلفة ، وهذه الممارسات ليس لها أساس علمي صحيح وتعتمد على إعطاء الأمل الزائف للمرضى. هذا النوع لا يحظى بتأييد وزارة الصحة الإيرانية وتصنفه على أنه ممارسة مضرة وتسعى إلى حظره. أغلب الممارسين في هذا المجال من الطب الشعبي ذو اختصاصات مختلفة ويدعون انهم مختصين في الطب الشعبي اعتمادا على تجاربهم الشخصية.
والنوع الثاني هو الطب الشعبي الأكاديمي والذي يمكن تصنيفه أيضا إلى نوعين
1- النوع الصالح علمياً والذي يسعى إلى إعطاء علاجات للحالات المرضية مستمدة من الطب الشعبي.
2- النوع الثاني هو الطب الزائف والذي يتضمن نظريات طبية قديمة مهملة كالخلطات العلاجية التي تحتوي على كثير من المخاطر الصحية. أغلب ممارسي الطب الشعبي الأكاديمي هم من خريجي مدارس الطب الشعبي المنتشرة في إيران وبعضهم يحمل شهادات عليا (Ph.D ) في الطب الشعبي.
سنطرح في هذا المقال مجموعة من ادعاءات ممارسي الطب الشعبي الإيراني القائم على الدجل والخرافات:-
1- “القوى الخارجية المعادية خططت لتغذية الدواجن وتطعيمها بنظام غذائي يؤدي إلى خفض حجم القضيب لدى الشباب الإيراني ” الدكتور حسن رضا زادة أحد أكثر الممارسين الشعبين شهرة.
2- “تطعيم الأطفال هو ممارسة مدعومة بواسطة الطب الاستعماري، يجب على الآباء تجنب التطعيم واستبداله بالحجامة وإعطاء أطفالهم الثوم المطبوخ وزيت الزيتون” الشيخ عباس التبريزي شخص آخر مشهور معروف في الطب الإسلامي.
3- في برنامج مباشر على التلفزيون الرسمي الإيراني ورداً على سؤال متصل اشتكى من نقص في عدد كريات الدم البيض أجاب حسين خيراندش وهو أيضا ممارس مشهور “اطبخ دماغي جمل ودماغ خروف، وامزجهما معا مع العسل وتناول ملعقة من هذا المزيج كل يوم وسوف تزداد أعداد كريات الدم البيض لديك” .
العلم الزائف وعلم وظائف الأعضاء (الفسلجة) بعض من ممارسات للطب الشعبي الإيراني
أحد الأسس الزائفة للطب الشعبي الإيراني تتمثل باعتماده على نظرية العناصر الأربعة والتي تدعي أن المكونات الأساسية للعالم هي (الماء، الهواء، النار، والأرض) هذه النظرية تم تبنيها قديما من قبل علماء مسلمين وفلاسفة من أمثال ابن سينا، وحالياً تعتبر نظرية غير صحيحة ومهملة، ولكن ممارسي الطب الشعبي يدافعون عن هذه النظرية على اعتبار أن هذه العناصر هي عبارة عن مفاهيم رمزية أو مجازية تشرح جودة الأشياء وهذا ادعاء صحيح جزئيا حتى أن القدماء من أتباع هذه النظرية اعتقدوا أنهم غير قادرين على إظهار هذا العناصر بصورة نقية إلى العالم الحقيقي ، بينما يمتلك العلم الحديث نظرية مختلفة كما هو واضح في الجدول الدوري للعناصر ولكن أصحاب نظرية العناصر الأربعة يصرون على استخدام حسابات ومفاهيم تم التخلي عنها من قبل الكيمياء والفيزياء الحديثة.
هناك نظرية أخرى مشابهة لنظرية الأركان الأربعة وهي النظرية الخلطية، والتي تنص على أن جسم الإنسان مكون بشكل أساسي من (الدم ، البلغم ، العصارة الصفراء ، العصارة السوداء ) هذه العناصر الأربعة هي تفسير للمواد التالية (الحر، البرد، الجفاف، الرطوبة) ويروج ممارسو الطب الشعبي أن الصحة هي عبارة عن توازن لهذه المواد في الجسم كذلك يدعون أن الطعام المهضوم في الكبد ويذهب إلى بقية أعضاء الجسم ويأخذ شكلها ومن ثم يذهب إلى الروح البشرية، في الواقع لا دليل علمي على النظرية الخلطية ولكن لماذا يصر عليها ممارسي الطب الشعبي؟ الجواب هو أنها تعطي الأولوية للحفاظ على المفهوم التقليدي للطب والصاقه بالحقائق العلمية دون أن يكون لها أساس علمي صحيح.
تشريح خاطئ
يعتمد الطب الشعبي الإيراني على كتب قديمة في التشريح والتي تكون محتوية على عدد كبير من الأخطاء العلمية، أنهم يعتمدون على كتب إبن سينا ومحمد زكريا الرازي والذين استمدوا معلوماتهم أيضا من ترجمة كتب جالينوس.
ان معرفة العلماء المسلمين في التشريح تعتبر خاطئة في معظمها فلم تكن لهم فكرة عن الدورة الدموية على سبيل المثال وكذلك كانوا يعتقدون بوجود 7 أزواج من الأعصاب الدماغية بدلا من 12 زوج . من ضمن الادعاءات القديمة والتي لا تزال تدرس في مدارس الطب الشعبي الإيراني أن الدم ينتج في الكبد ثم ينتقل ليستهلك في بقية أعضاء الجسم.
ومن الأمثلة على الاعتماد على التشريح الخاطئ هو أن ممارسي الطب الشعبي ما زالوا يصفون الحجامة والتي تعتمد على النظرية القديمة في دوران الدم ، أن الدراسات العلمية لم تثبت آي أثر مفيد للحجامة باستثناء أنها تعطي تأثير وهمي بزوال الألم .
تجاهل التطورات المهمة في الطب
بالإضافة إلى التشريح الخاطئ والنظريات القديمة يعتمد ممارسو الطب الشعبي التقليدي على كتابات أطباء لم يكن لهم أدنى معرفة بتطور الطب في العصور من بعدهم ومن الأمثلة نظرية الأمراض الجرثومية فحتى طلاب المدارس الثانوية يعرفون أن الطاعون والكوليرا و الأنفلونزا تنتقل بفعل الميكروبات بينما يعزو ممارسو الطب الشعبي هذه الأمراض إلى الطبيعة الحارة والباردة للأمراض .
تدخلات فاشلة وضارة
كما بينا في الحجامة فإن الطب الشعبي غني بالتدخلات المعتمدة على النظريات القديمة والغير معتبرة حاليا ومن الأمثلة على ذلك في الوقت الذي انتشرت فيه الكوليرا في إيران ادعى ممارسوا الطب الشعبي أن الكوليرا لها طبيعة حارة لذلك وصفوا للعديد المرضى الإنغماس في الماء البارد جدا مما أدى إلى موت العديد من المرضى!.
منظمة الصحة العالمية WHO والطب الشعبي
كثيراً ما يتفاعل المدافعون عن الطب الشعبي عن المنشورات العلمية للـ WHO بما في ذلك استراتيجية منظمة الصحة العالمية للطب التقليدي 2014- 2023 للادعاء بصحة الطب الشعبي ولكن هذه الحجة تتجاهل بعض النقاط المهمة:
1-لا يمكن الطعن في توصية أو خطة مطروحة من قبل منظمة في محاجة أكاديمية مالم يتم تقديم الحجج والأدلة وتقييمها.
2- أن المنظمات الدولية ليست دائما محايدة وغير متحيزة فقد تكون أماكن للضغط السياسي لتحقيق المصالح الخاصة بالدول، فالدول التي تسعى إلى زيادة مبيعاتها من منتجات الطب الشعبي تسعى لاستخدام هذه المنظمات للترويج لها.
3- أحد الأهداف الأساسية لاستراتيجية منظمة الصحة العالمية حول الطب التقليدي هو تعزيز الاستخدام الأمن والفعال للطب الشعبي وتطوير البحوث الخاصة به ودمج الممارسين له في النظام الصحي.
الخاتمة
الطب الشعبي الإيراني:- هو مصطلح يشير تاريخيا إلى مزيج من إنجازات وحالات فشل الأطباء الفرس؛ ومع ذلك فهو لا يشير حاليا إلى مدرسة أكاديمية معينة، فالطب هو كالكيمياء والفيزياء لا يمكن تقسيمه إلى طب صيني وطب هندي الخ….
والطب الشعبي في الوقت نفسه مصدر غني بالعلاجات فإذا أثبتت بعض العلاجات صحتها وأمنها من ناحية الاستخدام يتم طرحها إلى السوق وفق معايير الطب الحديث. وعلى الحكومة الإيرانية منع ممارسي الطب الشعبي القائم على الدجل من وصف العلاجات التي لم يتم اختبار فاعليتها وعلى الطب الشعبي الأكاديمي أن يركز على استخلاص علاجات التي تسند الطب الحديث بعلاجات آمنة وفعالة.